الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرأة المُحْرِمة إذا حَلَّت لا تَمْتَشِط حتى تأخذ من شعرها؛ شعرِ رأسها، وإن كان لها هَدْيٌ لم تأخذ من شعرها شيئًا حتى تنحر.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامّة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا حدثنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني، مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر، أنه كان يقول: المرأة المُحْرِمة أي: بالحج والعمرة إذا حَلَّت أي: إذا أرادت الخروج من إحرامها لا تَمْتَشِط أي: لا تسرح شعر رأسها حتى تأخذ (ق 556) من شعرها؛ وهذا مجمل بيانه شعرِ رأسها، وإن كان لها هَدْيٌ أي: هدي واجب أو تطوع لم تأخذ من شعرها شيئًا حتى تنحر أي: إلى غاية ذبح بدنتها، وهذا الترتيب بالنسبة إلى القارن أو المتمتع واجب، وأما بالنسبة إلى المفرد فمندوب، وقد تقدم.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه نافع عن ابن عمر وهو قولُ أبي حنيفة، والعامّة من فقهائنا.
لما فرغ من بيان حكم حال المرأة المحرمة تريد أن تخرج من إحرامها، شرع في بيان حكم النزول بالمحصب، فقال: هذا
* * *
باب النزول بالمحصب
في بيان حكم النزول بالمحصب، بضم الميم وفتح الهاء المهملة المخففة والصاد المهملة المشددة والموحدة.
قال ابن عبد البر وتبعه عياض: هو اسم لمكان متسع بين مكة ومنى، وهو أقرب إلى منى، ويقال له: الأبطح والبطحاء وخيف بين كنانة وكان الكفار اجتمعوا فيه وتحالفوا على ضرار رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل صلى الله عليه وسلم فيه إراءة لهم لطيف صنع الله تعالى به وتكريمه بنصره وفتحه، فذلك سنة كالرمل والطواف كذا في شرح (المجمع).
وقال شمس الأئمة السرخسي في مبسوطه: والأصح أن التحصيب سنة ولو ساعة، وإلا فالأفضل أن يصلي فيه العصر والظهر والمغرب والعشاء ويهجع هجعة، أي: ينام نومة ثم يدخل مكة على ما ذكره ابن الحمام، ويؤيده قوله:
519 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه كان يصلي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمحصّب، ثم يدخل من الليل فيطوف بالبيت.
قال محمد: هذا حسن، ومن تركَ النزول بالمحصّب فلا شيء عليه، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه كان يصلي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمحصّب، ثم يدخل أي: مكة من الليل أي: آخره فيطوف بالبيت أي: طواف الوداع ويتوجه إلى المدينة.
وقال الشافعي: النزول بالمحصب ليس نسبة، لما في الكتب الستة من حديث عائشة، رضي الله عنها أنها قالت: إنما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب ليكون أسمح لخروجه، وليس بسنة فمن شاء تركه ومن شاء لم يتركه (1)، ولنا ما رواه مسلم (2) من حديث نافع عن ابن عمر: إنه كان يرى التحصيب سنة.
قال نافع: قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده. أقول: الأظهر أنه مستحب، وليس سنة مؤكدة، إذ المحصب لا يسع بجميع الحاج بلا شبهة، فلا يقاس على الرمل أو يقال: إنها سنة مؤكدة على طريق الكفاية أو متعينة على أفراد الحاج، وهذا أمر تركه الناس بالكلية إلا من نزل فيه من أعراب البادية من غير القصد والنية، والله ولي دينه وناصر نبيه.
قال محمد: هذا أي: النزول بالمحصب حسن، أي: مستحسن ومستحب ومن تركَ النزول بالمحصّب فلا شيء عليه، اتفاقًا إذ ليس بواجب وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
لما فرغ من بيان حكم النزول بالمحصب، شرع في بيان حكم حال الرجل يحرم من مكة، فقال: هذا
* * *
(519) إسناده صحيح.
(1)
صحيح أخرجه البخاري (1676) ومسلم (1211) وغيرهما.
(2)
برقم (1310)(2/ 951).