الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الْمُحْرِم يتزوج
في بيان حكم حال المحرم يتزوج، يعني: أو يزوج وما يتبعهما في الخطبة والعقد وغيرهما.
436 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن نُبَيْهِ بن وهب: أخي بني عبد الدار، أن عُمر بن عُبَيْد الله أرسل إلى أبان بن عثمان، وأبان أمير على المدينة، وهما مُحْرمان فقال: إني أردتُ أن أُنْكِحَ طلحة ابن عمر ابنة شيبة بن جبير، وأردتُ أن تحضُر ذلك، فأنكر عليه أبان، وقال: إني سمعتُ عثمان بن عفان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنكِحُ المُحْرِم ولا يخطب، ولا يُنْكِح".
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أو أنا، وفي نسخة: ثنا أخبرنا وفي نسخة: عن نافع، بن عبد الله المدني ثقة ثبت فقيه مولى ابن عمر، مشهور كان من الطبقة الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومائة أو بعد ذلك عن نُبَيْهِ بضم النون وفتح الموحدة وسكون تحتية فهاء ابن وهب بن عثمان العبدري المدني ثقة أخي بني عبد بن قصي كان من الطبقة الثالثة من صغار التابعين روى عنه نافع، مات سنة ستة وعشرين أن عُمر بن عُبَيْد الله بضم العينين أي: ابن معمر بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي وجده معمر صحابي، وهو ابن عم أبي قحافة والد الصديق أرسل إلى أبان بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة ابن عثمان بن عفان الأموي المدني الثقة، مات سنة خمس ومائة وأبان يومئذ أمير على المدينة، وفي رواية يحيى (ق 472) في موطئه أمير الحجاج أي من جهة عبد الملك، ويمكن التوجيه بينهما بأن يكون أميرًا على المدينة حتى يكون أميرًا للحجاج، وأقام غيره مقامه في المدينة حتي يعود من الحج وهما أي: عمر بن عبيد الله وأبان مُحْرمان فقال: أي: عمر إني أردتُ أن أُنْكِحَ بضم الهمزة أي أزوج طلحة بن عمر القرشي التيمي، وقال بعضهم: الأنصاري والأول صحيح، ففي مسلم من رواية أيوب عن نافع عن نبيه بعثني عمر بن عبيد الله وكان يخطب بنت شيبة بن جبير، وفي نسخة: ابنة شيبة واسمها. أمة الحميد كما ذكره الزبير بن بكار وغيره. قوله: جبير بالتصغير أي: ابن عثمان
(436) صحيح. أخرجه مسلم (1409) وأبو داود (1841، 1842) والترمذي (840) والنسائي (5/ 192) وابن ماجه (1966) وأحمد (1/ 64، 68) والدارمي (2/ 37) والطيالسي في مسنده (74) والبيهقي في السنن (5/ 65) وفي معرفة السنن والآثار (7/ 9738).
ابن أبي طلحة العبدري وأردتُ أن تحضُر ذلك، أي: مجلس العقد هنالك فيه ندب الاستئذان لحضور العقد، وفي نسخة: إن مخفقة من إني فأنكر عليه أبان، أي: جوازه فقال: ألا أراه عراقيًا جافيًا كما في رواية لمسلم، وله في أخرى: أعرابيًا أي جاهلًا بالسنة كالأعراب ومعنى رواية القاف أخذ بمذهب أهل العراق تاركًا بالسنة وقال: أي: أبان بن عثمان بن عفان الأموي المدني إني سمعتُ عثمان بن عفان رضي الله عنه، يعني أباه، وفي تصريحه سمعت رد على من قال: أنه لم يسمع أباه فالمثبت مقدم على المنفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنكِحُ بفتح التحتية نفيًا أو نهيًا أي: لا يعقد لنفسه المُحْرِم أي: بحج أو عمرة أو بهما ولا يخطب، يحتمل الخطبة بكسر الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة وبضم الخاء وسكون الطاء وفتح الموحدة فيهما، لكن المراد هنا الأول؛ لأن الخطبة بكسر المعجمة وسكون المهملة وفتح الموحدة، بمعنى دعوة المرأة للتزوج، كذا قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري) ولا يُنْكح" بضم التحتية وسكون النون لا يزوج غيره بولاية ولا وكالة فيه حرمة العقد، وبه قال الجمهور من الصحابة فمن بعدهم، فلو عقد لم يصح وليفسخ أبدًا بطلقة عند مالك للاختلاف فيه، فيزال الاختلاف بالطلاق احتياطًا للفرج.
وقال الشافعي: بلا طلاق، وقال أبو حنيفة والكوفيون: يصح نكاحه وإنكاحه، وأجابوا عن هذا الحديث بأنه ليس نهيًا عن نكاح المحرم بل هو إخبار عن حاله، وأنه لاشتغاله بنسكه ولا يتبع زمانه لعقد النكاح ولا يتفرغ له، وبأنه المراد بالنكاح هنا الوطء لا العقد، فقوله: لا ينكح ولا يطأ، وتعقب بأن الرواية الصحيحة بالجزم على النهي لا على حكاية الحال وحمله عليها لا يكون إخبارًا عن أمر شرعي، بل عن قصة يشترك في معرفتها الخاص والعام وحمل كلام الشارع على الشرعيات التي لا تعلم إلا من جهة أولى أيضًا، فإن أبان بن عثمان بن عفان روى الحديث فهم أن المراد النهي وأنكر عمر بن عبيد الله وأقام عليه الحجة بالحديث، وحمل النكاح على الوطء لا فائدة فيه إن هو أمر مقرر يعلمه كل واحد، وأيضًا فهو خلاف فهم راويه، ولو صح في الجملة الأولى لم يصح في الثانية، فإن قوله: ولا ينكح نهي عن التزويج بلا شك، وإذا منع من العقد لغيره فأولى لنفسه، ولا حجة لهم في قول ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة رضي الله عنها وهو محرم رواه البخاري (1) ومسلم (2) وأصحاب
(1) البخاري (1740).
