الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقلنا بالكراهة: خوفًا أن تكون هناك عادة بين المتعاقدين على لزوم مثل ذلك، أو خوفًا من وقوع المواعدة.
قال في المنتقى لبيان وجه الكراهة: «لما فيه من مضارعة الحرام ومشابهته، وخوف المواعدة أو العادة فيه، فهذا يكره ابتداء، وإن وقع لم يفسخ؛ لأنه لم يوافقه قبل ذلك، ولم يعقد معه عقدًا يلزمه أحدهما لما لم يقررا ربحًا»
(1)
.
والراجح:
جواز ذلك بلا كراهة، كما سيأتي بيانه في الصور التالية مما ذكر فيها مقدار الربح، ولم يكن هناك إلزام بالوعد.
الصورة الثالثة:
[ن-95] أن يقول المشتري للبنك: اشتر سلعة كذا وكذا يصفها من غير تعيين، وأنا أربحك فيها، ويسلم الثمن في مجلس العقد.
فهنا البيع جائز على الصحيح، ولكن بشرط أن يستلم البنك الثمن، حتى يكون سلمًا حالًا، وقد ذكرت خلاف العلماء في السلم الحال، ولأنه إذا لم يسلم الثمن، نكون قد وقعنا في بيع الدين بالدين؛ فالمبيع دين في ذمة البائع؛ لأنه لم يشتريه بعد، والثمن دين في ذمة المشتري؛ لأنه لم يسلمه بعد، وهذا محرم كما سبق بيانه في مبحث بيع الدين بالدين.
الصورة الرابعة:
[ن-96] أن يقول المشتري للبنك: اشتر سلعة فلان (لسلعة معينة)، أو سلعة صفتها كذا وكذا، وأنا أربحك فيها كذا وكذا، ويذكر مقدار الربح، ولا يسلم الثمن في مجلس العقد.
(1)
المنتقى للباجي (4/ 288).
ففي هذه الصورة وعده بالشراء مع ربح معلوم، وهذه الصورة هي ما تسمى في عصرنا (بيع المرابحة للآمر وقيل: للواعد بالشراء)، وهي معاملة ذكرها الفقهاء المتقدمون، وليست معاملة محدثة كما ظنها بعض الفضلاء، وهذا العقد يتم على طريقتين:
الطريقة الأولى: أن يكون الوعد غير ملزم لأحد من الطرفين، فإذا اشترى البنك البضاعة، ودخلت ملكه، أخبر المشتري بذلك، وخيره، إن شاء اشترى، وإن شاء ترك، وهذا ما تطبقه شركة الراجحي المصرفية.
وهذا البيع بهذه الطريقة مختلف فيه.
فقيل: يجوز البيع، وهو مذهب الحنفية
(1)
، ومذهب الشافعية
(2)
، ومذهب الحنابلة
(3)
.
وذهب المالكية، إلى تحريم هذا البيع مطلقًا إذا ذكر مقدار الربح
(4)
. وهو ظاهر قول ابن تيمية
(5)
، ورجحه شيخنا ابن عثيمين رحمه الله
(6)
.
يقول الدردير من المالكية في الشرح الكبير: «ويكره أن يقول شخص لبعض أهل العينة إذا مرت عليك السلعة الفلانية فاشترها، ويومئ لتربيحه .... فإن صرح بقدر الزيادة حرم
…
»
(7)
.
(1)
المبسوط (30/ 237 - 238).
(2)
الأم (3/ 39).
(3)
إعلام الموقعين (4/ 23).
(4)
انظر الشرح الكبير (3/ 89)، التاج والإكليل (4/ 405)، مواهب الجليل (4/ 406)، الاستذكار (19/ 255)، الخرشي (5/ 107)، الكافي في فقه المدينة (ص: 325 - 326).
(5)
كما في جامع المسائل المجموعة الأولى ص: (225 - 226).
(6)
يذهب شيخنا إلى تحريم هذه المعاملة حتى ولو كان المشتري يريد السلعة لينتفع بها.
(7)
الشرح الكبير (3/ 89).