الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• بلغنا عن عمار بن ياسر، أنه أغمي عليه أربع صلوات ثم أفاق، فقضاها.
قال محمد: أخبرنا بذلك أبو معشر المَدِيني، هو نجيح بن عبد الرحمن السندي بكسر السين المهملة، وسكون النون، وكسر الدال، والياء التحتية، مولى بني هاشم، مشهور بكنيته، ضعيف، كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين، من المدينة، مات سنة سبعين ومائة، ويقال: عبد الرحمن بن الوليد بن هلال، كذا قاله ابن حجر، عن بعض أصحابه، أي: أصحاب عمار رضي الله عنه، وروى الدارقطني عن يزيد مولى عمار بن ياسر أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وأفاق نصف الليل فقضاهن (1)، وفيه تغليب فإن العشاء وقع في آخر وقتها أداءً لا قضاءً.
وقال مالك والشافعي: من أغمي عليه بمرض أو سبب مباح سقط عنه قضاء ما كان في حال إغمائه من الصلاة على الإِطلاق، وقال أحمد: الإِغماء يمنع وجوب القضاء بحال، كما قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم صلاة المغمى عليه، شرع في بيان حكم صلاة المريض، فقال: هذا
* * *
باب صلاة المريض
في بيان حكم صلاة المريض، والمناسبة بين هذا الباب وذاك الباب الآفات السماوية، فإضافة صلاة إلى المريض من إضافة الفعل إلى الفاعل، والمرض حالة للبدن خارجة على مجرى الطبيعة، وإذا تعبر على المريض كل القياس بأن لا يقوم أصلًا لا بقوة نفسه، ولا بالاعتماد على شيء أو تعسر عليه كل القيام بوجود ألم شديد أو خاف زيادة المرض، أو بطئه بسبب القيام، صلى قاعدًا بركوع وسجود.
كما روى الجماعة إلا مسلمًا عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال: كانت بي بواسير، فسألتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: "صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا؛ فإن لم
(1) أخرجه: عبد الرزاق في مصنفه (4156)، والدارقطني (2/ 81)، والبيهقي في الكبرى (1861).
تستطع فعلى جنبك"، زاد النسائي: "فإن لم تستطع فمستلقيًا"، قال الله تعالى في سورة آل عمران:(ق 276){الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191]، كذا في (سلم الفلاح شرح مذنب نور الإِيضاح).
280 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، أن عمر قال: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه.
قال محمد: وبهذا نأخذ، ولا ينبغي له السجود على عودٍ، ولا شيء يرفعه إليه، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: ثنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا وفي نسخة: عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ أي: أشار إلى السجود برأسه.
قال محمد: وبهذا أي: بقول ابن عمر نأخذ، أي: نعمل ونفتي، ولا ينبغي له أي: للمريض أن يسجد على عودٍ، أي: بأن يرفع إلى وجهه لوحًا يسجد عليه، ولا على شيء يرفعه إليه، كوسادة ونحوها، ويجعل سجوده أي: وينبغي للمولى أن يجعل إشارته برأسه إلى سجوده أخفض أي: أسفل من إشارته إلى ركوعه؛ لأن ركنيه القيام للتوسل به إلى السجدة، لما فيها نهاية التعظيم، وإذا لم يقدر السجود لا يكون ركنًا فيخير في الإِشارة إلى الركوع والسجود، وإن لم يخفض إيمائه إلى السجود من الركوع لا تصح صلاته، كذا قاله الشرنبلالي في (نور الإِيضاح).
وهو أي: ما اختاره ابن عمر، قولُ أبي حنيفة، وهذا الحديث موقوف حقيقة ومرفوع حكمًا، لما روى البزار في مسنده عن جابر رضي الله عنه، والطبراني في (معجمه)، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضًا فرآه يصلي على وسادة، فأخذها ورمى بها، فأخذ عودًا ليصلي عليه، فأخذه فرمى فقال:"صل على الأرض إذا استطعت، وإلا فأومئ إيماءً واجعل سجودك أخفض من ركوعك"، كذا قاله علي القاري.
(280) صحيح، أخرجه: مالك (392)، والبيهقي في الكبرى (3770).