الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما فرغ من بيان ما يتعلق بجواز الإِحجاج عن الميت، وعن المريض الذي لا يرجى زوال مرضه، شرع في بيان ما يتعلق بالصلاة بمنى يوم التروية، فقال: هذا
* * *
باب الصلاة بمنى يوم التروية
في بيان حكم الصلاة بمنى يوم التروية أي: اليوم الثامن من شهر ذي الحجة يسمى به؛ لأنهم كانوا يرون إبلهم فيه، ويأخذون الماء ليشرب يوم عرفة، وقيل: سميت تروية لأن آدم صلوات الله على نبينا وعليه رأى فيه حواء رضي الله عنها واجتمع بها، أو لأن إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه رأى ليلته ذبح ابنه فأصبح يتروى، أو لأن جبريل عليه السلام أري إبراهيم فيه المناسك، أو لأن الإِمام يعلم الناس فيه المناسك، وهي شاذة، إذ لو كان من الأول لقيل يوم الرؤية أو الثانية لقيل يوم التروي بتشديد الواو، والثالث لقيل الرؤيا، والرابع لقيل: الرواية كذا قاله الزرقاني.
484 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أنَّ عبد الله بن عمر، كان يصليّ الظُّهْرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والصُّبْحَ بمنَّى، ثم يغدو إذا طَلَعتِ الشمس إلى عَرَفَة.
قال محمد: هكذا السُّنَّة، وإن عجِّلَ أو تأخَّرَ، فلا بأس، إن شاءَ الله تعالى، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا وفي نسخة: أبنا، وفي أخرى: قال: بنا نافع، بن عبد الله المدني التابعي مولى ابن عمر، ثقة ثبت فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك كذا في (التقريب) لابن حجر (1) أنَّ عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما كان يصليّ الظُّهْرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والصُّبْحَ بمنَّى، بعرفة ويمنعه وفيه تنبيه أنه كان يخرج من مكة بعد طلوع الشمس إلى منى ثم أي: بعد أداة الصلوات الخمس بمنى يوم التروية يغدو أي:
(484) إسناده صحيح.
(1)
التقريب (1/ 559).
يذهب وقت الغدوة من منى إذا طَلَعتِ الشمس إلى عَرَفَة اتباعًا لما رواه ابن عمر وغيره من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث موقوف على ابن عمر حقيقة ومرفوع حكمًا، لما روى مسلم عن جابر، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى وركب صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر من أبي داود (1) والترمذي وأحمد (2) والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما: صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى، ولأحمد عنه صلى الله عليه وسلم بمنى خمس صلوات.
ولابن خزيمة والحاكم عن عبد الله بن الزبير قال: من سنة الحج أن يصلي الإِمام الظهر وما بعدها والفجر بمنى ثم يغدون إلى عرفات.
وقد استحب ذلك الأئمة الأربعة وغيرهم، وأما قول أنس عن الشيخين افعل كما يفعل أمراؤك (ق 530) فإشارة إلى متابعة أولي الأمر، والاحتراز عن مخالفة الجماعة، وأن ذلك ليس بواجب، وأن الأمر إذ ذاك ما كانوا يواظبون على صلاة الظهر ذلك اليوم بمكان معين. كذا قاله الزرقاني.
قال محمد: هكذا السُّنَّة، أي: المأثورة، وإلا فهي المستحبة كما يدل عليه قوله: وإن عجَّلَ أي: تقدم إلى عرفات في يوم التروية أو قبله أو تأخَّرَ، أي: عن صبح عرفة لضرورة عن غيرها بحيث يصل عرفات في وقت وقوفها وفي نسخة: فإن عجل أو أخر فلا بأس، إن شاءَ الله تعالى، وإنما استثنى احتياطًا؛ لاحتمال جعل تأخره صلى الله عليه وسلم في منى كان للنسك وقصد العبادة ولضرورة قلة الماء بعرفات هو للاستراحة ولحوق الجماعة المتأخرة، وعلى كل تقدير فالأولى هو المتابعة تعبدًا في الطاعة وهو أي: عدم البأس في تقدم عرفات في يوم التروية أو تأخره قولُ أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، ولا أعلم خلافًا في ذلك.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بالصلاة في منى يوم التروية، شرع في بيان ما يتعلق بالغسل بعرفات، فقال: هذا
* * *
(1) أبو داود (1911).
(2)
الترمذي (1/ 297)، وأحمد (2701).