الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما فرغ من بيان المحرم يقتل قملة أو غيرها وبيان ما لزمه عليه، شرع في بيان حكم حجامة المحرم، فقال: هذا
* * *
باب الحجامة للمحرم
في بيان حكم الحجامة بكسر الحاء المهملة الاحتجام، سميت بذلك لما في المص قال في الحجام: المصاص للمحرم زاد في رواية علقها البخاري (1): "من شقيقة كانت به" وهي نوع من الصداع يعرض في مقدم الرأس وإلى أحد جانبيه انتهى.
416 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يحتجم المُحْرِم إلا أن يُضْطَرَّ إليه، مما لا بد له منه.
قال محمد: لا بأس من أن يحتجم المحرم، ولكن لا يحلق شعرًا.
بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم محرم، فبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا، أخبرنا وفي نسخة: قال: بنا، نافع بن عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة ثبت فقيه مشهور من الطبقة الثالثة مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك من الهجرة (2) أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يحتجم المُحْرِم إلا أن يُضْطَرَّ إليه، أي: إلى الاحتجام مما أي: من أمر لا بد له منه كذا في نسخة: أي: مما لا فراق عنه ولا علاج فيه إلا الحجامة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحتجم إلا لضرورة فإن احتجم لغير ضرورة حرمت، لأنه لزم منها قلع الشعر فإن كان في موضع لا شعر فيه فأجازها الجمهور ولا فدية، وأوجبها الحسن البصري وكرهها ابن عمر وبه قال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة، ولا يكره؛ لأنها قد تؤدى إلى ضعفه، كما كره
(1) أخرجه: البخاري: كتاب الطب، باب الحجم من الشقيقة والصداع.
(416)
أخرجه: مالك (773)، والشافعي في المسند (1056).
(2)
تقدم.
صوم يوم عرفة للحجاج مع أن الصوم أخف من الحجامة، فبطل استدلال المجيز بأنه لم يقم دليل على تحريم إخراج الدم في الإِحرام، لأنا لم نقل بالحرمة بل بالكراهة لعلة أخرى قد علمت.
قال محمد: لا بأس من أن يحتجم المحرم؛ لأن إخراج الدم لا يضر الإِحرام اتفاقًا؛ ولذا يجوز له القصد إجماعًا ولكن لا يحلق وفي نسخة: لا يحلقن شعرًا أي: وإن حلق بعذر فعليه الفدية المتقدمة من قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] والمراد بالصدقة نصف صاع من بر أو صاع من شعير، وإن حلق المحرم رأسه بغير عذر فعليه الدم، وإن لم يكن في موضع الحجامة شعر فلا بأس بها.
بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو صائم محرم، أي: فوق رأسه، وفي رواية الصحيحين: وسط رأسه في حجة الوداع، كما جزم به الحازمي وغيره، وقد تقدم حلق المحجم موجب للدم في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: الواجب في حلق المحاجم الصدقة؛ لأنه صح أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم (1) ولو كان حلق المحاجم يوجب الدم لما باشره صلى الله عليه وسلم.
وأجيب عنه بأنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم (ق 450) احتجم في موضع لا شعر فيه أو احتجم بعذر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل ما يوجب الصدقة، كما لا يفعل ما يوجب الدم كذا قاله علي القاري فبهذا أي بقول ابن عمر نأخذ، أي: نعمل وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا أي: الحنفيين ولأبي داود والنسائي والحاكم عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به (2) ولفظ الحاكم: "على القدمين"
(1) أخرجه: البخاري (1738)، ومسلم (1202)، وأبو داود (1835)، والترمذي (839)، والنسائي في المجتبى (2845)، وأحمد (1925)، والدارمي (1765)، والنسائي في الكبرى (3206)، وابن حبان (3950)، وابن خزيمة (2651)، والطبراني في الكبري (11386)، والأوسط (2455)، وابن الجارود في المنتقى (442)، وأبو يعلى (2390)، ومسند أبي حنيفة (ص: 117)، وعبد بن حميد (622)، والحميدي (500)، وابن الجعد (2994)، والمختارة (2012).
(2)
أخرجه: أبو داود (1837)، والنسائي في المجتبى (2849)، وأحمد (12271)، والنسائي في =