الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وركعتين قبل صلاة الغداة"، ويستحب الأربعة قبل العصر، لما روى أبو داود والترمذي، وقال: هذا الحديث حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعًا"، وكذا يستحب بعد العشاء أربعًا، لما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: بتُ عند خالتي ميمونة بنت الحارث، زوج النبي صلى الله عليه وسلم فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم قام فصلى خمس ركعات، ثم ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة، ولا يخفى من جملة ثلاث الوتر، فدل على أن أقل التهجد ركعتان، والمراد بقوله: ثم ركعتين، أي: سنة الصبح، ولعل بيتوتة عبد الله بن عباس عند خالته وقعت متعددة.
لما فرغ من بيان أحكام صلاة التطوع بعد الفريضة، شرع في بيان حكم حال الرجل لمس القرآن جنبًا أو غير متوضئ، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يمس القرآن وهو جنب أو على غير طهارة
في بيان أحكام حال الرجل، أي: الذي، أو حال كونه يمس القرآن، أي: المصحف الذي كتب فيه ما يدل على الكلام النفسي لله تعالى، وهو، أي: والحال أن ذلك الرجل جنب أو على غير طهارة، أو غير متوضئ، و"أو" للتنويع للإِيماء بأن حكم الجنب في هذه المسألة سواء، وهو الحرمة، وفي معنى الجنب الحائض والنفساء، وفي هذه الترجمة تلميح إلى قوله تعالى في سورة الواقعة:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]، وهو أي: التلميح أيضًا من فحوى الكلام، أي: في معناه إلى قصة أو شعر من غير أن تذكر صريحًا، كذا قاله السيد الشريف الجرجاني.
297 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، قال: إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حَزْم: "لا يَمسُّ القرآن إلا طاهر".
(297) صحيح، أخرجه: الدارمي (2266)، ومالك (468).
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرنا وفي نسخة: قال: بنا، رمزًا إلى أخبرنا، وفي نسخة أخرى: ثنا، رمزًا إلى حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم، أي: ابن زيد بن الوزان الأنصاري، المدني القاضي، ثقة في الطبقة الخامسة، قال بعض المؤرخين: إنه مات في خمس وثلاثين ومائة بعد الهجرة، وهو ابن سبعين سنة، كذا قاله ابن حجر في (التقريب)، قال: إن في الكتاب أي: المكتوب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حَزْم أي: حين استعمله صلى الله عليه وسلم على نجران، وهو بلد باليمن، وهو القاضي فيها سنة عشر، وفيه مجاز في الإِسناد كبنى الأمير المدينة، أي: كتب كاتبه صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، وإلا خالف ظاهره بقوله تعالى في سورة الأعراف:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157]، والمراد بالنبي الأميّ: الذي لم يكتب ولم يقرأ من المكتوب، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، "لا يَمَسُّ القرآن أي: رجل مؤمن مكلف من غير حائل، لما في البخاري عن أبي وائل، أنه كان يدل خادمه وهي حائض إلى أبي زرين لتأتيه بالمصحف فتمسكه بغلافة، وفي نسخة: بعلاقته، بكسر العين المهملة، أي: حمائله التي يحمل بها، قوله:"لا يمس القرآن" نفي بمعنى النهي، ويؤيده قوله تعالى:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79]؛ لأن خبر الله تعالى لا يكون خلافه، وقد وجد من لا يمسه غير طاهر فثبت أن المراد به نهي (ق 305) تحريمي، إلا طاهر"، أي: متوضئ إكرامًا للقرآن وتعظيمًا، فيستوي في ذلك من [في](1) يديه دنس ومن لا يوجد، هذا خلاصة ما قاله الزرقاني من مس القرآن بغير الوضوء، فقد ارتكب نهيًا تحريميًا.
فما ظن من ألقى المصحف في الأرض تساهلًا له غير مبال له؟ ألم ير إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "القرآن شافع مشفع، وماحل - أي: مشتكي إلى الله تعالى - فمن جعله أمامه قاده إلى الجنة - من عمل بموجبه، وعظيم شأنه بأنواع التعظيم يجره إلى الجنة - ومن جعله خلف ظهره، قاده إلى النار"، أي: ومن لم يعمل بموجبه، ولم يعظم شأنه، ولم ينظر بإجلال نظر وألقاه في الأرض تساهلًا، يطرحه القرآن في النار.
* * *
(1) ساقطة من الأصل.
298 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول: لا يسجد الرجل ولا يقرأ القرآن إلا وهو طاهر.
قال محمد: وبهذا كله نأْخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، إلا في خصلة واحدة، لا بأس بقراءة القرآن على غير طهر؛ إلا أن يكون جنبًا.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، من أتباع التابعين في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وهي في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، أخبرنا وفي نسخة: قال: ثنا، نافع، أي: المدني مولى ابن عمر، عن ابن عمر، أنه كان يقول: لا يسجد الرجل أي: لا يضع المؤمن جبهته على الأرض بقصد العبادة ولا يقرأ القرآن إلا وهو طاهر، أي: من النجاسة الكبرى وهي الجنابة، والحديث رواه الطبراني بإسناد حسن عن ابن عمر، وروى الحاكم في (المستدرك) وقال: صحيح الإِسناد عن حكيم بن حزام، أنه قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، قال:"لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر".
قال محمد: وبهذا أي: بهذا الحديث الذي ذكر في هذا الباب كله نأْخذ، أي: نعمل ونُفتي، وهو أي: أن لا يسجد المحدث، وأن لا يقرأ القرآن جنب، قولُ أبي حنيفة، إلا في خصلة واحدة، وهي التيمم استثناء من كله لا بأن أي: لا كراهة بقراءة القرآن على غير طهر؛ أي: بلا وضوء، سواء أكان قارؤه نظرًا في المصحف وقراءة بظهر القلب، لما روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح النوم عن وجهه ثم قرأ العشر الآيات من آخر سورة آل عمران، ثم قام إلى شن فتوضأ، وقال عليّ رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه عن تلاوة القرآن شيء إلا الجنابة، ولا خلاف في ذلك بين العلماء إلا من شذ منهم، إلا أن يكون جنبًا، وفي معناه الحائض والنفساء، وكذا قال علي القاري والزرقاني.
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل يمس القرآن وهو جنب، أو على غير طهارة، شرع في بيان أحكام حال الرجل يجر ثوبه والمرأة تجر ذيلها، فقال: هذا
* * *
(298) صحيح، أخرجه: البيهقي في الكبرى (3882).