الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بذلك واسمه أيضًا عبد الرحمن قيل: لأن أباه مات وهو حمل، فلما ولد سمته حفصة باسم أبيه، وقالت: لعل الله يجبره وقيل: سقط فجبر فقيل له: المجبر قد أفاض أي: والحال أن المجبر نفر من منى ولم يحلق رأسه ولم يقصّر؛ أي: قبل الإِفاضة جهل ذلك، أي: لم يعلم عبد الرحمن الأصغر حلق رأسه أو قصره أو منى فأمره عبد الله بن عمر أن يرجع أي: إلى منى فإن الحلق به أفضل إجماعًا فيحلق رأسه أو يقصر، أي: مع أنه يجوز فعلها في الحرم مطلقًا ثم يرجع إلى البيت فَيُفِيض أي: ليالي بالترتيب، فإنه أمر مندوب، إذ لو طاف قبل الرمي والحلق لا شيء عليه ويكره، وكذا لو حلق في منى من أرض الحرم لخالف الأفضل.
قال محمد: وبهذا نأخذ أي: لا نعمل إلا بما رواه نافع عن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
لما (ق 552) فرغ من بيان حكم حال من انصرف من منى، ولم يحلق رأسه، شرع في بيان حكم حال من يجامع امرأته بعد الوقفة بعرفات قبل أن يفيض، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يجامع بعرفة قبل أن يفيض
في بيان حكم حال الرجل، أي: المحرم للحج يجامع امرأته أي: بعد الوقوف بعرفات قبل أن يفيض، أي: أن يرجع منها بعد إدراك الوقفة.
513 -
أخبرنا مالك، أخبرنا أبو الزبير المكي، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل وقع على امرأته قبل أن يفيض، فأمره أن ينحر بدنة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من وقف بعرفة فقد أدرك الحج، فمن جامع بعد ما يقف بعرفة لم يفسد حجه، ولكن عليه بدنة لِجِمَاعِه، وحَجُّهُ تامّ، وإذا جامع قبل أن يطوف طواف الزيارة لا يفسد حجه"، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامَّة من فقهائنا.
(513) في إسناد الموقوف عنعنة أبي الزبير فهو مدلس.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا أبو الزبير المكي، محمد بن مسلم، تدرس بفتح المثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء الأسدي، مولاهم صدوق إلا أنه يدلس، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل مكة، مات سنة ست ومائة عن عطاء بن أبي رباح، بفتح الراء المهملة والموحدة المخففة، واسمه أسلم القرشي مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل مكة، مات سنة أربع عشرة ومائة على المشهور، كذا قاله ابن حجر (1) عن ابن عباس: رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل وقع أي: جامع على امرأته وهو بمنى، كما في (الموطأ) برواية يحيى قبل أن يفيض، أي: طواف الإِفاضة والزيارة فأمره أن ينحر بدنة أي: إذا جمع مرة أو مرارًا واتحد المجلس، وأما إن اختلف فبدنة للأول وشاة للثاني في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد: يكفيه كفارة واحدة، كما بينها في (سلم الفلاح شرح نور الإِيضاح).
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: إنما نعمل بما رواه عطاء بن أبي رباح عن أبي رباح عن ابن عباس قال سعيد بن زيد الباجي المكي: وهذا إذا طاف بعد رمي جمرة العقبة، أو بعد يوم النحر وقبل الإِفاضة، وأما إن جامع قبل رمي يوم النحر فالمشهور من مذهب مالك أن حجه فاسد. كذا قاله علي القاري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وقف بعرفة فقد أدرك الحج، (2) أي: لم يفته، وهذا معنى قوله: فمن جامع أي: قبل الحلق بعد ما يقف بعرفة أي: ولو ساعة لم يفسد حجه، ولكن عليه بدنة لِجِمَاعِهِ، أي: كفارة وحَجُّهُ تامّ، أي: لما في السنن الأربعة عن عروة بن مضر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن شهد صلاتنا هذه، أي صلاة بمزدلفة، وقف معنا حتى يدفع وقد وقف بعرفات قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه" وحقيقة التمام غير مرادة لبقاء طواف الزيارة، وهو ركن المراد به إلا من الفساد وإذا جامع قبل أن يطوف طواف الزيارة لا يفسد حجه" وهو أي: ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: "من وقف
(1) في التقريب (1/ 391).
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 226، 404).
بعرفات فقد أدرك حجه" (1) قولُ أبي حنيفة، والعامَّة من فقهائنا والحاصل أنه وطئ قبل وقوف عرفات أفسد حجه ومضى فيه أي: تم أفعال حجه بأن يتحلل عن إحرامه بالوقوف في عرفات والطواف بالبيت سبعة أشواط، ليخرج عما التزمه من الحج صورة، ولو كان حجه فاسدا وإحرامه عبثًا فيذبح شاة ويقضي حجه من قابل سنة بإحرام جديد، كما قلنا في (سلم الفلاح شرح نور الإِيضاح).
وقال الشافعي: يجب عليه بدنة اعتبارًا بالجماع بعد الوقوف، بل أولى؛ لأن الجماع قبله في مطلق الإِحرام (ق 553) وبخلاف بعده أجيب بأنه لما وجب القضاء في الجماع قبل الوقوف أخف معنى الجناية، فيجب الشاة، وقد روى البيهقي (2) عن يزيد بن نعيم الإِسلامي التابعي أن رجلًا جامع امرأته وهما محرمان فسألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما:"اقضيا نسككما واهديا هديًا" واسم المهدي يتناول الشاة، كما يتناول البدنة وفي البدنة أكمل لكن الواجب انصراف المطلق إلى الكمال وفي الماهية لا إلى الأكمل وماهية الهدي كاملة فيها، وقد تقدم تحقيق هذا المبحث في تفسير قوله تعالى:{فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وأن الجمهور على أنه الشاة، وأما جماعه بعد الوقوف بعرفات قبل الحلق سواء يقع قبل الرمي أو بعده فيوجب بدنة لما سبق في الحديث ولا يفسد حجه.
قال الشافعي: وهو أظهر القولين في مذهب مالك: يفسد إذا جامع قبل الرمي اعتبارًا لو جامع قبل الوقوف؛ لأن كلًا منهما قبل التحلل، وجوابه تقدم وإذا جامع بعد الحلق قبل الطواف يجب شاة، ولو جامع بعد طواف الزيارة وبعد الحلق فعليه شاة، لوجود الجماع في الإِحرام. كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل يجامع امرأته بعرفات قبل أن يرجع شرع في بيان تعجيل الإِهلال، فقال: هذا
* * *
(1) تقدم قريبًا.
(2)
في السنن الكبرى (5/ 166، 167).