الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحرم القرض، وكون المقترض بعد تملكه للقرض قد يفعل به ما حرم الله هذا لا يسأل عنه المقرض، وإنما يسأل عنه المقترض، وهذا يمكن تخريجه على مذهب الشافعي الذي ينظر إلى ظاهر العقود دون ما ينويه العاقدان.
(1)
.
وهذا القول من الشافعي رحمه الله مطرد مع أصل مذهبه من تقديم ظاهر اللفظ على النية في العقود، وهذا القول من الشافعي مرجوح، وقد ناقشته في مسألة مستقلة في باب موانع البيع.
الوجه الثاني:
أن الإعانة على المعصية حرام ولكن الإعانة الحقيقية هي ما قامت المعصية بعين فعل المعين، ولا يتحقق إلا بنية الإعانة أو التصريح بها، أو تعينها في استعمال هذا الشيء بحيث لا يحتمل غير المعصية، وما لم تقم المعصية بعينه لم يكن من الإعانة حقيقة، بل من التسبب، ومن أطلق عليه لفظ الإعانة فقد تجوز.
ثم التسبب على قسمين: بعيد وقريب.
أما البعيد فلا حرمة فيه؛ ولو اعتبر ذلك لم يبق عمل مباح على وجه الأرض،
(1)
الأم (3/ 74).
فإن زراعة الحبوب الغذائية والثمار يسبب النفع لأعداء الله، وكذلك من ينسج الثياب فإنه يهيئ لباسًا للبر والفاجر، وربما يستعمله الفاجر في فجوره.
وأما السبب القريب فهو على قسمين:
الأول: ما كان باعثًا للإثم بمعنى كونه محركًا له، بحيث لولا هذا ا لسبب لما صدرت المعصية، وإن إحداث مثل هذا السبب حرام كارتكاب المعصية سواء بسواء، وفي هذا القسم من السبب قال فيه الشاطبي في الموافقات: «إن إيقاع السبب بمنزلة إيقاع للمسبب
…
»
(1)
.
قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].
فلما كان سب الأصنام يؤدي إلى سب الله نهى الله سبحانه وتعالى عن سب الأصنام؛ سدًا للذريعة.
القسم الثاني من السبب القريب ما ليس بمحرك للمعصية في نفسه، بل تصدر المعصية بفعل فاعل مختار، مثل بيع العنب لمن يعصره خمرًا، فالعنب لم تقم المعصية بعينه، بل بعد تغيره ومثله إجارة الدار لمن يتعبد فيها للأصنام.
وجاء في التاج والإكليل: «إذا ظهرت من مكتري الدار خلاعة، وفسق، وشرب خمر لم ينتقض الكراء، ولكن الإمام يمنعه من ذلك، ويكف أذاه عن الجيران
…
»
(2)
.
ويقول الخرشي: «الإجارة لا تنفسخ بظهور المستأجر فاسقًا يشرب فيها الخمر، أو يزني، أو نحو ذلك .. »
(3)
.
(1)
الموافقات (1/ 211).
(2)
التاج والإكليل (5/ 435).
(3)
الخرشي (7/ 33).