الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحب. كذا في (سلم الفلاح) ولا تجزئ أي: تكفي بدنة عن أكثر من ذلك، أن من سبعة رجال كما سبق عن سعيد بن المسيب وابن راهويه وتجزئ عن أقل من سبعة بالأولى وهو قولُ أبي حنيفة، والعامةِ من فقهائنا أي: من العلماء الحنفية رحمهم الله.
لما فرغ من بيان حكم حال الرجال ساق إلى مكة هديًا فعطب هديه في الطريق، شرع في بيان حكم حال الرجل يسوق بدنة فيحتاج إلى ركوبها، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يسوق بدنة فيضطر إلى ركوبها
في بيان حكم حال الرجل يسوق بدنة أي: يجعلها قدامه ويمشي خلفها فيضطر أي: يحتاج إلى ركوبها بأن عجز عن المشي ولم يجد مركوبًا غيرها.
411 -
أخبرنا مالك، أخبرنا هشام بن عُرْوَةَ، عن أبيه، أنه قال: إذا اضْطُرِرْتَ إلى ركوب بدنتك فاركبها ركوبًا غير فَادح.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا رمزًا إلى أخبرنا، أخبرنا وفي نسخة: بنا، أو أنا هشام بن عُرْوَةَ، أي: ابن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي المدني يكنى أبا عبد الله المدني، ثقة فقيه كان من الطبقة الثانية، مات سنة أربع وتسعين على الصحيح كذا قاله ابن حجر في (التقريب) (1) أنه أي: عروة بن الزبير قال: إذا اضْطُرِرتَ إلى ركوب بدنتك فاركبها ركوبًا غير فَادح بالفاء والدال المهملة أي: غير مثقل ومؤلم صعب عليها لقوله صلى الله عليه وسلم: "اركبها بالمعروف إذا ألجئت إلى ظهرها"(2) فهذا الحديث موقوف ظاهرًا أو مرفوعًا حكمًا، وما بعده مرفوع ظاهرًا وتمام الحديث: "وإذا
(411) أخرجه: مالك (842)، والبيهقي في الكبرى (10341)، (10344).
(1)
انظر: التقريب (2/ 636).
(2)
أخرجه: مسلم (1324)، وأبو داود (1761)، والنسائي في المجتبى (2801)، وأحمد (14004)، والنسائي في الكبرى (3784)، وابن خزيمة (2664)، وأبو يعلى (2199)، والبيهقي في الكبرى (10339)، (10340)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 162)، من حديث جابر.
اضطررت إلى لبنها فاشرب بعد ما يروى فصيله" أي: ولدها كذا في (الموطأ) لمالك برواية يحيى بن يحيى الليثي، وكرهه مالك في حال الاختيار ولو فضل ربي فصيلها؛ لأنه نوع من الرجوع في الصدقة، وليتصدق بما فضل، ومحل الكراهة حيث لا ضرر وإلا عزم إن أضرها أو فصيلها بشربه أرش النقص والبدل إن حصل تلف. كذا قاله الزرقاني (1).
* * *
412 -
أخبرنا مالك، أخبرنا أبو الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجل يسوق بدنة، فقال:"اركبها"، فقال: إنها بدنة، فقال له - بعد مرتين -:"اركبها ويلك".
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا أبو الزِّناد، وهو عبد الله بن ذكوان القرشي المدني ثقة فقيه، من الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، مات سنة ثلاثين ومائة، وقيل بعدها كذا في (التقريب)(2) عن الأعرج، اسمه عبد الرحمن بن هرمز، ويكني أبا داود المدني مولى ربيعة بن الحارث، ثقة ثبت عالم من الطبقة الثالثة مات سنة سبع عشرة ومائة من الهجرة كذا قاله ابن حجر (3) عن أبي هريرة، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجل قال الحافظ: لم أقف على اسمه بعد طول البحث (4) يسوق بدنة، وهو عاجز في مشيه، زاد مسلم من طريق المغيرة عن أبي الزناد: ومقلده، والبخاري من وجه آخر: مقلده نقلًا، والبدنة يقع على الجمل والناقة والبقر وكثر استعمالها فيما كان هديًا، وفي البخاري قال مجاهد: سميت البدنة ببدنها بفتح الموحدة أو المهملة للأكثر وبضمها وسكون
(1) انظر: شرح الزرقاني (2/ 431 - 433).
(412)
أخرجه: البخاري (1689)، ومسلم (1322)، وأبو داود (1760)، والنسائي في المجتبى (2798)، وابن ماجه (3103)، وأحمد (9942)، ومالك (837)، والنسائي في الكبرى (3781)، وابن حبان (4014)، وابن أبي شيبة (8/ 407)، وأبو يعلى (6307)، والبيهقي في الكبرى (10335) من طرق عن أبي هريرة، وفي الباب: عن عليٍّ، وأبو هريرة، وجابر، وعن أنس.
(2)
انظر: التقريب (1/ 287).
(3)
انظر: التقريب (1/ 352).
(4)
انظر: التقريب (2/ 774 - 775).
