الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في شروط الصرف
الشرط الأول
وجوب التماثل عند اتحاد الجنس
[م-1215] اختلف العلماء في وجوب التماثل عند اتحاد الجنس:
فقيل: يشترط في عقد الصرف التماثل في القدر عند اتحاد الجنس، وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم
(1)
.
(ح-816) لما رواه البخاري من طريق مالك، عن نافع،
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز. ورواه مسلم
(2)
.
(ح-817) وروى مسلم من طريق ابن أبي نعم،
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، والفضة بالفضة وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، فمن زاد أو استزاد فهو ربا
(3)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (5/ 168)، تحفة الفقهاء (2/ 25)، بدائع الصنائع (5/ 183)، المفهم (4/ 484)، شرح الزرقاني (3/ 354)، منح الجليل (5/ 3)، مواهب الجليل (4/ 300)، الخرشي (5/ 36)، حاشية الدسوقي (3/ 28)، المغني (4/ 25)، تفسير آيات أشكلت (1/ 680)، المبدع (4/ 128)، الإنصاف (5/ 11)، الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 52)، المحرر في الفقه (1/ 318).
(2)
صحيح البخاري (2177)، ومسلم (1584).
(3)
صحيح مسلم (1588).
(ح-818) وروى البخاري من طريق عبد الرحمن بن أبي بكرة قال:
قال أبو بكرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء، والفضة بالفضة إلا سواء بسواء، وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم
(1)
.
(ح-819) ما رواه مسلم من طريق مالك بن أبي عامر يحدث.
عن عثمان بن عفان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين
(2)
.
(ح-820) كما روى مسلم من طريق أبي الأشعث.
عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة ..... مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد .... الحديث
(3)
.
القول الثاني:
ذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلا أنه لا يجب التماثل عند اتحاد الجنس، وقال: لا ربا إلا في النسيئة
(4)
، وأخذه عنه طلابه في مكة
(5)
. وهو مروي عن ابن مسعود رضي الله عنه
(6)
.
(1)
صحيح البخاري (2175)، ورواه مسلم بنحوه (1590).
(2)
صحيح مسلم (1585).
(3)
صحيح مسلم (1587).
(4)
البخاري (2175)، ورواه مسلم (1590).
(5)
الاستذكار (19/ 208).
(6)
رواه البيهقي في المعرفة (8/ 43) من طريق الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: أما لا بأس بالدرهم بالدرهمين. وهذا منقطع.
وقد سبق أن حررنا أدلة ابن عباس وأجبنا عنها، وإنما اقتضى التذكير في الخلاف عند الكلام على شروط الصرف.
القول الثالث:
ذهب المالكية إلى أنه إن باع الذهب بالذهب وزنًا بوزن فيجب فيه التساوي في الوزن ولو تفاضل في العدد، ولا يجوز فيه الزيادة ولو كانت على وجه المعروف والمسامحة.
وإن باع الذهب بالذهب عددًا، فيجوز فيه الزيادة اليسيرة على وجه المعروف والمسامحة.
(1)
.
قال الباجي: «وبدل الدنانير بالدنانير، والدراهم بالدراهم على وجهين:
أحدهما وزنًا، والثاني: عددًا. فأما الوزن فلا يجوز فيه إلا التساوي، ولا يجوز فيه زيادة على وجه معروف، ولا بمسامحة ..... وأما المبادلة بالعدد فإنه يجوز ذلك وإن كان بعضها أوزن من بعض في الدينار والدينارين على سبيل المعروف والتفضل، وليس ذلك من التفاضل؛ لأنهما لم يبنيا على الوزن، ولهذا النوع من المال تقديران: الوزن والعدد، فإن كان الوزن أخص به، أولى فيه إلا أن العدد معروف، فإذا عمل به
(1)
الموطأ (2/ 638).
على العدد جوز يسير الوزن زيادة على سبيل المعروف ما لم يكن في ذلك وجه من المكايسة والمغابنة، فيمنع منه. وهذا عندنا مبني على مسألة العرية، وذلك أن العرية لما كان للثمرة تقديران: أحدهما: الكيل، والآخر الخرص، والتحري، جاز العدول عن أولهما إلى الثاني للضرورة على وجه المعروف، فكذلك الدنانير والدراهم»
(1)
.
والحاصل أن المبادلة عند المالكية إما أن تكون الدراهم والدنانير فيها من أحد الجانبين مساوية للجانب الآخر، وإما أن تكون غير مساوية، بل فيها زيادة من أحد الجانبين، فإن كانت مساوية جازت المبادلة مطلقًا بلا شرط، وإن كان فيها زيادة من أحد الجانبين فلا يجوز إلا بشروط سبعة:
الأول: أن تقع بلفظ المبادلة.
الشرط الثاني: أن يكون التعامل بها عددًا، فإن تعامل بها وزنًا وجب التساوي، قال ابن عبد السلام:«فلا تجوز إلا في الدنانير والدراهم إذا كان التعامل بها عددًا، وأما إذا كان كالمجموعة وشبهها، أو كان الذهب أو الفضة تبرًا، أو مصوغًا فلا يجوز إلا بالوزن، فتعود مراطلة؛ لأنه إذا كان التعامل عددًا صار البعض اليسير يجري مجرى الرداءة والكمال مجرى الجودة بخلاف التبر ونحوه»
(2)
.
الشرط الثالث: أن تتحد السكة، وقال في حاشية العدوي: ولا يشترط اتحاد السكة على الراجح.
الشرط الرابع: أن تكون الدراهم والدنانير التي تقع فيها المبادلة قليلة.
(1)
المنتقى للباجي (4/ 259).
(2)
مواهب الجليل (4/ 332 - 333).
الشرط الخامس: وأن تكون في العدد ستة فما دون، فإن زاد العدد على ستة، أو كانت الزيادة في كل واحد منها أو بعضها أكثر من السدس وجب التساوي.
الشرط السادس: أن تكون الزيادة في الوزن لا في العدد، بحيث تكون المبادلة واحدًا بواحد، لا واحدًا باثنين.
الشرط السابع: وأن يقصد بالزيادة المعروف
(1)
.
الراجح:
بعد استعراض الأدلة أجد أن القول الراجح هو قول الجمهور، وهو أنه يجب التماثل عند اتحاد الجنس، وأما مذهب المالكية في جواز الزيادة بالمبادلة بالشروط التي ذكرها المالكية، فهو قول مرجوح.
(ح-821) لما رواه مسلم من حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدينار بالدينار لا فضل بينهما، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما.
وأما القياس على العرايا، فالعرايا رخصة، وقد ورد في النص أنه رخص فيها ولم يرخص في غيرها.
(ح-822) فقد روى البخاري ومسلم من طريق سالم بن عبد الله ابن عمر، عن عبد الله بن عمر.
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر، ولم يرخص في غيره
(2)
.
* * *
(1)
انظر الخرشي (5/ 49)، الفواكه الدواني (2/ 73، 74)، حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني (2/ 141)، حاشية الدسوقي (3/ 41).
(2)
صحيح البخاري (2184)، ومسلم (1539).