الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسبب هذه التسمية:
أن وظيفة البنوك كانت في مرحلة من تاريخها مقتصرة على قبول الودائع من معادن ثمينة، وعملات مقابل حصولها على عمولة لقيامها بالحراسة، والمحافظة على الوديعة، ولكن البنوك قد تغيرت وظيفتها فلم تعد تتقبل الودائع من الناس من أجل حفظها، وإنما أصبحت تتملك تلك الودائع، وتتصرف فيها وذلك حين رأى أصحاب المصارف أن نسبة ضئيلة من المودعين هي التي تسترد ودائعها كاملة في آن واحد، وأن لديهم حصيلة كبيرة من نقود الودائع عاطلة، وأن من المفيد لهم إقراضها بفائدة، فأصبحوا يقرضون ما أودع الناس لديهم بعد تقديم ضمانات كافية، وتوسعوا في ذلك حتى أصبحت تلك المصارف تقرض من نقود ليس لها وجود، أي أنها تخلق هذه النقود خلقًا، ومع تغير وظيفة المصارف من حفظ الودائع إلا الاقتراض بفائدة والإقراض بفائدة إلا أنها أبقت على التسمية الأولى، وهي اسم الوديعة لكل ما تتلقاه من الجمهور
(1)
.
* * *
(1)
انظر محاضرات في النقود والبنوك - أحمد عوض (ص: 11 - 12).
المبحث الثاني
في أقسام الودائع المصرفية
[ن-76] تنقسم الودائع المعمول بها في البنوك على اختلاف مسمياتها إلى نوعين من الحسابات:
النوع الأول:
ودائع مصرفية لا تساهم في النشاط الاستثماري للمصرف. وهذه تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
(أ) الوديعة المستندية: وهو أن يقوم البنك بحفظ الصكوك والأوراق المالية لعملائه ثم يردها عينًا، ولا يملك المصرف التصرف فيها إلا بإذن أصحابها، ويتقاضى مقابل ذلك عمولة مقدرة، وهذه الودائع تأخذ حكم الوديعة الفقهية من كل وجه.
(ب) الودائع المخصصة لغرض معين.
وهي أن يودع شخص لدى المصرف مبلغًا معينًا نقديًا، ويوكله بشراء أوراق مالية، أو الاكتتاب في أسهم معينة، أو الوفاء بكمبيالة مثلًا، ويتقاضى البنك مقابل ذلك عمولة مقدرة، وأخذها جائز من الناحية الفقهية؛ لأنه من قبيل الوكالة بأجر، حيث يعتبر البنك هو الوكيل، والمودع هو الموكل، والنقود هي الوديعة.
وقد تخصص الوديعة لضمان ائتمان أو قرض قدمه البنك للمودع، فتكون في حكم الرهن.
(جـ) وديعة الخزائن الحديدية، وهو عقد يلتزم المصرف بمقتضاه بوضع خزانة
معينة تحت تصرف عميله المستأجر، وتمكينه من الانتفاع بها لمدة معينة لقاء أجرة معلومة.
ويستخدم العملاء هذه الخزائن لحفظ أماناتهم النقدية، ووثائقهم الشخصية، ومستنداتهم التجارية، أو بعض الأموال العينية كالمجوهرات، وما شابه. ويسمح للعميل بالدخول إلى الخزانة التي استأجرها في مواعيد العمل الرسمية للمصرف أو حسب الاتفاق ليسحب منها ما يريد، أو يضع فيها ما يريد حفظه بشرط ألا يكون هذه الشيء مضرًا، أو مخالفًا للقانون. ولا يسمح بدخول الصالة إلا لأصحاب الخزائن وحدهم، أو وكيله المفوض بذلك، ولكل صندوق منها مفتاحان مختلفان يعملان معًا بحيث يحتفظ المصرف بالمفتاح الأول، والذي يكون مفتاحًا مشتركًا في الغالب لكل الصناديق الموجودة في الخزانة الواحدة ويسمى (Master) بينما يسلم المفتاح الآخر للعميل.
وبهذا يكون العقد قد تضمن أمرين:
(1)
- الانتفاع الدائم بالخزانة طوال فترة العقد.
(2)
- حفظ الوديعة عندما تودع في الخزانة.
فالعقد يجمع بين عقد الوديعة والإجارة بشكل متداخل.
فيرى آخرون أن عقد الإجارة هو الأقرب لكون العميل يتمتع بنوع من الحيازة الخاصة للأشياء التي يضعها بنفسه في الخزانة، فهو وحده الذي يعلم مقدار وبيان هذه الأشياء، بل يستطيع أن يترك الخزانة فارغة دون أن يؤثر ذلك في صحة عقد إيجار الخزانة، فلو كان العقد عقد وديعة لما سمح المصرف للعميل بالتصرف بمحتويات الخزانة إلا بعد اطلاع المصرف على كل تعديل يجري في محتويات الخزانة، إذ هو المسئول عنها، ويده يد أمانة، فالمصرف ليس له إلا
تسهيل مرور العميل من أجل الوصول إلى خزانته، ثم يأتي دور العميل ليتصرف بخزانته كما يشاء دون رقابة من المصرف.
بينما يرى آخرون أن عقد الوديعة أقرب منه إلى الإيجار، فجوهر ما فيه هو فكرة الحفظ والصيانة، لا فكرة الاستئجار، ووجود الخزانة في حيازة المصرف أمر جوهري في العقد فالعميل لا يستأجر الخزانة لمجرد ملئ ما بداخلها من فراغ بأشيائه الخاصة، كما يفعل مستأجر البيت والسيارة، وإنما يستأجر العميل الخزانة لكونها في حفظ المصرف وحراسته
(1)
.
النوع الثاني:
ودائع مصرفية تساهم في النشاط الاستثماري للمصرف، وهذه تنقسم إلى أقسام.
(1)
- ودائع تحت الطلب، وتسمى بـ (الحسابات الجارية).
(2)
- الودائع الآجلة، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:
(أ) ودائع ذات أجل ثابت معين.
(ب) حسابات التوفير (الودائع الادخارية).
(جـ) ودائع بشرط الإخطار.
وسوف نعرف كل واحدة من هذه الودائع، وبيان تكييفها، وحكمها الشرعي في المباحث التالية.
* * *
(1)
انظر العقود وعمليات البنوك التجارية - علي البارودي (ص: 27) نقلًا من كتاب الخدمات المصرفية وموقف الشريعة الإسلامية منها - د. علاء زعتري (ص:314).