الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن كل حمد صدر عن كل حامد، فهو له حقيقة، ولو حمد غيره صورة يحيي ويميت أي: يوجد الحياة والموت، وله الحياة الأبدية الذاتية وحياة غيره عارضية وهو على كل شيءٍ قدير أي: تعلقت به الإرادة قديرًا أي: تام القدرة، وهي جملة حالية أيضًا آيبُونَ، أي: نحن راجعون ظاهرًا تائبون، أي: باطنًا عابدُونَ، ساجِدُونَ أي: مصلون أو منقادون لرَبِّنَا يحتمل أن يتعلق بما قبله أو بما بعده حامِدُونَ، أي: مثنون بالحسنى من الأسماء، وشاكرون في السراء والضراء صَدَقَ الله وَعْدَه، أي: في إظهار الدين وكون العافية للمتقين وغير ذلك من أمور اليقين ونَصَرَ عَبْدَه، أي: عبده خاص المواقف على قدم الإِخلاص وأتباعه من العوام والخواص وَهَزَمَ الأحزابَ وهم الذين اجتمعوا يوم الخندق وتحزبوا على عداوة رسول الحق وَحْدَه" أي: من غير قتال من الآدميين بل بإرسال ريح وجنود من الملائكة المقربين، والحمد لله رب العالمين.
لما فرغ من بيان الذكر عند الرجوع عن الحج والعمرة، شرع في بيان الفعل عند الرجوع عنها.
* * *
باب الصَّدَرِ
في بيان الصدر بفتحتين أي: الرجوع، ومنه قوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ} [الزلزلة: 6].
516 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صَدَر من الحج أو العُمْرَة أناخَ بالبطْحَاءِ التي بذي الحُلَيْفَة، فَيُصَلِّي بها يكبر ويُهَلِّل، قال: وكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن مالك بن عمير بن أبي عامر الإِمام الأصبحي، يعني منسوب إلى ملك ذي أصبح من ملوك اليمن، كان في الطبقة السابعة من طبقات كبار التابعين، من أهل المدينة حدثنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني مولى ابن عمر، ثقة فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة
(516) إسناده صحيح، أخرجه مسلم (1257).
ومائة من الهجرة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صدر أي: إذا طاف البيت (ق 555) بطواف الصدر المسمى بطواف الوداع ورجع من الحج أو العُمْرَة أناخَ بنون وألف وخاء معجمة، أي: برك وأقعد راحلته على أربع قوائمة بالبطْحَاءِ وهو في الأصل مسيل واسع فيه دقاق الحصبا، ولذا وصفه بقوله التي بذي الحُلَيْفَة، احترازًا عن البطحاء التي بين مكة والمدينة فَيُصَلِّي بها أي: حمد الله تعالى ويُهَلِّل، أي: كما سبق في الباب الذي تقدم.
قال الزرقاني (1): وليس هذا من مناسك الحج، وإنما يؤخذ منه أماكن نزوله صلى الله عليه وسلم ليتأتى به فيها؛ إذ لا يخلوا شيء من أفعاله عن حكمة وأيضًا لطلب فعل ذلك الموضع، لما في الصحيحين: عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري بذي الحليفة، فقيل له: إنك ببطحاء مباركة (2) انتهى. قال: أي: نافع وكان وفي نسخة: فكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك أي: مثل فعله صلى الله عليه وسلم وفيه تنبيه على أنه مستحب لأهل المدينة أنهم ينزلون في ذي الحليفة ذهابًا وإيابًا، وينبغي أن يكون كذا أمر غيرهم ولعل فائدة هذا لحوق السابق من الرفقة وزيادة المتعة حال الرجعة بشيوع خبر الوصلة، وهذا الحديث مشتمل على الصدر اللغوي بخلاف قوله.
* * *
517 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب قال: لا يَصْدُرَنَّ أحدٌ من الحاجّ حتى يطوفُ بالبيت، فإنَّ آخِرَ النُّسُكِ الطَّوَافُ بالبيت.
قال محمد: وبهذا نأخذ، طوافُ الصَّدَر واجِبٌ على الحاجّ، ومن تركه فعليه دَمٌ، إلا الحائض والنُفساءَ فإنها تَنْفِر ولا تطوف إن شاءَتْ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامَّة من فقهائنا.
(1) في شرحه (2/ 487).
(2)
أخرجه البخاري (1462) ومسلم (1346).
(517)
إسناده صحيح.