الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المداومة على الصيام
في بيان حكمة المداومة على الصيام وكذا المداومة على الفطر في بعض الأيام.
373 -
أخبرنا مالك، حدثنا أبو النَّضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم، حتى يُقال: لا يُفطر، ويُفْطِر حتى يُقال: لا يصوم، وما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، يعني نسبة إلى ملك ذي أصبح، من ملوك اليمن، كان في الطبقة السابعة من طبقات كبار أتباع التابعين، من أهل المدينة، في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، وفي نسخة: محمد قال: بنا، حدثنا وفي نسخة: قال: بنا، أبو النَّضر، بفتح النون وسكون الضاد المعجمة اسمه سالم بن أمية مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي المدني، كان في الطبقة (1) من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة تسعة وعشرين ومائة كذا قاله ابن حجر في (التقريب من أسماء الرجال) (2) عن أبي سلمة أي: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة مكثر، كان من الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، وكان مولده سنة بضع وعشرين ومات سنة أربعة وتسعين وأربع ومائة (3) عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: أحيانًا يصوم، أي: النوافل متتابعة حتى يُقال: لا يُفطر، أي: ينتهي صومه إلى غاية يقال: لا يفطر ويُفْطِر أي: أحيانًا ويستمر علي إفطاره حتى يُقال: لا يصوم، أي: ينتهي
(373) أخرجه: البخاري (1868)، ومسلم (1156)، وأبو داود (2434)، والترمذي (768)، والنسائي في المجتبى (2176)، (2350)، وأحمد (24236)، (25522)، ومالك (674)، وابن أبي شيبة (2/ 514)، والنسائي في الكبرى (2660)، وابن خزيمة (2133)، والطبراني في الكبير (23/ 256)، حديث (528)، والبيهقي في الكبرى (8512)، (8556)، وأبو يعلى (4633)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 83)، وعبد بن حميد (1516)، والربيع في مسنده (313)، من رواية عائشة.
(1)
كلمة ناقصة ولا توجد في المخطوط.
(2)
انظر: التقريب (1/ 194).
(3)
انظر: التقريب (2/ 727).
فطره إلى غاية يقال: لا يصوم وذلك لما رأى في المصلحة المتفقة والحكمة هنالك وما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان؛ لئلا يظن وجوبه وكلمة "قط" على ثلاث أوجه:
أحدها: أن تكون ظرف زمان كاستغراق ما مضى، وهذه بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة في أفصح اللغات، وتختص النفي يقال: ما فعلته قط، والعامة تقول: لا أفعل قط، وهو لحن، واشتقاقها من قططتها فمعناها: ما فعلته فيما انقطع من عمري؛ لأن الماضي منقطع عن الحال والاستقبال وبنيت لتضمنها معنى مذ وإلى أن المعنى مُذ أن خُلِقْت أي الآن وعلى حركة؛ لئلا يلتقي الساكنان، وكانت الضمة تنبيهًا بالغايات، وقد يكسر على أصل التقاء الساكنين، وقد تتبع قافه طاؤه في الضم، وقد يخفف طاؤه مع ضمها أو إسكانها.
والثاني: أن تكون بمعنى حسب، وهذه مفتوحة القاف ساكنة الطاء يقال: قطني وقطاء وقط زيد درهم كما يقال وحسب معربة.
والثالث: أن تكون اسم فعل بمعنى يكفي فيقال: قطني بنون الوقاية كما يقال: يكفيني وتكون نون الوقاية علي الوجه الثاني حفظًا للبناء وكذا قاله ابن هشام (1). وما رأيته في شهر أكثر بالنصب ثاني مفعول رأيت أي: ما علمته صيامًا بالنصب وروي بالخفض، قال السهيلي: وهو وهم كأنه كتب بلا ألف علي لغة من يقف على المنصوب بالنون بدون الألف فتوهم محفوظًا، أو ظن بعض الرواة أنه مضاف؛ لأن صيغة أفعل تضاف كثيرًا، فتوهمها مضافة وهي ممتنعة هنا قطعًا منه في شعبان متعلق بصيام الرفع أعمال العباد فيه، ففي النسائي عن أسامة (ق 399) قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال:"ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". (2) فبين وجه صيامه دون غيره برفع الأعمال فيه وأنه يغفل عنه؛ لأنه لما اكتنفه
(1) انظر: مغني اللبيب (ص: 232).
(2)
أخرجه: النسائي في المجتبى (2356)، (2357)، وأحمد (21246)، والنسائي في الكبرى (2666)، والبيهقي في الشعب (3820)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 18)، والبغوي في مسند أسامة (49)، وابن عدي في الكامل (2/ 92).