المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما روي أن الميت يعذب ببكاء الحي - المهيأ في كشف أسرار الموطأ - جـ ٢

[عثمان الكماخي]

فهرس الكتاب

- ‌باب سجود القرآن

- ‌باب المَارِّ بين يدي المصلي

- ‌باب ما يستحب من التطوع في المسجد عند دخوله

- ‌باب الانتفال في الصلاة

- ‌باب صلاة المُغْمَى عليه

- ‌باب صلاة المريض

- ‌باب النخامة في المسجد وما يكره من ذلك

- ‌باب الجنب والحائض يعرقان في الثوب

- ‌باب بدء أمر القبلة وما نسخ من قبلة بيت المقدس

- ‌باب الرجل يصلي بالقوم وهو جنب أو على غير وضوء

- ‌باب الرجل يركع دون الصف أو يقرأ في ركوعه

- ‌باب الرجل يصلي وهو يحمل الشيء

- ‌باب المرأة تكون بين الرجل يصلي وبين القبلة وهي نائمة أو قائمة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب وضع اليمين على اليسار في الصلاة

- ‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب في بيان حكم الاستسقاء

- ‌باب الرجل يصلي ثم يجلس في موضعه الذي صلى فيه

- ‌باب صلاة التطوع بعد الفريضة

- ‌باب الرجل يمس القرآن وهو جنب أو على غير طهارة

- ‌باب الرجل يجر ثوبه أو المرأة تجر ثوبها فيعلق به قذر ما كره من ذلك

- ‌باب فضل الجهاد

- ‌باب ما يكون من الموت شهادة

- ‌أبواب الجَنَائِز

- ‌باب المرأة تُغَسِّل زوجها

- ‌باب ما يكفن به الميت

- ‌باب المشي بالجنائز والمشي معها

- ‌باب الميت لا يُتبع بنار بعد موته أو مجمرة فى جنازته

- ‌باب القيام للجنازة

- ‌باب الصلاة على الميت والدعاء له

- ‌باب الصلاة على الجنازة في المسجد

- ‌باب الرجل يحمل الميت أو يحنطه أو يغسله هل ينقض ذلك وضوءه

- ‌باب الرجل تدركه الصلاة على الجنازة وهو على غير وضوء

- ‌باب الصلاة على الميت بعد ما يدفن

- ‌باب ما رُويَّ أن الميت يُعَذَّب ببكاء الحي

- ‌باب القبر يتخذ مسجدًا أو يُصلى إليه أو يتوسد

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌باب زكاة المال

- ‌باب ما تجب فيه الزكاة

- ‌باب المال متى تجب فيه الزكاة

- ‌باب الرجل يكون له الدَّين هل عليه فيه زكاة

- ‌باب زكاة الحلي

- ‌باب العشر

- ‌باب الجزية

- ‌باب زكاة الرقيق والخيل والبراذين

- ‌باب الركاز

- ‌باب صدقة البقر

- ‌باب الكنز

- ‌باب من تحل له الصدقة

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب صدقة الزيتون

- ‌أبواب الصِّيَام

- ‌باب الصوم لرؤية الهلال والإفطار لرؤيته

- ‌باب متى يحرم الطعام على الصائم

- ‌باب من أفطر متعمدًا في رمضان

- ‌باب الرجل يطلع له الفجر في رمضان وهو جنب

- ‌باب القبلة للصائم

- ‌باب الحجامة للصائم

- ‌باب الصائم يذرعه القيء أو يتقيأ

- ‌ باب الصوم في السفر

- ‌باب قضاء رمضان هل يفرَّق

- ‌باب من صام تطوعًا ثم أفطر

- ‌باب تعجيل الإفطار

- ‌باب الرجل يفطر قبل المساء ويظن أنه قد أمسى

- ‌باب الوصال في الصيام

- ‌ باب صوم يوم عرفة

- ‌ باب الأيام التي يكره فيها الصوم

- ‌باب النية في الصوم من الليل

- ‌باب المداومة على الصيام

- ‌باب صوم عاشوراء

- ‌باب ليلة القدر

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب الحَجّ

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الرجل يحرم في دبر الصلاة وحيث ينبعث به بعيره

