الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من ذلك:
أن يقول أبيعكها بمائة إلى سنة، على أن أشتريها منك بثمانين حالة، وهذا بيع العينة المنهي عنه، فاجتماعهما أدى إلى المنع، وإن كان كل منها جائزًا بانفراده.
ومنه لو باع عليه ذهبًا، واشترط عليه أن يشتري منه بثمنه ذهبًا آخر، فإنه حيلة لمبادلة الذهب بالذهب مع التفاضل.
ومنه لو باعه الجمع (التمر الرديء) بالدراهم، ثم ابتاع بالدراهم جنيبًا (تمرًا طيبًا) وكان ذلك عن مواطأة.
فليس كل عقد جاز منفردًا جاز مضمومًا إلى غيره، فهذا عقد القرض جائز بالإجماع، وعقد البيع جائز بالإجماع، وإذا باعه بشرط أن يقرضه حرم ذلك بالإجماع.
(ح-857) لما رواه أبو داود الطيالسي من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،
عن عبد الله بن عمرو، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن
(1)
.
[إسناده حسن]
(2)
.
والمراد بالسلف: هو القرض في لغة الحجاز، فنهى عن الجمع بين البيع والقرض، وإنما نهى عن الجمع بين البيع والقرض وإن كان كل واحد منهما صحيحًا بانفراده لأنه ربما حاباه في البيع لأجل القرض، فيؤدي إلى أن يجر
(1)
مسند أبي داود الطيالسي (2257).
(2)
سبق تخريجه، انظر (ح 232).
القرض نفعًا للمقرض، فلما كانت الفائدة على القرض ربما تستتر بعقد البيع نهى عنها الشارع.
وقد حكى الإجماع غير واحد من أهل العلم على تحريم اشتراط البيع مع عقد القرض.
قال الباجي في المنتقى: «لا يحل بيع وسلف، وأجمع الفقهاء على المنع من ذلك
…
»
(1)
.
وقال القرافي: «وبإجماع الأمة على جواز البيع والسلف مفترقين، وتحريمهما مجتمعين لذريعة الربا»
(2)
.
وقال في مواهب الجليل: «واعلم أنه لا خلاف في المنع من صريح بيع وسلف»
(3)
.
وقال الزركشي في البحر المحيط: «وبالإجماع على جواز البيع والسلف مفترقين، وتحريمهما مجتمعين للذريعة إليها»
(4)
.
كما حكى الإجماع على التحريم ابن قدامة في المغني
(5)
وغيرهم.
إذا علم ذلك نأتي إلى مسألتنا، فإذا كان تقديم الضمان للتاجر مشروطًا في أخذ العوض على تلك الخدمات فإن أخذ العوض على تلك الخدمات حينئذ يكون محرمًا خشية أن يؤدي ذلك إلى أخذ العوض على الضمان بعقد مستتر باسم الأجرة على تقديم تلك الخدمات، والله أعلم.
(1)
المنتقى (5/ 29).
(2)
الفروق (3/ 266).
(3)
مواهب الجليل (4/ 391).
(4)
البحر المحيط (8/ 91).
(5)
المغني (4/ 162).
ولا فرق في تحريم أخذ العوض على الضمان أن يكون الدافع للعوض هو المضمون عنه (المدين)، أو المضمون له (الدائن) في الحكم الشرعي؛ لأن ذلك في كلا الحالين سيؤدي إلى قرض جر نفعًا.
جاء في شرح الخرشي: «تبطل الحمالة إذا فسدت نفسها كما إذا أخذ الضامن جعلًا من رب الدين، أو من المدين، أو من أجنبي؛ لأنه إذا غرم رجع بما غرمه مع زيادة الجعل، وذلك لا يجوز؛ لأنه سلف بزيادة»
(1)
.
وهذا هو القول هو الراجح فيما أرى، والله أعلم.
* * *
(1)
الخرشي (6/ 30)، وانظر الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 442).