الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي حنيفة، والعامَّةِ من فقهائنا أي: من أتباع أبي حنيفة رحمه الله، وفي كتاب (الرحمة في اختلاف) الأئمة أنه يجب على المتمتع والقارن دم وهو شاة باتفاق الأئمة الأربعة كما قاله علي القاري والزرقاني.
لما فرغ من بيان حال المعتمر والمعتمرة، شرع في بيان دخول مكة بغير إحرام، فقال: هذا
* * *
باب دخول مكة بغير إحرام
في بيان جواز دخول من يدخل مكة شرفها الله تعالى بغير إحرام أي: بغير نية أحد النسكين إذا لم يكن دخولها في المواقيت.
460 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، أن عبد الله بن عمر اعتمر، ثم أقبل حتى إذا كان بقُدَيْد، جاءَهُ خبر من المدينة، فرجع، فدخل مكة بغير إحْرَام.
قال محمد: وبهذا نأخذ، من كان في المواقيت أو دونها إلى مكة؛ ليس بينه وبين مكة وقت من المواقيت التي وقتت، فلا بأس أن يدخل مكة بغير إحرام، وأما من كان خلف المواقيت، أيّ وقت من المواقيت، التي بينه وبين مكة فلا يدخلنّ مكة إلا بإحرام، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامَّة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: أنا رمزًا، إلى أخبرنا، وفي نسخة أخرى: ثنا، حدثنا وفي نسخة: قال: ثنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة فقيه من الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك من الهجرة، كذا قاله ابن حجر (1) أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه اعتمر، أي: أتي بعمرة وفرغ منها ثم أقبل أي: توجه إلى المدينة واستمر على سفرها حتى إذا كان بقُدَيْد، بضم القاف وفتح الدال المهملة الأولى وسكون التحتية والدال المهملة قرية جامعة بين مكة والمدينة جاءَهُ خبر من المدينة، أي: مما كان مانعًا عن التوجه إليها فرجع، أي: عن طريق المدينة فدخل مكة بغير إحْرَام أي: لقرب الموضع بمكة. هذا الحديث
(460) إسناده صحيح.
(1)
التقريب (1/ 559).
موقوف حقيقة ومرفوع حكمًا؛ لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح في رمضان وعلى رأسه المغفر أي: بيضة من حديد مثل القلنسوة، فلما نزعه جاء رجل فقال: يا رسول الله إن ابن خطل يتعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتلوه"، قال مالك جوابًا من كون المغفر على رأسه: ولم يكن صلى الله عليه وسلم يومئذ محرمًا كذا في (الموطأ): ليحيى.
قال ابن إسحاق وغيره: إنما أمر بقتل ابن خطل؛ لأنه أسلم فبعثه صلى الله عليه وسلم مصدقًا وبعث معه رجلًا من الأنصار، وكان معه مولى مسلم يخدمه فنزل منزلًا فأمر المولى أن يذبح شيئًا أي: من ذكر المعز ويصنع له طعامًا ونام واستيقظ ولم يصنع له شيئًا فقتله ثم ارتد، والعياذ بالله ولحق بمكة، كذا قاله الزرقاني (1)، كان اسم ابن خطل عبد العزى فلما أسلم سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، أخرج عمر بن شبة في كتاب (مكة) عن السائب بن يزيد رضي الله عنه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استخرج من تحت أستار الكعبة ابن خطل فضرب عنقه صبرًا بين زمزم ومقام إبراهيم وقال: "لا يقتل قرشي بعد هذا صبرًا" ورجاله ثقات إلا أن في أبي معشر مقالًا، واختلف هل قاتل سعيد بن الحارث أو عمار بن ياسر أو سعد بن أبي وقاص أو سعيد بن زيد أو أبو برزة؟ وذكر ابن هشام في (تهذيب السيرة) بأن سعيد بن الحارث وأبا برزة اشتركا في قتله، وقال أبو حنيفة وأصحابه: من لزمه (ق 494) القتل بردة أو قصاص أو غيرهما لا يتعرض لقتله، ولكن ألجئ إلى الخروج من الحرم بأن لا يعطى طعامًا ولا شرابًا فيخرج فيقتل، وتأول الحديث على أنه كان في الساعة التي أبيح فيها له القتل بها، وأجيب بأن إنما أبيحت له ساعة الدخول حتى استولى عليها وقتل ابن خطل، واحتج بهذا الحديث ابن شهاب والحسن البصري وداود وأتباعه على دخولها بلا إحرام، وقالوا: إن موجب الإِحرام عليه بحج أو عمرة لم يوجبه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا اتفق عليه، وأبى ذلك الجمهور.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما أنا وأصحاب أبي حنيفة رحمه الله، نعمل بحديث ابن عمر من كان في المواقيت أي: نفسها أو دونها أي: أسفل فيها أقرب إلى مكة؛ أي: إلى جهتها ليس بينه أي: بين المواقيت وبين مكة وقت أي: ميقات، وفي نسخة: بينه فالضمير راجع إلى من أي: من داخل الميقات أقرب إلى مكة ليس بينه وبين
(1) في شرحه (2/ 528).