الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجهه: أنه قد يختبره بعد التفرق، فيجده ناقصًا، فإن رجع عليه أدى ذلك إلى الصرف مع التأخير. وإن اشترط عدم الرجوع لزم من ذلك أكل أموال الناس بالباطل، ويلزم منه أيضًا عدم التماثل في بيع ربوي بجنسه، وهذا لا يجوز.
قال ابن قدامة: «إذا علم المصطرفان قدر العوضين جاز أن يتبايعا بغير وزن. وكذلك لو أخبر أحدهما الآخر بوزن ما معه فصدقه فإذا باع دينارًا بدينار كذلك وافترقا فوجد أحدهما ما قبضه ناقصًا بطل الصرف ; لأنهما تبايعا ذهبا بذهب متفاضلًا فإن وجد أحدهما فيما قبضه زيادة على الدينار نظرت في العقد فإن كان قال: بعتك هذا الدينار بهذا. فالعقد باطل; لأنه باع ذهبًا بذهب متفاضلًا.
وإن قال: بعتك دينارًا بدينار، ثم تقابضا كان الزائد في يد القابض مشاعًا مضمونا لمالكه; لأنه قبضه على أنه عوض ولم يفسد العقد; لأنه إنما باع دينارًا بمثله وإنما وقع القبض للزيادة على المعقود عليه فإن أراد دفع عوض الزائد جاز سواء كان من جنسه أو من غير جنسه ; لأنه معاوضة مبتدأة وإن أراد أحدهما الفسخ فله ذلك ; لأن آخذ الزائد وجد المبيع مختلطا بغيره معيبًا بعيب الشركة ودافعه لا يلزمه أخذ عوضه إلا أن يكون في المجلس فيرد الزائد ويدفع بدله»
(1)
.
الراجح:
أن البيع صحيح إذا صدق أحدهما صاحبه بمقدار ما باعه، لأن الأصل أن خبر المسلم على الصدق.
(ح-825) وأما ما يرويه ابن ماجه من طريق وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن
(1)
المغني (4/ 49).
أبي الزبير،
عن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري
(1)
.
[فإسناده ضعيف]
(2)
.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هناك فرقًا بين أن يشتري الإنسان الطعام بكيل، فقبضه لا يكون إلا بكيله، وبين أن يصرف الدراهم بالدراهم، ويصدق صاحبه، ولذلك فرق الجمهور بينهما، فتجد أن الجمهور قبلوا التصديق في الصرف، ولم يقبلوا في الطعام إذا اشتري بكيل إلا أن يكال مرة أخرى للمشتري، ولا يكتفى بعلم البائع بكيله.
(3)
.
ففرق الجمهور في الربوي بين الطعام إذا اشتري بكيل، فلا بد من إعادة كيله، ولا يكتفى بعلم البائع، وبين خبر البائع في مقدار الصرف إذا صارفه دراهم بدراهم من جنسها، وصدقه المشتري، وإن كان الجميع يجب فيهما التماثل.
* * *
(1)
سنن ابن ماجه (2228).
(2)
في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ضعيف،
وقد رواه عبد بن حميد في مسنده (1059)، الدارقطني في سننه (3/ 8) والبيهقي في سننه (5/ 316) من طريق عبيد الله بن موسى، عن ابن أبي ليلى به.
(3)
فتح الباري (4/ 351).