الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحجامة للصائم
في بيان حكم الحجامة على وزن الكتابة، وهي بكسر الحاء المهملة والجيم المضموضة والألف والميم والتاء اسم من الحجوم على ما ذكره الجوهري (1) وهي إخراج الإِنسان من بين الكتفين والأخدعين (2) وهما بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة والدال المفتوحة والعين عرقان من جانب العنق.
قال في الشمائل: حدثنا عبدة عن سفيان الثوري عن جابر عن ابن عباس أظنه قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في الأخدعين وبين الكتفين وأعطى الحجام أجرة (3) للصائم اتفقوا على أن الحجامة تكره للصائم؛ فإنها لا تفطر إلا عند أحمد فإنه يفطر الحاجم والمحجوم لما ورد عن ثوبان مرفوعًا: "أفطر الحاجم والمحجوم"(4) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم في مستدركه وأوله الجمهور بأن معناه تعرضًا للإِفطار وقيل: جاز لهما أن يفطر حيث كان بعد الغروب أو لضرورة المرض الدعوي وقيل: على جهة التغليظ لهما والدعاء لها.
كذا في (النهاية) وكذا قاله علي القاري.
(1) انظر: مختار الصحاح (ص 53)، ولسان العرب (12/ 117).
(2)
انظر: النهاية (1/ 14)، ولسان العرب (8/ 66).
(3)
أخرجه: أحمد (2899)، (2972)، (2092)، (3068)، وأبو يعلى (2360)، والطبراني في الكبير (12587)، والخطيب في التاريخ (5/ 9)، وابن سعد في الطبقات (2/ 446)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه، وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه، وجابر رضي الله عنه، وأنس رضي الله عنه، وغيرهم.
(4)
أخرجه: أبو داود (2367)، (2371)، وابن ماجه (1680)، وأحمد (21866)، (21877)، والدارمي (1682)، وابن حبان (3532)، وعبد الرزاق في مصنفه (7522)، وابن أبي شيبة (2/ 466)، والنسائي في الكبرى (3133)، (3134)، (3136)، والطبراني في الكبير (1406)، (1417)، والأوسط (4720)، والحاكم (1558)، وابن خزيمة (1963)، وابن الجارود في المنتقى (386)، والبيهقي في الكبرى (8371)، والطيالسي في مسنده (989)، والبخاري في التاريخ الصغير (1429) من حديث ثوبان رضي الله عنه.
355 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، أن ابن عمر، كان يحتجم وهو صائم، ثم إنه كان يحتجم بعد ما تَغْرُب الشمس.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، حدثنا وفي نسخة: عن نافع، المدني أن ابن عمر، رضي الله عنهما كان يحتجم وهو صائم، فيه إشارة إلي رخصة الحجامة للصائم، وكان من الورع بمكان قال ابن عبد البر: وقال سعيد بن زيد الباجي المالكي: لما كبر وضعف خاف أن تضطره الحجامة إلى الفطر أي: يفعل ذلك في حال قوة يأمن فيها الضعف ثم ترك خيفة الضعف لمَّا أسن. كذا قاله الزرقاني (1) ثم إنه كان أي: بعد ذلك يحتجم بعد ما تَغْرُب الشمس أي: احتياطًا وعمل بالعزيمة.
* * *
356 -
أخبرنا مالك، حدثنا الزُّهْرِيّ، أن سعدًا وابن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان.
قال محمد: لا بأس بالحجامة للصائم، وإنما كُرِهَت من أجل الضعف، فإذا أمِنَ ذلك فلا بأس، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، بن أنس بن عمير بن أبي عامر الإِمام الأصبحي، يعني: ينسب إلى ملك ذي أصبح، من ملوك اليمن، كان من أتباع التابعين في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وفي نسخة: محمد بنا، حدثنا وفي نسخة: عن الزُّهْرِيّ، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة بن كلاب تابعي من الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة أن سعدًا
(355) إسناده صحيح.
(1)
انظر: شرح الزرقاني (2/ 234).
(356)
أخرجه: مالك (660)، وعبد الرزاق في مصنفه (7540).
وقال ابن حجر: وأما أثر سعد، فقال مالك عن ابن شهاب أن سعد بن وقاص، وعبد الله بن عمر. . . وذكره هذا منقطع، تعليق التعليق (3/ 179).
وقال: وهذا منقطع عن سعد، لكن ذكره ابن عبد البر من وجه آخر عن عامر بن سعد عن أبيه، الفتح (4/ 176).
أي: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما كانا يحتجمان وهما أي: والحال صائمان ثم ترك ذلك ابن عمر كما قال نافع.
قال ابن عبد البر (1): هذا الحديث منقطع وهو الذي روى عمر لا يمكن أن يكون قد رآه الراوي وقبل ما سقط ذكروا واحدًا من الرواة قبل الوصول إلي التابعي وإن تسقط أكثر من واحد يسمى معضلًا كذا قاله الأصوليون.
قال محمد: لا بأس أي: لا فساد للصوم بالحجامة للصائم، وإنما كُرِهَت أي: في بعض الروايات من أجل الضعف، أي: بسبب ضعف يظهر للصائم ويكون موجبًا لإِفطاره أو ضعف نفس المحتجم فربما يسرب الدم فيكون باعثًا لإِفطاره فإذا أمِنَ ذلك ما ذكر فلا بأس، أي: لا كراهة وهو قودُ أبي حنيفة رحمه الله.
* * *
357 -
أخبرنا مالك، أخبرنا هشام بن عُرْوَةَ، قال: ما رأيتُ أبي قطّ احتجم إلا وهو صائم.
قال محمد: وبه نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا وفي نسخة: عن هشام بن عُرْوَةَ، قال: ما رأيتُ أبي أي: عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي المدني، يكنى أبا عبد الله المدني، فقيه، ثقة، مشهور، كان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل المدينة، قطّ أي: أبدًا احتجم إلا وهو صائم؛ لأنه كان يواصل الصوم.
قال ابن عبد البر: عن سعيد بن زيد الباجي المالكي أنه قال: يحتمل أن يريد يحتجم قبل أن يأكل، وقال أبو عبد الملك: يحتمل أنه حكى له كثرة أفعاله وفي البخاري أن ثابتًا سأل أنس بن مالك: كنتم تكرهون الحجامة للصائم قال: لا إلا من الضعف.
قال محمد: وبه أي: يقول هشام بن عروة نأخذ، أي: نعمل وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله لما روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري والبزار وابن عباس أنه قال: قال رسول
(1) انظر: شرح الزرقاني (2/ 234).
(357)
أخرجه: البخاري (1838).