- ‌باب التلبية

- ‌ باب متى تقطع التلبية

- ‌باب رفع الصوت بالتلبية

- ‌باب القران بين الحج والعمرة

- ‌باب من أهدى هديًا وهو مقيم

- ‌باب تقليد البدن وإشعارها

- ‌باب من تطيب قبل أن يحرم

- ‌باب من ساق هديًا فعطب في الطريق أو نذر بدنة

- ‌باب الرجل يسوق بدنة فيضطر إلى ركوبها

- ‌باب المحرم يقتل قملة أو نحوها أو ينتف شعرًا

- ‌باب الحجامة للمحرم

- ‌باب المحرم يغطي وجهه

- ‌ باب المحرم يغسل رأسه ويغتسل

- ‌باب ما يكره للمحرم أن يلبس من الثياب

- ‌باب ما رخص للمحرم أن يقتل من الدواب

- ‌باب الرجل الْمُحْرِم يفوته الحج

- ‌باب الحلمة والقراد ينزعه المحرم

- ‌ باب لبس المنطقة والهميان للمحرم

- ‌باب المحرم يحك جلده

- ‌باب الْمُحْرِم يتزوج

- ‌باب الطواف بعد العصر وبعد الفجر

- ‌باب الحلال يذبح الصيد أو يصيده هل يأكل المحرم منه أم لا

- ‌باب الرجل يعتمر فى أشهر الحج ثم يرجع إلى أهله من غير أن يحج

- ‌باب فضل العمرة في شهر رمضان

- ‌باب المتمتع ما يجب عليه من الهدي

- ‌ باب الرمل بالبيت

- ‌ باب المكي وغيره يحج أو يعتمر .. هل يجب عليه الرمل

- ‌باب المعتمر أو المعتمرة ما يجب عليهما من التقصير والهدي

- ‌باب دخول مكة بغير إحرام

- ‌باب فضل الحلق وما يجزئ من التقصير

- ‌باب المرأة تقدم مكة بحج أو عمرة فتحيض قبل قدومها أو بعد ذلك

- ‌باب المرأة تحيض في حجتها قبل أن تطوف طواف الزيارة

- ‌باب المرأة تريد الحج أو العمرة فتلد أو تحيض قبل أن تُحْرِم

- ‌باب المستحاضة في الحج

- ‌باب دخول مكة وما يُستحب من الغُسل قبل الدخول

- ‌باب السعي بين الصفا والمروة

- ‌ باب الطواف بالبيت راكبًا أو ماشيًا

- ‌ باب استلام الركن

- ‌ باب الصلاة في الكعبة ودخولها

- ‌باب الحج عن الميت أو عن الشيخ الكبير

- ‌باب الصلاة بمنى يوم التروية

- ‌باب الغُسل بعرفة يوم عرفة

- ‌باب الدفع من عرفة

- ‌باب بطن محسر

- ‌باب الصلاة بالمزدلفة

- ‌باب ما يحرم على الحاج بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر

- ‌ باب من أي موضع يرمي الحجارة

- ‌ باب تأخير رمي الجمار من علة أو من غير علة وما يُكره من ذلك

- ‌باب رمي الجمار راكبًا

- ‌باب ما يقول عند الجمار والوقوف عند الجمرتين

- ‌باب رمي الجمار قبل الزوال أو بعده

- ‌باب البيتوتة وراء عقبة منى وما يكره من ذلك

- ‌باب من قدم نسكًا قبل نسك

- ‌ باب جزاء الصيد

- ‌ باب كفارة الأذى

- ‌ باب من قدم الضعفة من المزدلفة

- ‌باب جلال البدن

- ‌باب المحصر

- ‌باب تكفين المحرم

- ‌باب من أدرك عرفة ليلة المزدلفة

- ‌ باب من غربت له الشمس وهو في النفر الأول وهو بمنى

- ‌باب من نفر ولم يحلق

- ‌باب الرجل يجامع بعرفة قبل أن يفيض

- ‌باب تعجيل الإهلال

- ‌باب القفول من الحج أو العمرة

- ‌باب الصَّدَرِ

- ‌باب المرأة يكره لها إذا حلت من إحرامها أن تمتشط حتى تأخذ من شعرها

- ‌باب النزول بالمحصب

- ‌باب الرجل يُحرم من مكة هل يطوف بالبيت

- ‌باب المحرم يحتجم

- ‌ باب دخول مكة بسلاح

