الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقول بعدم جواز أخذ العوض عن المعروف والقرب فيه نظر، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم جواز اشتراط الأجر على الرقية بالقرآن
(1)
، وهي قربة من القرب، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنكح أحد أصحابه بما معه من القرآن.
(ح-857) فقد روى البخاري من طريق مالك، عن أبي حازم.
عن سهل بن سعد قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني قد وهبت لك من نفسي فقال رجل زوجنيها قال قد زوجناكها بما معك من القرآن. ورواه مسلم، واللفظ للبخاري
(2)
.
وتعليم القرآن قربة، وقد جعله صداقًا للمرأة في مقابل منفعة بضع المرأة، وهو عرض دنيوي.
الدليل الخامس:
استدل المانعون بأن الأصل في الكفالة أنها من عقود التبرعات، واشتراط الجعل فيها للضامن يخرجها من باب التبرعات إلى المعاوضات، فكان ذلك غير جائز.
وقد ناقش ذلك الدكتور نزيه حماد، وبين أن الفقهاء قد اختلفت تفسيراتهم بقولهم: إن الكفالة تبرع، وذلك على اتجاهين:
الاتجاه الأول:
فسر التبرع بأن الكفيل متبرع لا بالالتزام فحسب، وإنما بالمال الذي دفعه نيابة عن المكفول، فلا يرجع على المكفول بما أداه عنه، كما فعل أبو قتادة رضي الله عنه في كفالته لدين المتوفى حين امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على
(1)
صحيح البخاري (2276)، ومسلم (2201).
(2)
البخاري (2311)، ومسلم (1425).
الميت
(1)
، فإنه لو كان يستحق الرجوع لكانت ذمة الميت مشغولة بدينها كاشتغالها بدين المضمون له
(2)
.
وتفسير الضمان بأنه تبرع بأداء الدين غير صحيح، فإن جماهير العلماء يقولون بأن الكفيل إذا أدى الدين بأمر المكفول، أو أداه بنية الرجوع فإن له أن يرجع، ولا يعتبر بهذه الحال متبرعًا.
وقال النووي في الروضة: «لا يصح ضمان المحجور عليه لسفه وإن أذن الولي؛ لأنه تبرع، وتبرعه لا يصح بإذن الولي. كذا قال الإمام والغزالي: إن الضمان تبرع، وإنما يظهر هذا حيث لا رجوع، وأما حيث ثبت الرجوع فهو قرض محض»
(3)
.
وجاء في فتح العزيز: «واعلم أن القول بكون الضمان تبرعًا إنما يظهر حيث لا يثبت الرجوع، فأما حيث ثبت فهو إقراض، لا محض تبرع»
(4)
.
(1)
رواه البخاري من حديث سلمة بن الأكوع (2291).
(2)
قال السرخسي في المبسوط: «وكفالة الصبي التاجر بإذن أبيه، أو بغير إذنه بنفس أو مال باطلة؛ لأنه تبرع، ولا يملكه الصبي بغير إذن أبيه، ولا بإذنه كالهبة» .
وجاء في المدونة: «الكفالة عند مالك من وجه الصدقة» .
وقال الإمام الشافعي: «وإذا كفل العبد المأذون له في التجارة بكفالة، فالكفالة باطلة؛ لأن الكفالة استهلاك مال، لا كسب مال، فإذا كنا نمنعه أن يستهلك من ماله شيئًا قل أو كثر، فكذلك نمنعه أن يتكفل فيغرم من ماله شيئًا قل أو كثر» .
(3)
روضة الطالبين (4/ 241).
(4)
فتح العزيز (10/ 260).