الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثالث:
أن الكفالة عقد قائم على التبرع ابتداء، والمعاوضة انتهاء إذا كانت بناء على طلب المكفول، وهذا بخلاف حال الضمان حيث إن نية التبرع ليست قائمة لا في الحال ولا في المآل.
ويناقش:
بأن هذا استدلال في محل النزاع، فنحن لا نقبل أبدًا أن يكون الضمان المصرفي محلًا للمعاوضة ابتداء، وأما المعاوضة انتهاء فإنْ آل الضمان إلى القرض تحول إلى معاوضة انتهاء وإلا بقي الضمان التزامًا مجردًا، وهذا لا فرق فيه بين خطاب الضمان وبين عقد الكفالة.
القول الثاني:
قيل: إن خطاب الضمان يجمع بين الكفالة والوكالة، فهو يتضمن معنى الضمان؛ لأنه التزام من المصرف للمستفيد، كما يتضمن معنى الوكالة حيث يقوم المصرف نيابة عن عميله بإجراءات إتمام ما يشتمل عليه كتاب الضمان، وتسهيلها، ويستحق ما يدفعه المصرف على الآمر في دفعه للمستفيد.
ويجاب:
بأن العقد إما عقد كفالة أو عقد وكالة، ولا يمكن أن يكون خطاب الضمان مجموع العقدين في آن واحد؛ لاختلاف أحكامهما، وقيام المصرف نيابة عن عميله بإجراءات إتمام ما يشتمل عليه كتاب الضمان لا يخرجه عن الضمان.
القول الثالث:
قيل: إن خطاب الضمان إذا كان غير مغطى من العميل فإن العقد عقد
ضمان، وعلى هذا فالضامن هو المصرف، والمضمون هو العميل، والمضمون له: هو الطرف الثالث (المستفيد).
أما إذا كان العميل قد أودع لدى المصرف ما يغطي الخطاب فإن العلاقة بينهما علاقة وكالة، حيث وكل العميل المصرف ليقوم بالأداء عنه، فلا توجد كفالة بين الطرفين غير أنها تكون بين المصرف والطرف الثالث (المستفيد) فالمستفيد يقبل خطاب الضمان من المصرف باعتبار المصرف كفيلًا، لا وكيلًا.
وإن كان الخطاب مغطى جزئيًا، فما غطي يأخذ معنى الوكالة، وما لم يغط يأخذ معنى الضمان. وبهذا أخذت الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية
(1)
، وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي
(2)
،
(1)
راجع قرار الهيئة رقم (29) وتاريخ 4/ 8/1410 هـ.
(2)
قرار رقم (5) بشأن خطاب الضمان، وفيه: «فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة، من 10 - 16 ربيع الثاني عام 1406، بحث مسألة خطاب الضمان، وبعد النظر فيما أعده في ذلك من بحوث ودراسات، وبعد المداولات والمناقشات المستفيضة تبين ما يلي:
1 -
أن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء، أو بدونه، فإن كان بدون غطاء فهو ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالًا أو مآلًا، وهذه هي حقيقة ما يعنى في الفقه الإسلامي باسم (الضمان) أو (الكفالة).
وإن كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي الوكالة، والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له).
2 -
أن الكفالة هي عقد تبرع بقصد الإرفاق والإحسان، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة؛ لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعًا على المقرض، وذلك ممنوع شرعًا، ولذلك فإن المجمع قرر شرعًا:
أولًا: أن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان (والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته) سواء أكان بغطاء أم بدونه.
ثانيًا: أما المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه فجائز شرعًا مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء. والله أعلم».