الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه لا يجري فيها لا ربا ا لفضل، ولا ربا النسيئة، فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلًا، كما يجوز بيع بعضها ببعض نسيئة، فلا تجري عليها أحكام الصرف؛ لأنها ليست ذهبًا، ولا فضة.
كما أنه لا يجوز أن تكون رأس مال في عقد السلم لدى من يقول باشتراط أن يكون رأس مال السلم نقدًا من ذهب أو فضة أو غيرهما من أنواع النقد؛ لأن الأوراق النقدية بمقتضى هذا القول عروض، وليست أثمانا.
ويناقش هذا القول:
بأن هذا القول خطير جدًا حيث يفتح باب الربا على مصراعيه للبنوك الربوية، وبدلًا من تقديم القروض بفوائد مجمع على تحريمها تستبدل ذلك بأن تبيع الدراهم بدارهم أكثر منها نسيئة، دون أن تغير شيئًا في حقيقة المعاملة، كما أنه سيحرم الفقراء كثيرًا من أموال الزكاة.
وأما القول بأن الورق النقدي يخالف الذهب والفضة في المعيار، حيث إن التقدير في الذهب والفضة الوزن، وأما الأوراق النقدية فليست مكيلة ولا موزونة، فهذا يقال لمن يقول: إن علة الربا في الذهب والفضة الوزن، وأما من يرى أن علة الربا هي مطلق الثمنية كما رجحنا عند الكلام على علة الربا في الذهب والفضة فلا يعترض عليه بذلك، وسنزيد الأمر إيضاحًا إن شاء الله تعالى عند الكلام على بيان الراجح.
القول الثالث: أنها ملحقة بالفلوس
.
وجه هذا القول:
أن الأوراق النقدية تشبه الفلوس من حيث:
رواجها، وطروء الثمنية عليها، فكلاهما نقد اصطلاحي، وكلاهما ليسا ذهبًا ولا فضة.
إلا أنهم اختلفوا في مقتضيات هذا القول كما اختلفوا في الفلوس:
فمن اعتبر الفلوس عروضًا اعتبر النقود عروضًا، فيكون هذا القول يرجع إلى القول السابق بأنها عروض.
ومن اعتبر الفلوس أثمانًا ألحق الأوراق النقدية بالنقدين في وجوب الزكاة، وجريان ربا النسيئة فيها، إلا أنه لم يلحقها بالنقدين في ربا الفضل، فأجاز بيع بعضها ببعض متفاضلًا إذا كان يدًا بيد؛ وهذا ما ذهب إليه شيخنا ابن عثيمين عليهما رحمة الله
(1)
.
وقد استند أصحاب هذا القول في التفريق بين ربا الفضل وربا النسيئة إلى مبررات منها:
(أ) أن ربا الفضل حرم تحريم وسائل، لكونه وسيلة إلى ربا النسيئة.
(ب) أن الأوراق غير منقودة حقيقة.
(ج) أن بعض العلماء أجاز بيع الفلوس بعضها ببعض، أو بأحد النقدين مع التفاضل إذا كان يدًا بيد، ومنع ذلك مؤجلًا؛ والأوراق إلى الفلوس أقرب منها إلى النقدين.
(1)
هناك فرق بين رأي شيخنا ابن عثيمين، وبين رأي شيخه عبد الرحمن السعدي، وقد أوضحه شيخنا في شرحه للزاد، يقول شيخنا رحمه الله في الشرح الممتع (8/ 405) «اختار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله أيضًا أنه يجوز بيع الفلوس بعضها ببعض، ولو متفاضلًا، ولو تأخر القبض، لكن بشرط ألا يكون مؤجلًا، بأن أقول: بعت عليك مائة دولار بأربعة آلاف ريال إلى سنة، فهذا لا يجوز عنده، لكن إذا قال: بعت عليك مائة دولار بأربعة آلاف ريال، ولم نتقابض فهذا صحيح عنده، لكن فيه نظر؛ لأنه مبني على أن هذا كالفلوس، والفلوس على المذهب ليس فيها ربا نسيئة، ولا ربا فضل، وفي المسألة قول آخر في الفلوس أنه يجري فيها ربا النسيئة دون الفضل، وهذا هو الأقرب؛ لأن الفلوس في الحقيقة قيمتها قيمة رسمية فقط، فالأوراق النقدية مثل الفلوس، وهذا قول وسط
…
».