الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُضطر إليه، إلا أنه لا يحلق شعرًا، إلا إن اضطر إليه ويعطي كفارة وهو قولُ أبي حنيفة.
* * *
522 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر، قال: لا يحتجم المحرم إلا أن يُضطر إليه.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا وفي نسخة: قال: بنا، وفي أخرى: عن نافع، أي: ابن عبد الله المدني، مولى ابن عمر، ثقة فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، من أهل المدينة عن ابن عمر، رضي الله عنهما أنه قال: لا يحتجم المحرم أي: في موضع له شعر يحتاج إلى قطعه إلا أن يُضطر إليه أي: إلى الاحتجام فيفتدي، كما علم من قوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]، ولا منافاة بين هذا الحديث وبين ما تقدم، فإن احتجم لغير ضرورة حرمت إن لزم منها قلع الشعر، فإن كان في موضع لا شعر فيه فأجازها الجمهور ولا فدية، وأوجبها الحسن البصري وكرهها [ابن عمر](1) كما قاله علي القاري والزرقاني.
لما فرغ من بيان حكم حال المحرم يحتجم، شرع في بيان حكم دخول مكة بسلاح، فقال: هذا
* * *
73 -
باب دخول مكة بسلاح
باب في بيان حكم دخول مكة بسلاح أي: من سيف أو مغفر أو غيرهما للضرورة.
523 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أن رسول
(522) إسناده صحيح.
(523)
صحيح: أخرجه البخاري (5808) ومسلم (1357) وأبو داود (2685) والترمذي (1693) والنسائي (200، 201) وابن ماجه (2805) وأحمد (3/ 109، 164) والدارمي (2/ 73 - 74) وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 492) والحميدي في مسنده (1212) والبيهقي في الكبرى (7/ 59).
(1)
ساقطة من الأصل.
الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المِغْفَر، فلما نزعه جاءَه رجل فقال له: ابنُ خَطَل متعلِّق بأستارِ الكعبة، قال:"اقتلوه".
قال محمد: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة حين فتحها غيرَ مُحْرِم، ولذلك دخل وعلي رأسه الِمغْفَر، وقد بلَغَنَا أنَّه حين أَحْرَمَ من حُنَيْن، قال:"هذه العُمْرَة لدخولنا مكة بغير إحرام"، يعني: يوم الفَتْح.
وكذلك الأمر عندنا: مَنْ دخل مكة بغير إحرام، فلا بدّ له من أن يخرج فَيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ أو حَجَّةٍ، لدخوله مكة بغير إحْرام، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامّة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، كان في الطبقة الرابعة من طبقات كبار التابعين من أهل المدينة. قال الحافظ ابن حجر: بعد ما سرد طرقًا كثيرة لهذا الحديث غير طريق مسلم عن الزهري، كيف يحل لأحد أن يتهم إمامًا من أئمة المسلمين بغير علم ولا إطلاق (1)؟.
قال السيوطي: يريد برد قول من قال الحديث تفرد به مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح، أي: فتحها وعلى رأسه المِغْفَر، وهو ما يغطي به الرأس من السلاح كالبيضة ونحوها فلما نزعه أي: قلعه عن رأسه جاءَه رجل أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ابنُ خَطَل بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة، واسمه عبد الله، وقيل: عبد العزى وقيل: هلال وصححه الزبير بن بكار، وذكره السيوطي، وكان قد ارتد وقيل: مسلما وفي رواية: كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر، وفي نسخة: هذا ابن خطل متعلِّق بأستارِ الكعبة، قال: أي: صلى الله عليه وسلم اقتلوه فقتلوه واختلف (ق 559) في قاتله، كما بينه علي القاري في (شرح الشمائل) للترمذي.
قال محمد: بغلنا أي: من غير هذا الطريق على ما في نسخة: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة حين فتحها أي: أراد فتحها غيرَ مُحْرِم، أي: حال بحسب الظاهر من عدم التجرد، وإلا فالإِحرام حقيقة النية اتفاقًا، وزيادة التلبية ولذلك أي: ولدخوله صلى الله عليه وسلم مكة حين أراد
(1) انظر شرح الزرقاني (2/ 529).
فتحها من غير إحرام دخل وعلى رأسه المغفر وهذا ليس صريحًا في عدم إحرامه لاحتمال أن يكون لبسه لضرورة الحرب المتوقع عملًا بقوله تعالى: {خذُوا حِذْرَكمْ} [النساء: 71] إلا أنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ما يترتب على حقيقة الإِحرام من الطواف والسعي، فعلم أنه لم يكن محرمًا، وقد قيل في توجيهه: إنه مما أبيح له ولأصحابه في ذلك الوقت فيكون من الخصائص أو محمولًا على ما ذكره المصنف بقوله وقد بلَغَنَا أنَّه صلى الله عليه وسلم بسند بعد المشايخ الكرام حين أَحْرَمَ من حُنَيْن، أي: حين رجوعه من حنين وتقسيم غنائمه بالجعرانة وإحرامه بالعمرة منها قال: هذه العُمْرَة أي: المحددة كفارة أو قضاء لدخولنا مكة بغير إحرام، يعني يوم الفَتْح.
وكذلك الأمر أي: الحكم عندنا أي: في مذهبنا مَنْ دخل أي: من أهل الآفاق مكة أي: وسائر الحرم بغير إحرام، أي: بأحد النسكين فلا بدّ له من أن يخرج أي: إلى ميقات أي ميقات فَيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ أو حَجَّةٍ، لدخوله مكة أي: لدخولها سابقًا بغير إحْرام، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامّة من فقهائنا أي: لأنه من جاوز الميقات بغير إحرام، يريد دخول مكة فعليه أحد النسكين عما لزمه بالدخول غير محرم ودم لترك الوقت من غير خلاف عندنا إن رجع إلى الميقات من عامه ذلك فأحرم بحجه عليه من حجة الإسلام أو حجة منذورة أو عمرة منذورة أجزأه عما لزمه دخول مكة بغير إحرام، وسقط عنه دم المجاوزة، ولو لم يعد إلى الميقات والمسألة بحالها فأحرم من مكة أو خارجها داخل المواقيت أجزأه عما لزمه لدخول مكة، ولكن يجب عليه الدم اتفافًا لترك التلبية من الميقات. كذا في (شرح المجمع)، فهو صلى الله عليه وسلم ترك الميقات الآفاقي وأحرم من ميقات العمرة، فيلزمه دم على مقتضى القواعد الشرعية، ولا محذور فيه، كما تحقق في احتجامه صلى الله عليه وسلم فوق رأسه، فإنه لم يتصور عدم وجود الشعر في ذلك المقام، ولا شك في دخوله صلى الله عليه وسلم تحت عموم الأحكام، وكذا قاله علي القاري.
لما فرغ عما يتعلق بالعبادات، شرع في بيان ما يتعلق بالمعاملات وابتدأ من بعضها بالنكاح؛ لأن فيه من المصالح الدنيوية والدينية من حفظ النفس عن الزنا وظهور الأسرار به، فقال: هذا
* * *