الفصل: ‌باب ما روي أن الميت يعذب ببكاء الحي

وطهور، أي: رحمة ومظهرة عن الآثام، وكفارة لما سبق، وليست أي: صلاته كغيرها من الصلوات، لقوله تعالى في سورة التوبة:{إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]، وهو أي: التكبير في صلاة الجنازة أربع تكبيرات، أو عدم الصلاة على الجنازة بعد أن يُصلى عليها، قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.

لما فرغ من بيان حكم الصلاة على الميت بعد الدفن، شرع في بيان حكم الخبر من عذاب الميت، ببكاء أهله، فقال: هذا

* * *

‌باب ما رُويَّ أن الميت يُعَذَّب ببكاء الحي

في بيان ما أي: في بيان حكم الخبر رُوي أن الميت يُعذب ببكاء الحي، وفي نسخة: أهله، أي: بسبب بكائه عليه إذا كان الميت راضيًا بنياحة لديه، وهي أي: النياحة، أن يقول: وا ويلاه، وا حزناه، وقيل: هي الصوت التي تعد المرأة خصال الميت.

319 -

أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: لا تبكوا على موتاكم، فإنَّ المَيِّت يُعَذَّب ببكاءِ أهله عليه.

• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن (ق 337) أبي عامر الإِمام، من بني ملك ذي أصبح من ملوك اليمن، كان من أتباع التابعين في الطبقة السابعة من أهل المدينة التي كانت في الإِقليم الثاني في الأقاليم السبعة، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، حدثنا، وفي نسخة بنا رمزًا إلى: أخبرنا عبد الله بن دينار، العدوي المدني، مولى ابن عمر، ثقة تابعي، من الطبقة الرابعة من أهل المدينة، مات سنة سبع وعشرين، عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: لا تبكوا أي: أيها المؤمنون على موتاكم بطريق النياحة بأن يقول الباكي: وا ويلاه، وا حزناه.

روى البخاري ومسلم (1) عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، أنه قال: قال

(319) صحيح الإسناد.

(1)

أخرجه: مسلم (934).

ص: 121

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة - أي: بين أهل الموقف - وعليها سربال - أي: قميص - من قطران، ودرع من جرب"، فإنَّ الميت يُعَذَّب على صيغة المجهول، ببكاءِ أهله أي: أتباعه عليه، قيل: هذا محمول على ما إذا أوحى لأهله أن يبكوا عليه، ويشقوا ثيابهم، ويضربوا خدودهم، كما كان يفعل أهل الجاهلية، فيكون آمرًا بالمعصية وراضيًا بها؛ لأن الله تعالى قال في سورة الإِسراء:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15]، وهذا الحديث موقوف حقيقة، ومرفوع حكمًا.

* * *

320 -

أخبرنا مالك، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عَمْرة بنت عبد الرحمن، أنها أَخْبَرَتْهُ، أنها سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وذُكِرَ لها أن عبد الله بن عمر يقول: إنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّب ببكاءِ الحيِّ، فقالت عائشة: يغفر الله لابن عمر: أما إنه لم يكذب، ولكنه قد نَسِي أو أخطأ، إنما مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة يُبْكَى عليها، فقال:"إنهم لَيَبْكُونَ عليها، وإنها لَتُعَذَّب في قبرها".

