الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا رسول الله أهدي لنا (ق 390) فقال: "أرينيه فلقد أصبحت صائمًا" فأكل (1) زاد النسائي: "ولكن أصوم يوم مكانه"، وصحح عبد الحق هذه الزيادة والحيس (2) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية والسين المهملة تمر يخلط بسمن وأقط وقد يكون الدقيق بدل من الأقط، وهو بكسر الهمزة والقاف والطاء المهملة يقال له في اللسان التركي: كشر.
لما فرغ من بيان حكم حال الصائم تطوعًا ثم أفطر، شرع في بيان فضيلة تعجيل الإِفطار، فقال: هذا
* * *
باب تعجيل الإفطار
في بيان فضيلة تعجيل الإِفطار بعد تيقن غروب الشمس فلا يجوز فطر الشاك في غروبها؛ لأن الفرض إذا لزم الذمة لم يخرج منه إلا بيقين.
قال ابن عبد البر (3): أحاديث تعجيله وتأخير السحور صحاح متواترة، وروى عبد الرزاق وغيره عن عمرو بن ميمون الأودي قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارًا وأبطأهم سحورًا (4).
364 -
أخبرنا مالك، حدثنا أبو حازم بن دِينار، عن سهل بن سعد، أن
(1) أخرجه: مسلم (1154)، وأبو داود (2455)، والترمذي (734)، والنسائي في المجتبى (2325)(2327)، وأحمد (23700)، (25203)، وابن حبان (3628)، والنسائي في الكبرى (2632)(2635)، (2637)، والدارقطني (2/ 176)، وابن خزيمة (2143)، والطبراني في الأوسط (7364)، وأبو يعلى (4563)، والبيهقي في الكبرى (8424)، والحميدي (190)، وإسحاق بن راهويه (1023).
(2)
انظر: مختار الصحاح (ص: 69)، والنهاية (1/ 467)، (5/ 202)، ولسان العرب (1/ 199)(6/ 61).
(3)
انظر: التمهيد (20/ 23).
(4)
أخرجه: عبد الرزاق في مصنفه (7591)، وابن أبي شيبة (2/ 428)، والبيهقي في الكبرى (8219).
(364)
أخرجه البخاري (1856)، ومسلم (1098)، والترمذي (699)، وابن ماجه (1697)، =
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزالُ الناس بخيرٍ ما عجَّلوا الإفطار".
قال محمد: تعجيل الإِفطار وصلاة المغرب أفضل من تأخيرهما، وهو قولُ أبي حنيفة والعامَّةِ.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الإِمام الأصبحي، يعني نسبة إلى مالك ذي أصبح، من ملوك اليمن، كان في الطبقة السابعة من طبقات كبار أتباع التابعين، من أهل المدينة، وفي نسخة: محمد قال: حدثنا وفي نسخة: قال: بنا، أبو حازم بن دِينار، بحاء مهملة وألف وزاي معجمة وميم لقبه الأعرج، واسمه سلمة بن دينار القاضي التابعي مولى ابن سفيان، ثقة عابد، كان في الطبقة الخامسة، مات في خلافة المنصور كذا قاله ابن حجر في (التقريب)(1) عن سهل بن سعد، الساعدي، نسب إلى ساعدة بن كعب بن الخزرجي الأنصاري من مشاهير الصحابة، وهو ابن خمس عشرة سنة حين مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخر من مات في المدينة من الصحابة، مات سنة إحدى وتسعين من الهجرة، وقال الواقدي: عاش مائة سنة كذا قاله ابن حجر في (الإِصابة من أسماء الصحابة)(2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزالُ الناس أي: الصائمون، وفي نسخة: أمتي بخيرٍ أي: مصحوبين ببركة في متابعة سنة دون مواقفة بدعة أو في دينهم، ويؤيد المعنى الثاني ما رواه أبو داود وابن خزيمة وغيرهما عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا يزال الدين ظاهر ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود يؤخرون" (3) ما عجَّلوا الإفطار" عن تحقق غروب الشمس رؤية
= وأحمد (22298)، (22321)، والدارمي (1651)، ومالك (634)، وابن حبان (3502)، (3506)، وعبد الرزاق في مصنفه (7592)، والنسائي في الكبرى (3312)، وابن خزيمة (2059)، وأبو يعلى (7511)، والشافعي في المسند (473)، والطبراني في الكبير (5880)، والبيهقي في الكبرى (8210)، والشعب (3913)، والروياني (1022)، والفريابي في كتاب الصيام (39) من حديث سهل.
(1)
انظر: التقريب (1/ 219).
(2)
انظر: الإِصابة (5/ 39).
(3)
أخرجه: أبو داود (2353)، وأحمد (9434)، (9809)، وابن حبان (3503)، (3509)، وابن أبي شيبة (2/ 429)، والنسائي في الكبرى (3313)، والحاكم (1573)، وابن خزيمة (2060)، والبيهقي في الكبرى (8211)، والشعب (3916)، و (889).
أو شهادة وما ظرفية أي: مدة فعلهم ذلك امتثالًا للسنة واقفين عند حدودها غير مستنبطين بعقولهم ما يغير قواعدهما.
وعلل صلى الله عليه وسلم ذلك في حديث أبي هريرة المذكور بقوله: "لأن اليهود والنصارى يؤخرون" إلى ظهور النجم ولابن حبان والحاكم من حديث سهل أيضًا: "لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم"(1) فيكره تأخيره إن قصد ذلك ورأى أن فيه فضيلة. قال سعيد بن زيد الباجي المالكي: وأما تأخيره علي غير هذا الوجه فلا كراهة فيه رواه ابن نافع عن مالك في المجموعة، وتمام الصوم غروب الشمس لقوله تعالى في سورة البقرة:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]. وهذا يقتضي الأساس إلى أول جزء منه لكن لا بد من إمساك جزء من الليل لتيقن إكمال النهار وكذا نقله الزرقاني عن المنتقى.
قال محمد: تعجيل الإِفطار وصلاة المغرب أي: تعجيلها أفضل من تأخيرها لخشية وقوعها قبل الغروب لشدة الالتباس، فيه لف ونشر المعنى تعجيله أفضل من تأخيره، وتعجيل أفضل من تأخيرهما، وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله والعامَّةِ أي: جمهور علماء أهل السنة خلافًا للشيعة من طوائف المبتدعة حيث لم يفطروا حتى يشتبك النجوم.
* * *
365 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن حُمَيْد بن عبد الرحمن بن عوف، أنه أخبره، أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفَّان كانا يُصلِّيان المغرب حين ينظران اللَّيْل الأسود، قبل أن يُفْطِرَا، ثم يفطران بعد الصلاة في رمضان.
قال محمد: هذا كله واسع، من شَاءَ أفطر قبل الصلاة، وَمَنْ شاء أفطر بعدها، وكل ذلك لا بأسَ به.
(1) أخرجه: ابن حبان (3510)، والحاكم (1584)، وابن خزيمة (2061)، وموارد الظمآن (891).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
(365)
أخرجه: مالك (626)، وعبد الرزاق في مصنفه (7588)، وابن أبي شيبة (2/ 517)، والشافعي في المسند (474)، والبيهقي في الكبرى (2146)(8218).
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، أخبرنا وفي نسخة: قال: بنا، ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة بن كلاب، كان في الطبقة الرابعة من كبار طبقات التابعين من أهل المدينة، وهي في الإقليم الثاني من الأقاليم السبعة عن حُمَيْد بالتصغير ابن عبد الرحمن بن عوف، الزهري المدني ثقة من الطبقة الثانية من كبار التابعين، مات سنة خمس ومائة، وقال بعض المؤرخين: روايته عن عمر مرسلة كذا قاله ابن حجر في (التقريب من أسماء الرجال)(1) أنه أي: حميد بن عبد الرحمن أخبره، أي: ابن شهاب أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفَّان كانا يُصلِّيان المغرب أي: أول حين ينظران أي: يقبلان إلي اللَّيْل الأسود، أي: سواء أوله في أفق المشرق عند الغروب وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم"(2) رواه الشيخان أي: أقبل من جهة المشرق وأدبر من جهة المغرب قبل أن يُفْطِرَا، ثم أي: بعد أن يصليان المغرب يفطران بعد الصلاة في رمضان وهو إما لبيان الجواز وإشعارًا أن مثل هذا التأخير لا ينافي الأمر بالتعجيل أو لعدم ما يفطران به عندهم قبل الصلاة، أو لأن الإِفطار المتعارف في عرفهم أن يتعشوا بطعامهم، وهذا ربما يخل بتعجيل صلاة المغرب، وأما إذا أمكن الاقتصار على نفس الإِفطار يأكل تمرة أو يشرب قطرة ثم يصلي ويتعش فهذا جمع حسن ووجه مستحسن.
قال محمد: هذا كله واسع، أي: جائز ليسع أرباب الصيام من شَاءَ أفطر قبل الصلاة، وَمَن شاء أفطر بعدها، وكل ذلك لا بأسَ به وإنما كلام في الأفضل.
لما فرغ من بيان استحباب تعجيل الإِفطار، شرع في بيان حكم إفطار الصائم يفطر قبل غروب الشمس ظانًا أنها قد غربت ولم تغرب، فقال: هذا
* * *
(1) انظر: التقريب (1/ 142).
(2)
أخرجه: البخاري (4991)، ومسلم (1100)، وأبو داود (2351)، والترمذي (698)، وأحمد (193)، (232)، والدارمي (1652)، وابن حبان (3513)، وعبد الرزاق في مصنفه (7595)، وابن أبي شيبة (2/ 429)، والنسائي في الكبرى (3310)، وابن خزيمة (2058)، والبيهقي في الكبرى (8097)، وأبو يعلى (240)، والبزار (260).