الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب زكاة الفطر
في بيان أحكام زكاة الفطر، وهي في اللغة: الطهارة، روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللهو واللغو والرفث (1)، قوله: طُهرة، أي: تطهير للصائم عن ذنوبه، وقوله: من اللهو واللغو، أي: الكلام الباطل، وقوله: والرفث، أي: الكلام القبيح؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات، وقوله: الفطر، لفظ إسلامي، مأخوذ من الفطرة التي كانت بمعنى الحلقة، ولذلك قال ابن قتيبة: المراد بزكاة الفطر زكاة النفوس، ولكن الفقهاء اصطلحوا بها في صدقة الفطر من رمضان، وإضافتها إليها من قبيل إضافة السبب إلى سببه، وهي واجبة على كل مسلم حر، (ق 364) غني عند أبي حنيفة، وفريضة عند الأئمة الثلاثة، وقيل: مستحبة، ولو كان غناؤه نصابًا غير تام، ووقت وجوبها عند طلوع الفجر الثاني من يوم عيد الفطر، وقال الشمني في شرح (النقاية): وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر في السنة التي فرض فيها رمضان قبل أن تفرض زكاة المال، وكان يخطب قبل الفطر بيومين فأمر بإخراجها. انتهى.
وفرض صوم رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى الكعبة لعشر من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرًا من الهجرة، كذا في (منح الغفار)، والمراد بالوجوب الوجوب المصطلح عندنا، وإن ورد في السنة لفظ: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ لأن معناه أمر إيجاب، والأمر الثابت بدليل ظني إنما يفيد الوجوب والإِجماع المنعقد على وجوبها ليس قطعيًا ليكون الثابت الفرض؛ لأنه لم يُنقل تواتر؛ ولهذا قالوا: من أنكر وجوبها لا يكون كافرًا، كما في (منح الغفار)، وقدرها نصف صاع من بر أو صاع من غيره، وعندهم صاع من الكل، والأدلة مفصلة في محلها.
344 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى أن تُجْمَع عنده، قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
(1) أخرجه: أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827).
(344)
صحيح، أخرجه: مالك (617)، والشافعي في المسند (423)، والبيهقي في الكبرى (7463).
قال محمد: وبهذا نأخذ، يعجبنا تعجيل زكاة الفطر قبل أن يخرج الرجل إلى المصلى، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا رمزًا إلى أخبرنا، حدثنا وفي نسخة: عن نافع، أي: المدني مولى ابن عمر، أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر أي: يرسلها إلى الذي تُجْمَع أي: الزكاة عنده، والظرف في قوله: قبل الفطر بيومين أو ثلاثة، متعلق بيبعث، وفي رواية البخاري: كان ابن عمر يعطيها للذي يقبلها، أي: الذي نصبه الإِمام لقبضها، وفي قوله: قبل الفطر، دليل على جواز إعطاء زكاة الفطر قبل يوم عيد الفطر.
قال محمد: وبهذا أي: بقول ابن عمر نأخذ أي: نعمل، يعجبنا من الإِعجاب، أي: يستحب لنا تعجيل زكاة الفطر لقوله تعالى في سورة آل عمران: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133]؛ ولأن في التأخير أنه تفوته قبل أن يخرج الرجل إلى المصلى، متعلق بقوله: تعجيل زكاة الفطر، وللاتباع بحديث ابن عمر في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج زكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة، أي: إلى صلاة العيد، وهو أي: إخراج زكاة الفطر قبل الخروج إلى المصلى قولُ أبي حنيفة، رحمه الله، واتباع لقوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]، أي: إخراج زكاة فطره {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15]، أي: بالتكبير في طريق المصلى، {فَصَلَّى} أي: صلاة العيد، وقال خلف بن أيوب: يجوز إعطاءها في رمضان، ولا يجوز في غيرها قبله، وهو اختيار الإِمام أبي بكر محمد بن الفضل، وهو الصحيح، وعليه الفتاوى كما في (الظهرية)، وهو مذهب الشافعي، وقيل: يجوز في العشر الأخير من رمضان لا قبله، وهو الأظهر، وعند الحسن بن زياد ولا يجوز تعجيلها كالأضحية؛ فإنها لا تصح لأهل القرى، قبل طلوع الفجر الثاني من يوم الأضحى، ولا تصح لأهل المصر، قبل صلاة العيد، ثم إن زكاة الفطر لا تسقط بتأخيرها عن يوم عيد الفطر؛ لأنها شرعت لدفع حاجة الفقير، أو لإِغنائه عن المسألة في هذه الأيام، فلا يقدر وقت لأدائها كالزكاة.
لما فرغ من بيان أحكام زكاة الفطر، شرع في بيان أحكام صدقة الزيتون (ق 365)، فقال: هذا
* * *