الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما تجب فيه الزكاة
325 -
أخبرنا مالك، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَة، عن أبيه، عن أبي سعيد الْخُدْرِيِّ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس فيما دون خمسة أوْسُقٍ من التمر صَدَقَة، ولا فيما دون خمس أوَاقٍ من الوَرِقِ صَدَقَة، وليس فيما دون خمس ذَوْدٍ من الإبل صَدَقَة".
قال محمد: وبهذا نأخذ، وكان أبو حنيفة يأخذ بذلك، إلا في خَصْلَةٍ واحدة، فإنه كان يقول: فيما أخرجت الأرض العُشْر، من قليل أو كثير، إن كانت تشرب سَيْحًا أو تسقيها السماء، وإن كانت تشرب بِغَرْب أو دَالِيَة فنصفُ العشْر، وهو قول إبراهيم النَّخَعِي ومُجاهد.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، رمزًا إلى أخبرنا، وفي نسخة أخرى: أنا رمزًا إلى أخبرنا، حدثنا، وفي نسخة: قال: بنا، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَة، بصادين بعد كل عين مهملة، الأنصاري، يُكنى أبا عبد الرحمن المدني، ثقة، كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة تسع وثلاثين ومائة، كذا قاله ابن حجر (1)، عن أبيه، عن أبي سعيد الْخُدْرِيَّ، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس فيما دون خمسة أوْسُقٍ بفتح الهمزة وضم السين المهملة، جمع وسق، بفتح الواو أو أشهر من كسرها وأصله في اللغة الحمل، والمراد بها ستون صاعًا، وهو ألف وأربعون درهمًا، من التمر صَدَقَة، قال ابن عبد البر: كأنه جواب السائل سأله عن نصاب زكاة التمر، فلا يمنع الزكاة في غيره من الثمار والحبوب، بدليل الآثار والإِجماع، وليس فيما دون خمس أوَاقٍ بضم الهمزة وفتح الواو والقاف وما بينهما ألف، جمع أوقية بضم الهمزة وفتح الياء التحتية المفتوحة المشددة، وهي أربعون
(325) صحيح، أخرجه: البخاري (1447)، ومسلم (979)، وأبو داود (1558)، والترمذي (626)، والنسائي (2445)، وأحمد (10647)، والدارمي (1633)، ومالك (575).
(1)
انظر: التقريب (2/ 529).
درهمًا، من الوَرِقِ بكسر الراء وسكونها، كما قرئ بهما، أي: الفضة مطلقًا، أو المضروبة دراهم، وإنما تطلق على غيرها مجازًا خلافًا في اللغة، والمراد هنا: الفضة مضروبًا وغيرها، صَدَقَة، أي: زكاة حتى تكمل جملتها، وهي مائتا درهم، وليس فيما دون خمس ذَوْدٍ، بالإِضافة، وهي بفتح الذال المعجمة وسكون الواو والدال المهملة من الثلاثة إلى العشرة، لا واحد له إنما يُقال في الواحد بعير من لفظه، قال النووي: الرواية المشهورة بإضافة خمس إلى ذود، وروي بتنوين خمس فيكون زيد بدلًا منه، من الإبل صَدَقَة"، فعلم أن نصاب الزكاة من الإِبل خمسة، فما دونها معفو، قال السيوطي: والحديث رواه الشافعي وأحمد، وأصحاب الكتب الستة كلهم عن أبي سعيد الخدري.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وكان أبو حنيفة يأخذ بذلك، أي: بمضمون هذا الحديث كله، إلا في خَصْلَةٍ واحدة، أي: مسألة منفردة، وهي المتوسط من الأحكام الثلاثة، فإنه كان يقول: فيما أخرجت الأرض ولو كان من الخضراوات، العُشْر من قليل أو كثير، أي: ولو كان مما دون خمسة أوسق من التمر وغيره، إن كانت أي: الأرض (ق 343) تشرب سَيْحًا أي: ماءً جاريًا على وجه الأرض كالأنهار، أو تسقيها السماء أي: من الأمطار، وإن كانت أي: الأرض تشرب بِغَرْب بفتح الغين المعجمة والراء الساكنة، والباء، أي: ولو كثير، كذا في (المصباح)، وفي معناه الدلو الصغير بل الأولى؛ لأن التعب فيه أكثر، أو دَالِيَة أي: دولاب تديره البقر أو غيره، وفي المغرب الدالية جزع طويل يركب تركيب مداق الأزرق رأسه مفترقة كبيرة يستقى بها، فنصفُ العشْر أي: سواء يكون قليلًا أو كثيرًا، وهو قول إبراهيم النَّخَعِي ومُجاهد، وهما من أجلَّاء التابعين، وأئمة المجتهدين، فما أنه خالف الإِجماع في ذلك مردود، وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجب العشر فيما لا يبقى، وقدر البقاء بسنة من غير معالجة كثيرة ولا فيما دون خمس أوسق كل وسق ستون صاعًا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، لما روى الترمذي عن معاذ أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الخضراوات، وهي البقول، فقال صلى الله عليه وسلم:"ليس فيها شيء"، ولما في الحديث السابق، وقد روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا:"ليس فيما دون خمس أوسق صدقة"، ولأبي حنيفة رحمه الله على وجوب العشر في كل ما خرج من الأرض عموم قوله تعالى في سورة البقرة:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} الآية [البقرة: 267]، وما روى البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما