الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المعتمر أو المعتمرة ما يجب عليهما من التقصير والهدي
في بيان حكم حال المعتمر أو المعتمرة ما يجب عليهما من التقصير والهدي كلمة "أو" للتنويع، وجمع بينهما ليكون نصًا على اتحاد حكمها إلا أن التقصير يتعين في حق المرأة ويجوز في حق الرجل، وإن كان الحلق أفضل بالنسبة إليه وما مبتدأ وخبره جملة، وضمير التثنية عائد إلى المعتمر والمعتمرة، ومن التقصير متعلق إلى يجب وبيان.
457 -
أخبرنا مالك، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، أن مَوْلاةً لَعَمْرَة بنت عبد الرحمن، يُقالُ لها: رُقَيَّة، أَخْبَرَتْهُ أنها كانت خرجت مع عَمْرَة بنت عبد الرحمن إلى مكة، قالت: فدخلت عَمْرَة مكة يوم التَّرْوِيَة، وأنا معها، قالت: فطافت بالبيت، وبين الصَّفا والمروة، ثم دخلت صُفَّة المسجد، فقالت: أَمَعَكِ مِقَصَّان؟ فقلتُ: لا، قالت: فالتمسيه لي، قالت: فالتمَسْتُهُ، حتى جئتُ به، فأخَذَتْ من قُرُون رأسها، قالت: فلما كان يوم النحر؛ ذبحت شاة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، للمعتمر والمعتمرة، ينبغي أن يُقَصِّر من شعره إذا طافَ وسَعَى، فإذا كان يوم النحر ذبح ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْيِ، وهو قولُ أبي حنيفة والعامّة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا حدثنا عبد الله بن أبي بكر، بن محمد بن عمرو بن حزم من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة من الهجرة، وهو ابن سبعين سنة كذا قاله ابن حجر (1) أن مَوْلاةً أي: معتقة لَعَمْرَة بفتح العين بنت عبد الرحمن، ابن أسعد بن زرارة (ق 492) الأنصارية المدنية، كانت في الطبقة الثالثة من طبقات التابعيات المشهورات، وكانت في حجر عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها وربتها وروت عنها كثيرًا من حديثها أو غيرها، وروى عنها جماعة، ماتت قبل المائة، ويقال بعدها كذا في (التقريب) (2) يُقالُ لها أي: لمولاتها رُقَيَّة، بالتصغير أَخْبَرَتْهُ أي: عبد الله بن أبي بكر
(457) إسناده صحيح.
(1)
التقريب (1/ 297).
(2)
التقريب (1/ 750).
أنها كانت خرجت مع عَمْرَة بنت عبد الرحمن إلى مكة، أي: للحج متمتعة قالت: أي: رقية فدخلت عَمْرَة مكة يوم التَّرْوِيَة، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة وأنا معها، أي: رفقة عمرة قالت: أي: رقية فطافت أي: عمرة بالبيت، أي: طواف العمرة وبين الصَّفا والمروة، أي: سعت بينهما لتمام العمرة ثم دخلت صُفَّة المسجد، بضم الصاد المهملة وفتح الفاء المشددة المفردة صفف كغرفة وغرف قال ابن حبيب: هي مؤخر المسجد، وقيل: هي قريبة من المسجد فقالت: أي: عمرة أَمَعَكِ أي: يا رقية مِقَصَّان؟ بكسر الميم وفتح القاف وتشديد الصاد المهملة المشددة، أي: مقراض كما في نسخة.
وقال الجوهري: المقص المقراض، ويقال: مقصان إذ له طرفان يقصان فقلتُ: لا، قالت: فالتمسيه لي، أي: اطلبيه وحصليه لأجلي قالت: أي: رقية فالتمَسْتُهُ، أي: فطلبت المقراض ووجدته حتى جئتُ به، أي: وأعطيتها فأخَذَتْ من قُرُون أي: ضفائر رأسها أي: فقطعت أي: من شعر رأسها قدر أنملة من جميعها، قالت: أي: رقية فلما كان أي: وجد يوم النحر؛ ذبحت شاة أي: لتمتعها حيث أحرمت بالحج عقب تحللها من عمرتها.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما نعمل بما رواه عبد الله بن أبي بكر للمعتمر والمعتمرة، أي: لأصلهما سواء كان في حكمهما ينبغي أي: يجب على المعتمر مطلقًا أن يُقَصِّر من شعره إذا طافَ أي: بالبيت وسَعَى، أي: بين الصفا والمروة، لكن التقصير في حق المتمتع بعد فراغ عمرته أفضل من حلقه ليكون الحلق بعد فراغ حجته فإذا كان يوم النحر ذبح أي: بعد الرمي قبل الحلق ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْيِ، أي: وأقله شاة كما سيأتي وهو أي: ما قاله عبد الله بن أبي بكر قولُ أبي حنيفة والعامّة من فقائنا أي: من أتباع أبي حنيفة.
* * *
458 -
أخبرنا مالك، أخبرنا جعفر بن محمد، عن أبيه، أنَّ علِيّا رضي الله عنه كان يقول: ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي: شاةٌ.
(458) إسناده صحيح.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: قال: ثنا أخبرنا جعفر بن محمد، وهو ابن علي بن الحسين بن على بن أبي طالب، الهاشمي، يكنى أبا عبد الله المعروف بمحمد الصادق، فقيه إمام كان في الطبقة السادسة من طبقات أتباع التابعين، مات سنة ثمان وأربعين ومائة كذا قاله ابن حجر (1) عن أبيه، أي: محمد الباقر الصادق أنَّ علِيّا أي: علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقول: ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي: شاةٌ؛ لأن النعم اسم للإِبل، والبقر والغنم، وقد سماها الله تعالى هديًا بقوله هديًا بالغ الكعبة، وهذا من بديع الاستنباط أو الفقه.
* * *
459 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أنَّ عبد الله بن عمر، كان يقول: ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي: بعيرٌ أو بقرةٌ.
قال محمد: وبقول عليّ بن أبي طالب نأخذ؛ ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي: شاةٌ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامَّةِ من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا أخبرنا وفي نسخة: عن نافع، أي: ابن عبد الله المدني مولى ابن عمر، كان في الطبقة الثالثة مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك من الهجرة كذا قاله ابن حجر (2) أنَّ عبد الله بن عمر، كان يقول: ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي: بعيرٌ أو بقرةٌ أي: لأهل الحيرة استحبابًا، فلا يخالف قول على وابن عباس شاة على ذلك قول ابن عمر لو لم أجد إلا شاة لكان أحب إلي ممن أصوم، ومعلوم أن أعلى الهدي بدنة، فكيف تكون ما استيسر وكلمة للشك من الراوي.
قال محمد: وبقول عليّ بن أبي طالب نأخذ؛ أي: (ق 493) إنما نعمل بقول علي رضي الله عنه؛ لأنه أعلم وأفقه من ابن عمر ووافقه الأكثرون ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْي: شاةٌ، أي: معروفة كما في باب الأضحية، وهو أي: كون ما استيسر من الهدي شاة قولُ
(1) التقريب (1/ 141).
(459)
إسناده صحيح.
(2)
التقريب (1/ 559).