الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل السادس:
جاءت توصية مؤتمر المصرف الإسلامي بدبي 1399 هـ 1979 م ما نصه: «يرى المؤتمر أن هذا التعامل يتضمن وعدًا من عميل المصرف بالشراء
…
ووعدًا آخر من المصرف بإتمام هذا البيع بعد الشراء، طبقًا لذلك الشرط، إن مثل هذا الوعد ملزم للطرفين قضاء، طبقًا لأحكام المذهب المالكي، وهو ملزم للطرفين ديانة، طبقًا لأحكام المذاهب الأخرى، وما يلزم ديانة يمكن الإلزام به قضاء إذا اقتضت المصلحة ذلك، وأمكن للقضاء التدخل فيه .. ».
ويناقش:
لو كان الخطأ في حكم المسألة لم أنبه على ذلك بالاسم، إجلالًا للمشايخ الفضلاء المشاركين في المؤتمر؛ ولأنه لا أحد معصوم من الخطأ؛ ولأن مسائل الاجتهاد غالبًا ما يكون الحكم فيها من قبيل الظن، وقد يكون الصواب خلافه، ولكن أن يكون مستند الفتوى في نسبة قول إلى غير أهله واعتماد ذلك دليلًا على جواز مثل هذه المعاملة، فهذا خطأ علمي يجب تصحيحه، والرجوع عنه.
فقول المشاركين «إن مثل هذا الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقًا لأحكام المذهب المالكي» .
فالمالكية قد نصوا على تحريم هذه المعاملة، بل إن المالكية من أشد المذاهب تحريمًا لهذه المسألة فالمالكية قد نصوا على تحريم هذه المعاملة، وقد نقلت ذلك عنهم من كتبهم حين عرض الأقوال، من ذلك ما ذكره مالك في الموطأ
(1)
، وابن رشد في المقدمات
(2)
، والباجي في المنتقى
(3)
، وابن عبد البر
(1)
(2/ 663).
(2)
المقدمات (2/ 58).
(3)
المنتقى للباجي (5/ 38).
في الاستذكار
(1)
، وفي الكافي
(2)
، وخليل في مختصره، ووافقه عليه شراح المختصر على كثرتهم منهم الحطاب في مواهب الجليل
(3)
، والخرشي
(4)
، وغيرهم، ولا مانع من عرض شيء منها مرة أخرى ليتبين للقارئ أن نسبة هذا القول إلى المذهب المالكي خطأ علمي، ففي القوانين الفقهية لابن جزي جعل العينة ثلاثة أقسام، وذكر منها: أن يقول رجل لآخر: اشتر لي سلعة بعشرة، وأنا أعطيك خمسة عشر إلى أجل، فهذا يؤول إلى الربا
(5)
.
ويقول الدردير في الشرح الكبير: «وكره: اشتره، ويومئ لتربيحه
…
فإن صرح بقدر الزيادة حرم
…
»
(6)
.
فكيف يقال بعد ذلك: إن الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقًا لأحكام المذهب المالكي، وقد أنكر هذه النسبة جملة من العلماء الأفاضل ممن بحث هذه المسألة، منهم الدكتور محمد الأشقر، حيث يقول بعد أن نقل جملة من نصوص المالكية على تحريم هذه المعاملة، قال: «فهذه نصوص المالكية صريحة في تحريم هذا النوع من التعامل
…
ومن هنا ينبغي مراجعة ما ينسب إلى المالكية من ذلك، وتصحيح المقال في تلك النسبة عند من كتب في مسألة الوعد، سواء في ما تنشره البنوك الإسلامية، أو ما يكتب عنها، وذلك لتصحيح المسيرة وإصلاح الزلل، والمؤمنون رجاعون إلى الحق، وقافون عنده، والله يتولى
(1)
الاستذكار (19/ 255).
(2)
الكافي في فقه المدينة (ص: 325 - 326).
(3)
مواهب الجليل (4/ 406).
(4)
الخرشي (5/ 107).
(5)
القوانين الفقهية (ص: 171).
(6)
الشرح الكبير (3/ 89).
الصالحين، وينبغي أن يتولى تصحيح تلك النسبة علماء هذا المؤتمر الثاني للمصارف الإسلامية»
(1)
.
ويقول الدكتور رفيق المصري: «قالوا: إن الواعد بالشراء يمكن إلزامه قضاء حسب قواعد المذهب المالكي
…
الجواب: لا، ذلك أن المالكية أنفسهم يشاركون الإمام الشافعي في حرمة العملية صراحة» ثم نقل لنا كلام ابن جزي في القوانين الفقهية في تحريم مثل هذه المعاملة
(2)
.
ويقول الشيخ ربيع محمود الروبي: «يلاحظ على هذا القرار - يعني قرار المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي - كثير من المآخذ، فالمالكية - على ما رأينا - لا يجيزون وعد المرابحة، ولا يلزمون به، فهو يخرج من دائرة الوعود الملزمة عندهم، وثانيًا: أن الشافعية كما أوضحنا لا يلزمون بهذا الوعد ديانة، ولا قضاء
…
»
(3)
.
ويقول الشيخ الصديق الضرير: «
…
لا يصح القول بالإلزام بالوعد في هذه المعاملة اعتمادًا على رأي المالكية أو غيرهم، ويؤيد هذا أن الإمام مالك، وفقهاء المالكية من بعده نصوا على منع هذه المعاملة إذا وقعت على الإلزام»
(4)
.
والسؤال: إذا كان هذا مذهب المالكية فكيف وقع الخطأ في نسبة المذهب للمالكية من المشايخ الفضلاء، وهم جمع، وهم من هم في الفضل والعلم؟
(1)
بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة (ص: 96).
(2)
بحوث في المصارف الإسلامية (ص: 253).
(3)
بيع المرابحة للوعد الملزم بالشراء والدور التنموي للمصارف الإسلامية (ص: 21).
(4)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي (5/ 2/ص: 1001).