قال محمد: وبقول عائشة نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، أي: ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، المدني القاضي، ثقة من الطبقة الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين وهو ابن سبعين سنة، كذا قاله ابن حجر في (التقريب)، عن أبيه، أي: أبي بكر، عن عَمْرة بفتح العين المهملة وسكون الميم وفتح الراء المهملة، وفي آخره تاء التأنيث، وهي كانت في حجر عائشة وربتها، بنت عبد الرحمن، أي: ابن سعد بن زرارة أنها أي: عمرة أَخْبَرَتْهُ أي: أبا بكر أبا عبد الله، أنها أي: قالت عمرة: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وذُكِرَ لها أي: والحال أنه قد ذكر الناس لعائشة رضي الله عنها أن

(320) صحيح، أخرجه: البخاري (1289)، ومسلم (932)، والترمذي (1006)، وابن ماجه (1595)، وأحمد (24237)، ومالك (553).

ص: 122

عبد الله بن عمر يقول: إنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّب ببكاءِ الحيِّ، أي: من أهله عليه، فقالت عائشة: يغفر الله لابن عمر، أي: يسامحه فيما ذكر، أما بفتح الهمزة والميم المخففة، والألف حرف تنبيه، أنه أي: ابن عمر لم يكذب، أي: في نقله، ولكنه قد نَسِيَ أي: سبب ورود قوله، أو أخطأ أي: تأويله، وحمل الحديث على عمومه، إنما مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم -على جنازة يُبْكَى عليها أي: بصيغة المجهول، فقال صلى الله عليه وسلم:"إنهم أي: أصحاب الجنازة لَيبْكُونَ عليها أي: على الجنازة، وإنها لَتُعَذَّب في قبرها"، أي: بذنبها، ولم ينفعها بكاؤهم عليها، وليحيى: إنما مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودية يبكي عليها أهلها، فقال:"إنكم لتبكون عليها، وإنها لتُعذب في قبرها".

قال محمد: وبقول عائشة رضي الله عنها نأخذ، أي: نعمل، فإنه مطابق لقوله تعالى في سورة الإِسراء:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15]، وهو أي: قول عائشة، قولُ أبي حنيفة، رحمه الله، وهو لا ينافي في ما سبق من قول الجمهور، (ق 338) أن تأويله أنه إن كان وصى بالنياحة أو رضي بالنياحة أو قصر في الوصية حينئذٍ تؤاخذ بالجناية، كذا قاله علي القاري.

فإن قيل: هل للأرواح مقر بعد خروجها عن الأبدان قلت: أرواح المؤمنين في عليين، وأرواح الكافرين في سجين، وللروح بالبدن اتصال بحيث يصح أن يخاطب ويسلم عليها ويسأل ويعرض مقعدها، وغير ذلك مما ورد في شأنها لها شيئان: الدنيوي فيكون في مقرها هناك، وإنما يأتي الغلط من قياس هنا قياس الغائب على الشاهد، فيعتد أن الروح من جنس ما يُعهد من الأجسام إذا شغلت مكانًا لم يكن أن يكون في غيره، وهذا غلط محض، لقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج موسى عليه السلام قائمًا يصلي في قبره، ورآه في السماء السادسة، فالروح كانت هناك في مثال البدن، ولها اتصال بالبدن بحيث يصلي في قبره، ويرد على المُسَلِم عليه، وهو في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين، فإن شأن الأرواح غير شأن الأبدان، وقد مثل بعضهم بالشمس في السماء وشعاعها في الأرض، كروح المحمدي يرد من يصلي عليه قبره، وإنما مع القطع أن روحه في أعلى عليين، وهو عليه السلام لا ينفك عن قبره، كما ورد عنه.

فاعلم أن أمور البرزخ والآخرة على نمط غير المألوف في الدنيا، والحاصل أنه ليس

ص: 123