الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة العاشرة
في الخدمات المقدمة لصاحب البطاقة
يمنح مصدر البطاقة حامليها بعض الخدمات، وسوف نذكر هذه الخدمات، ونذكر حكمها الشرعي.
(أ) تقديم التأمين إذا استخدم بطاقة الائتمان في تسديد ثمن تذكرة الطيران بقيمة محددة، ويشمل التأمين نوعين منه:
التأمين على الحياة. والتأمين التجاري القائم على جبر الأضرار كالتأمين الطبي حال السفر، والتأمين على الأمتعة في السفر.
حكم تقديم هذه الخدمة من الناحية الفقهية:
[ن-123] الحكم الفقهي لهذه الخدمة هو نفس الحكم فيما لو اشترك حامل البطاقة في هذه الخدمة مباشرة، وقد بحثت حكم التأمين في مبحث مستقل، وانتهيت فيه إلى أن التأمين التجاري القائم على جبر الأضرار يعتبر من عقود الغرر، تبيحه الحاجة الملحة، وأما التأمين على الحياة فهو من عقود الربا، فلا يجوز بحال، وهذا ما توجهت له الهيئة الشرعية بشركة الراجحي المصرفية.
فقد جاء في قرارها ما نصه: «لا يظهر للهيئة حتى الآن ما يوجب تحريم التأمين المسئول عنه، ومن ثم لم تر ما يوجب الاعتراض على أن تمارس شركة الراجحي إجراء تأمين تجاري في معاملاتها الشرعية التي تحتاج فيها إلى تأمين،
وغني عن البيان أن الكلام عن التأمين التجاري هنا لا يشمل التأمين على الحياة»
(1)
.
(ب) التخفيض والجوائز.
[ن-124] بحيث يتمتع صاحب البطاقة عند الشراء من بعض المحلات على بعض السلع والخدمات، كما يحصل على بعض الجوائز والهدايا.
فإن كان لهذه التخفيضات رسوم، فإما أن يدفعها مصدر البطاقة، وأما أن يدفعها حاملها.
فإن دفع الرسوم حاملها فإن هذه الرسوم مشتملة على غرر، فتكون محرمة؛ لأن دافع هذه الرسوم قد يغنم أكبر مما دفع، وقد يغرم، ولا يأخذ شيئًا، وهذا نوع من القمار.
وإن دفعها مصدر البطاقة أو كانت مجانًا بلا رسوم مطلقًا فإن الخلاف في جوازها يرجع إلى الخلاف في الهبة المشتملة على غرر.
فالجمهور على منع الهبة المشتملة على غرر
(2)
.
وذهب المالكية
(3)
، إلى صحة عقد الهبة المشتمل على غرر، وأن باب
(1)
راجح قرار الهيئة الشرعية رقم (40)، وتاريخ 6/ 12/1410 هـ.
(2)
بدائع الصنائع (6/ 118)، البحر الرائق (6/ 80)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 470)، نهاية المحتاج (5/ 411)، المغني (5/ 384)، الفروع (4/ 640)، الإنصاف (7/ 132).
(3)
انظر الفروق للقرافي (1/ 150 - 151). مواهب الجليل (6/ 51)، وجاء في المدونة (6/ 182):«قلت: أرأيت من وهب عبدًا له آبقًا أتجوز فيه الهبة أم لا؟ قال: إذا كانت الهبة لغير الثواب جازت في قول مالك. قال: وإن كانت للثواب لم تجز في قول مالك؛ لأن الهبة للثواب بيع من البيوع وبيع الآبق لا يجوز لأنه غرر فكذلك الهبة للثواب» .
التبرعات أوسع من باب المعاوضات، وأن الموهوب له إن غنم فهو من قبيل التبرع، وإن لم يغنم لم يخسر شيئًا، وهذا اختيار ابن تيمية
(1)
.
(ج) الحصول على بعض الخدمات المميزة، كالدخول لصالات الانتظار المخصصة لرجال الأعمال في المطارات ونحوها.
وهذا لا حرج في دفع الرسوم لها، ولا فرق بين أن يدفعها مصدر البطاقة أو حاملها.
* * *
(1)
الفتاوى الكبرى (5/ 434).
المسألة الحادية عشر
في شراء الذهب عن طريق بطاقة الائتمان
[ن-125] اختلف العلماء في هذه المسألة:
فقيل: لا يصح شراء الذهب أو الفضة ببطاقة الائتمان مطلقًا، أي سواء كانت البطاقة مغطاة، أو غير مغطاة.
وهذا اختيار الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير
(1)
.
