الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن قِراءة القرآن في الركوع، ورواه معمر عن ابن شهاب عن إبراهيم بن حنين فزاد:"والسجود، وأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه الدعاء".
قال محمد: وبهذا أي: بالحديث الذي رواه علي رضي الله عنه نأخُذُ أي: نعمل ونفتي، قدم المصنف المفعول على الفعل، واختيار اسم الإِشارة بالمفعول مع أنه اختار به في كتابه (الآثار) بضمير الغائب، حيث قال: وبه نأخذ، لرد خطأ المخاطب في تعيين الحكم، ولكمال إعانته بتمييز هذا الحكم عن الغير، كما استشهد لأجل كمال الإعانة بتمييز هذا الحكم عن الغير خطيب الدمشقي في (تلخيص المفتاح)، حيث قال: كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه، وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا، هذا الذي ترك الأوهام حائرة وصير العالم النحرير زنديقا، تُكْرَهُ أي: تلف ألسنتنا عن القراءة في الركوع والسجود، وهو أي: عدم القراءة في الركوع والسجود، قولُ أبي حنيفة، نعمان بن ثابت رحمه الله تعالى. وأما التختم بالذهب ولبس الحرير فحرامان بالإِجماع على الذكر دون الأنثى، ولبس المعصفر يكره للرجل عندنا، خلافًا للشافعي ومن تبعه.
لما فرغ من بيان حكم الركوع دون الصف، وحكم القراءة في الركوع، شرع في بيان حكم حال الرجل يصلي وهو يحمل الشيء، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يصلي وهو يحمل الشيء
في بيان حال الرجل يصلي، وهو: أي: والحال أن الرجل المصلي يحمل الشيء، أي: على ظهره، وهو بفتح التحتية وسكون الحاء المهملة وكسر الميم، وبعدها لام فعل مضارع من باب ضرب، ومنه قوله تعالى:{حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} [الأعراف: 189]، كذا في ترجمة الجوهري.
288 -
أخبرنا مالك، أخبرني عامر بن عبد الله بن الزُّبير، عن عمرو بن سُلَيْم الزُّرقِيّ، عن أبي قَتَادَة السُّلَمِيّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل
(288) صحيح، أخرجه: البخاري (516)، ومسلم (543)، وأبو داود (917)، والنسائي (1204)، وأحمد (22018)، والدارمي (1360)، ومالك (412).
أمامة ابنَةَ زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن الرَّبيع، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، الإِمام، من كبار أتباع التابعين، في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، أخبرني عامر بن عبد الله بن الزُّبير بن العوام، القرشي الأسدي أبو الحارث المدني، التابعي، ثقة عابد، من الطبقة الرابعة، مات سنة إحدى وعشرين ومائة من الهجرة، كذا قاله ابن حجر في (التقريب)، عن عمرو بن سُلَيْم بالتصغير الزُّرقِيّ، بضم الزاي المعجمة، وفتح الراء المهملة والقاف المكسورة والتحتية، ثقة من كبار التابعين، مات سنة (ق 287) أربع ومائة، عن أبي قَتَادَة السُّلَمِيّ بفتحتين، الأنصاري المدني، شهد أُحدًا وما بعدها، وما يصح شهوده بدرًا، مات سنة أربع وخمسين، وقال بعض المؤرخين: مات سنة ثمان وثلاثين من الهجرة، والأول أصح وأشهر، كذا في (التقريب)(1) لابن حجر.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو أي: والحال أنه حامل أمامة بضم الهمزة، وفتح الميمين المخففين بينهما ألف والتاء بعدهما، كانت صغيرة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتزوجها عليّ بعد وفاة خالتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بوصية منها، ومات عنها ولم تعقب، ذكره السيوطي، وزاد مسلم حامل على عاتقه، قال الحافظ ابن حجر والمشهور في الروايات تنوين حامل ونصب أمامة، ورُوي بالإِضافة، ابنَةَ زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص قال الكرماني: هو والد أمامة، والإِضافة في ابنة زينب بمعنى اللام، وحكى أبو منده، وتبعه أبو نعيم: قيل: اسمه: ياس، وأظن أنه محرف من ياسم، وقيل: هشام، وقيل: هشم، بكسر أوله وسكون ثانيه، وفتح الشين المعجمة الثقيلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر عشائه في منزله، وزوجه ابنته زينب أكبر بناته، وهي من خاله أبي العاص خديجة بنت نوفل، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ثم لم يتفق أنه أسلم إلا بعد الهجرة، وقال ابن إسحاق: كان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالًا وأمانة وتجارة، وأخرج الحاكم أبو أحمد بسند صحيح (2) عن الشعبي قال: كانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أبي العاص
(1) انظر: التقريب (1/ 440).
(2)
أخرجه: الحاكم (5038).
فهاجرت وأبو العاص على دينه، فاتفق أنه خرج إلى الشام في تجارة، فلما كان بقرب المدينة أراد بعض المسلمين أن يخرجوا إليه فيأخذوا ما معه ويقتلوه، فبلغ ذلك إلى زينب، فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس عقد المسلمين وعهدهم واحدًا؟ قال: "نعم"، قالت: فاشهد أجرت أبا العاص، فلما بلغ ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا إليه بغير سلاح، فقالوا: يا أبا العاص إنك في شرف من قريش، وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره، فهل لك في أن تسلم فتغتنم ما معك من أموال أهل مكة؟ قال: يسير ما أمرتموني به، أن أنسخ ديني بعذر، فمضى حتى قدم مكة، فدفع إلى كل ذي حق حقه، ثم قام فقال: يا أهل مكة أوفيت ذمتي؟ قالوا: اللهم نعم، قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فقدم المدينة مهاجرًا، فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته زينب بنكاح جديد، ومات في خلافة أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه في شهر ذي الحجة من سنة اثنتي عشرة من الهجرة، ابن الرُّبيع، بضم الراء وفتح الموحدة، وكسر التحتية المشددة، والعين المهملة بعدهما، وهو ابن عبد العزى بن عبد الشمس بن عبد مناف العبشمي، أمه: هالة بنت خويلة، كذا قاله ابن حجر العسقلاني (ق 288) في (الإِصابة). فإذا سجد أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعها أي: أمامة، وإذا قام حملها، أي: بعمل قليل في وضعها ورفعها.
وفي هذا الحديث إشارة إلى مرتبة الخواص كالأنبياء والصديقين، وإلى مرتبة العوام من المؤمنين، فإنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى مرتبة الخواص بوضع أمامة رضي الله عنها حين سجد، فإنهم إذا شرعوا في صلاتهم قطعوا العلائق من غير ذكره تعالى، واشتغلوا بذكره تعالى، واستولت المعرفة الإِلهية على قلوبهم، وصاروا مستغرقين في مشاهدة نور الجلالة، وصفات الكبرياء، فلا يتفرغون لغير تفكره تعالى، كأنهم لا يعرفون غيره تعالى، وأنه صلى الله عليه وسلم أفاد هذه الخصال بقوله:"الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" رواه البخاري، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، من حديث الإِيمان، وأشار إلى مرتبة العوام من المؤمنين، بحمل أمامة رضي الله عنها حين قام إلى القيام، فإنهم إذا شرعوا في صلاتهم لا يعقلون علائق الدنيا عن قلوبهم، فإن منهم [الذي](1) إن نسي شيئًا وشرع في الصلاة فيخطر في قلبه، كما حُكي أن رجلًا دفن مالًا في زاوية بيته، وسأل أبا حنيفة ما
(1) ليست في المخطوطة، وزدناها ليصح المتن، (المحقق).