الدال، وفي رواية: لبدانتها أي: لسمنيتها، ولعبد بن حميد عن مجاهد: إنما سميت البدن من قبل السمانة فقال له: "اركبها"، لضرورتك ففي رواية: أنه رأى رجلًا يسوق (ق 447) بدنة وقد أجهد فقال: اركبها فقال: أي: الرجل إنها بدنة، أي: هدي فقال صلى الله عليه وسلم له بعد مرتين أي بعد اعتزاره إنها بدنة "اركبها ويلك" أي: ويحك كما في طريق ابن عجلان عن أبي هريرة قال: "اركبها ويحك"، وهو بفتح الواو وسكون التحتية والحاء المهملة كلمة رحمة تستعمل في مقام الترحم كذا قاله محمد الواني، وزاد البخاري من رواية عكرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: فلقد رأيته ساير النبي صلى الله عليه وسلم والنعل في عنقها، وهذه الطرق دالة على أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإِبل المهداة إلى البيت إذ لو كان المراد مدلولها اللغوي لم يحسن الجواب بأنها بدنة؛ لأن كونها من الإِبل معلوم، فالظاهر أن الرجل ظن أنه خفي عليه كونها هديًا فقال: إنها بدنة، والحق أن ذلك لم يخف على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها كانت مقلدة؛ ولذا قال لما زاد في مراجعته: ويلك تأديبًا لمراجعته مع عدم خفاء الحال عليه وبه جزم ابن عبد البر وابن العربي وبالغ فقال: الويل لمن راجع في ذلك بعد هذا ولولا أنه صلى الله عليه وسلم اشترط ربه ما اشترط لهلك الرجل لا محالة قال القرطبي: ويحتمل أنه فهم منه ترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها، فزجره عن ذلك على الحالتين فهي دعاء ورجحه عياض وغيره.
قالوا: الأمر هنا وإن قلنا: إنه للإِرشاد لكنه استحق الذم لتوقفه عن امتثال الأمر والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عنادًا، ويحتمل أنه ظن يلزم عزم بركوبها وآثم، وإن الإِذن بركوبها إنما هو للشفقة عليه، فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال، وقيل: لأنه أشرف على هلكه من الجهد وويل يقال لمن وقع في هلكه، فالمعنى أشرفت على الهلكة فاركب فولي هذا إخبار، وقيل: هي كلمة تزعم بها العرب كلامها ولا تقصد معناها كقولهم: لا أم لك، ويقويه ما تقدم في بعض الروايات بلفظ ويحك بدل ويلك، فإنه يقال: ويلك لمن وقع في هلكة يستحقها، وويح لمن وقع في هلكة: لا يستحقها.
وفي الحديث تكرير الفتوى والندب إلى المبادرة إلى امتثال الأمر، وزجر من لم يبادر وتوبيخه، وجواز مسايرة الكبار في السفر، وإن الكبير إذا رأى مصلحة للصغير لا يأنف عن إرشاده إليها. كذا قاله الزرقاني (1).
* * *
(1) انظر: شرح الزرقاني (2/ 430).
413 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا نُتِجت البدنة فليحمل ولدها معها حتى ينحر معها، فإن لم يجد له محمَلًا فليحمله على أمه، حتى يُنحر معها.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا أخبرنا وفي نسخة: عن نافع بن عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، من الطبقة الثالثة مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك (1) أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا نُتِجت بضم النون وكسر التاء الفوقية وفتح الجيم أي ولدت البدنة وفي نسخة: البدن فليحمل أي: صاحب البدنة ولدها أي: على غيرهما معها حتى ينحر معها، فإن لم يجد له أي: للولد محمَلًا بكسر الميم الأولى وسكون الحاء المهملة وفتح الميم الثانية أي: ما يحمل عليه فليحمله أي: صاحب البدنة على أمه، حتى ينحر على صيغة المجهول أي: إلى غاية يذبح الولد وفي نسخة: لينحر بدل "حتى" معها وليحيى: فإن لم يوجد له محل حمل على أمه.
* * *
414 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أن ابن عمر - أو عمر - شك محمدٌ: كان يقول: من أهدى بدنة فضلَّت أو ماتت، فإن كانت نذرًا أبدلها، وإن كانت تطوعًا، فإن شاءَ أبدلها وإن شاء تركها.
قال محمد: وبهذا نأخذ، ومَنْ اضطر إلى ركوب بدنته فليركبها، فإن نَقَصها ذلك شيئًا تَصَدَّقَ بما نقصها، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا وفي نسخة: قال: بنا، رمزًا إلى أخبرنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني مولى ابن عمر أن ابن عمر (أو عمر) شك محمدٌ: أراد المصنف إخبارًا عما وقع في نفسه من الشك ترغيبًا للطالبين أن يخبروا عما هو الواقع في أنفسهم من الشك أو اليقين، (ق 448) وهو (أي الشك) أن يساوي الأمرين عند المتكلم لا يرجع أحدهما
(413) أخرجه: مالك (841)، والبيهقي في الكبرى (10343).
(1)
تقدم مرارًا.
(414)
أخرجه: مالك (848)، والبيهقي في الكبرى (10391).