وقيل: يصح مطلقًا، لا فرق بين كون البطاقة مغطاة، أو ليست مغطاة
(2)
، اختاره بعض الباحثين، كالشيخ عبد الستار أبو غدة
(3)
، والشيخ نزيه حماد
(4)
، والشيخ يوسف الشبيلي
(5)
، وغيرهم.
وقيل: يجوز شراء الذهب والفضة إن كانت البطاقة مغطاة، ولا يجوز إن كانت البطاقة غير مغطاة، اختاره بعض الباحثين
(6)
.
(1)
بطاقة الائتمان - بحث مقدم لمجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية عشرة، انظر مجلة المجمع (12/ 3/ص: 612).
(2)
الفرق بين البطاقة المغطاة وغير المغطاة، أن الثمن إذا كان مدفوعًا من حساب العميل فهي مغطاة، وإن كان الثمن مدفوعًا من مصدر البطاقة فهي غير مغطاة.
(3)
بطاقات الائتمان، تصورها والحكم الشرعي عليها، بحث مقدم لمجلة مجمع الفقه الإسلامي (12/ 3/ص: 491).
(4)
بطاقات الائتمان غير المغطاة - نزيه حماد - بحث مقدم لمجلة مجمع الفقه الإسلامي (12/ 3/ص: 517، 525).
(5)
الخدمات الاستثمارية (2/ 42).
(6)
انظر التكييف الشرعي لبطاقات الائتمان (ص: 49).
وقد سبق بحث هذه المسألة فيما سبق، ورجحت أن القبض ببطاقة الائتمان قبض حكمي صحيح لا يختلف عن القبض بالشيك المصدق، ولا عن القبض بالشيك المحرر من لدن المصرف، إن لم تكن أقوى منها، وأن البطاقة إذا كانت خالية من شروط محرمة فالبيع والشراء بها سائغ، وأن قبض قسيمة الشراء يعتبر قبضًا لما تحتويه، والله أعلم، وسوف نتناول إن شاء الله تعالى بشيء من البسط أنواع البطاقات، وتاريخها، وتكييفها التكييف الشرعي في باب المعاملات المصرفية، بلغنا الله ذلك بحوله وقوته.
* * *
المسألة الثانية عشر
في صرف العملات عن طريق استخدام بطاقات الائتمان
[ن-126] في أحيان كثيرة تكون عملية الصرف من لازم الشراء، وإن لم يقصد المتعامل ببيعه وشرائه صرف نقود بأخرى، وذلك أن البطاقة لما كان لها صفة العالمية، وكان صاحبها يستطيع أن يستخدمها في معظم دول العالم، فإذا اشترى سلعًا فإن بنك التاجر يسدد عن حاملها فورًا بعملة البلد المستخدمة فيه، ثم يعود على المنظمة الراعية للبطاقة والتي تدفع له بالدولار، ثم تعود على مصدر البطاقة لتأخذ منه ما دفعته بالدولار، ثم يعود مصدر البطاقة على حاملها ليسدد له بعملة بلدة بالريال مثلًا، خلال مدة السماح المجانية، فهذه عملية صرف المقصود منها استيفاء ما وجب على المستفيد، وليس المقصود منها المعاوضة، فما حكم هذه العملية؟
أما من منع شراء الذهب والفضة ببطاقة الائتمان منع الصرف فيها، حيث لا فرق عنده بين المسألتين.
وهناك من أهل العلم من أجاز المسألتين، فلم يفرق بينهما، وأدلتهم في هذه المسألة هي أدلتهم في مسألة بيع وشراء الذهب ببطاقة الائتمان، وقد سبق بحث هذه المسألة، فأغنى عن إعادتها هنا.
وهناك فريق ثالث من أهل العلم أجاز شراء الذهب والفضة ببطاقة الائتمان، كما أجاز السحب النقدي بالبطاقة ولو لم يكن هناك تغطية في رصيده إذا لم يتقاض المصدر فوائد أو عمولة على الاقتراض زائدة عن النفقات الفعلية لتقديم
هذه الخدمة، ومنع من الشراء بها سلعًا إذا ترتب على هذا الشراء صرف عملة بأخرى.
وقد بحثت هذه المسألة فيما سبق، ورجحت أن ذلك جائز بشرط أن يراعى في الصرف أمران مهمان لسلامتها من الربا:
الأول: مراعاة أن يكون سعر الصرف ملازمًا للقبض، والقبض لا يكون إلا في يوم الأداء، حتى لا نقع في ربا النسيئة.
الثاني: أن يكون سعر الصرف على أساس السعر الأدنى، أو أقل منه، لئلا يربح فيما لم يضمن، والله أعلم.
* * *