(2)
مسلم (1410).
السنن (1)؛ لأن ابن المسيب وغيره وهموه في ذلك؛ فإنه انفرد به وخالفته ميمونة وأبو رافع، فرويا أنه صلى الله عليه وسلم نكحها، وهو حلال وهو (ق 473) أولى بالقبول؛ لأن ميمونة وهي الزوجة، وأبو رافع هو السفير أي: المصلح بينهما فهما أعرف بالواقعة من ابن عباس؛ لأنه ليس من التعلق بالقصة ما لهما ولصغره حينئذ عنهما إن لم يكن في سنهما ولا يقرب منه، فإن لم يكن وهما فهو قابل للتأويل بأن معنى وهو محرم أي: في الحرم؛ لأن ابن عباس عربي فصيح يتكلم وهم يقولون: أحرم وأنجد، وأتهم إذا دخل الحرم ونجد وتهامة أو في الشهر الحرام كقوله: قتلوا ابن عفان الخليفة محرمًا في الشهر الحرام فإن لم يكن محرمًا بحج ولا بعمرة أو هو على مذهبه أن من قلد هديه صار محرمًا بالتقليد، فلعل لين عباس علم نكاحه بعد أن قلد هديه صلى الله عليه وسلم أو أن عقد الإِحرام من خصائصه صلى الله عليه وسلم -كما هو المعتمد عند المالكية والشافعية، وعلى تقدير الإِغماض عن هذا كله فقد تعارض هو وحديث ميمونة وأبي رافع فسقط الاحتجاج بالخبرين، ووجب الرجوع إلى حديث عثمان؛ لأنه لا معارض له كذا ذكره ابن عبد البر وغيره، ويرجحه أن الصحيح عند أهل الأصول ترجيح القول إذا تعارض هو والفعل لقوة القول، لدلالته بنفسه على الفعل فإنه يدل بواسطة القول، ولتعدي القول إلى الغير والفعل يحتمل قصره عليه، وقد أخرج حديث عثمان هذا مسلم في النكاح عن يحيى، وأبو داود في الحج عن القعنبي كلاهما عن مالك به، ورواه أيضًا النسائي والترمذي وابن ماجه وابن حبان وكلهم من طريق مالك، وتابعه مطر الوراق وأيوب بن موسى وسعيد بن أبي هلال عن بقية، وفي مسلم كما قاله الفاضل السيد محمد الزرقاني (2).
* * *
437 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، أن ابن عمر كان يقول: لا ينكح المحرم ولا يخطب على نفسه، ولا على غيره.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: ثنا، حدثنا وفي
(1) أبو داود (1844)، والترمذي (841)، والنسائي (5/ 191)، وابن ماجه (1965).
(2)
في شرحه (2/ 367).
نسخة: عن نافع، بن عبد الله المدني، ثقة ثبت فقيه مشهور، مولى ابن عمر كان من الطبقة الثالثة، مات سنة سبع وعشرين ومائة من الهجرة أن ابن عمر رضي الله عنه كان يقول: لا ينكح المحرم بفتح التحتية وسكون النون أي: لا يتزوج المرأة لنفسه ولا يخطب أي: لا يدعو المرأة إحالة نكاحها على نفسه، ولا على غيره أي: ولا يطلب المحرم بتزويج المرأة ولاته ووكالة على غيره.
* * *
438 -
أخبرنا مالك، حدثنا أبو غَطَفَان بن طَريف، أخبره أن أباه طريفًا تزوج امرأة وهو محرم، فرد عمر بن الخطاب نكاحه.
قال محمد: قد جاءَ في هذا اختلاف، فأبطل أهل المدينة نكاح المحرم، وأجاز أهل مكة وأهل العراق نكاحه، وروى عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث، وهو محرم، فلا نعلم أحدًا ينبغي أن يكون أعلم بتزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة من ابن عباس، وهو ابن أختها، فلا نرى بتزوج المحرم بأسًا، ولكنه لا يقبل ولا يمس حتى يَحِل، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامةِ من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا، وفي نسخة ثنا، حدثنا داود بن الحصين الأموي مولاهم، يكنى أبا سليمان المدني ثقة إلا في عكرمة ورأى رأي الخوارج، كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين المحدثين، من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة أن أبا غَطَفَان بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة والفاء على وزن نزوان بالفتحات من [طريق] (1) بفتح المهملة فكسر وليحيى طريق المري بضم الميم وتشديد الراء المهملة المديني اسمه سعد تابعي أخبره أي: غطفان إلى داود بن الحصين أن أباه طريفًا تزوج أي: امرأة، كذا في الموطأ ليحيى وهو أي: والحال أن طريفًا
(437) إسناده صحيح. أخرجه البيهقي في السنن (5/ 65) وفي معرفة السنن والآثار (7/ 9757).
(1)
ساقطة من الأصل.