الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحاصل الإِحرام على أربعة أوجه: إحرام بحجة مفردة، وإحرام بعمرة مفردة، وإحرام بحجة وعمرة، وهو القران وإحرام بعمرة في الحج وهو التمتع.
أما الإِحرام بحجة مفردة: أن يقول عند الميقات: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني، ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وأما الإِحرام بعمرة مفردة فهو أن يقول عند الميقات: اللهم إني أريد العمرة فيسرها لي وتقبلها مني ثم يقول كما ذكرنا، وإن شاء قال: لبيك بعمرة والعمرة أربعة أشياء الإِحرام من الميقات، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير.
وأما الإِحرام بحجة وعمرة: فإنه يقول عند الميقات: اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني، فيؤديهما جميعًا بإحرام واحد، ثم يذبح شاة بعد رمي جمرة العقبة في يوم النحر أو الفداء أو بعد الغد فإن لم يجد ما يذبح صام ثلاثة أيام في الحج آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله.
وأما الإِحرام بعمرة في الحج: وهو التمتع فصورته أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويأتي بأفعال العمرة، فإذا حل من عمرته يقيم بمكة حلالًا من غير أن يرجع إلى أهله، ثم يجيء بالحج من المسجد في يوم التروية (ق 431) ويفعل ما يفعله الحاج المفرد وعليه دم التمتع، فإن لم يجد ما يذبح فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله كذا قاله الشيخ أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي في خزانة الفقه.
لما فرغ من بيان حكم القران، شرع في بيان حكم حال من أرسل هديًا إلى الحرم، فقال: هذا
* * *
باب من أهدى هديًا وهو مقيم
وفي نسخة: فيمن أي: في بيان حكم حال من أهدى أي: أرسل هديًا أي: إلى الحرم وهو مقيم أي: والحال أنه قائم في بلده غير مريد أن يتلبس بإحرام فالهدي لغة وشرعًا واحد وهو ما يهدى إلى الحرم من شاة أو بقرة أو بعير ليقرب به إليه تعالى يقال: هدى بالتشديد على فعيل الواحدة هدية كمطية ومطى ومطايا كذا في (المغرب).
398 -
أخبرنا مالك، حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم: أنَّ عَمْرَةَ بنت عبد الرحمن أخْبَرَتْهُ: أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة: أن ابن عباس قال: مَنْ أَهْدَى هديا حَرُمَ عليه ما يَحْرُم على الحاجّ، وقد بَعَثْتُ بِهَدْيٍ فاكتُبي إليَّ بأمْرِك، أو مُرِي صاحِبَ الهَدْي، قالت عَمْرَة: قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس، أنا فَتَلْتُ قلائد هَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قَلَّدَها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وبعث بها مع أبي، ثم لم يَحْرُم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء كان أحَلَّه الله، حتى نحر الهَدْي.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وإنما يُحرم الذي يتوجَّه مع هَدْيِه، يريد مكة، وقد ساقَ بَدَنَتَه وقَلَّدَها، فهذا يكون مُحْرِمًا، حين يتوجَّه مع بَدَنَتِه المقلَّدة بما أرادَ حَجٍّ أو عُمْرَةٍ، فأمَّا إذا كان مُقيمًا في أهله لم يكن محرِمًا، ولم يحرم عليه شيء حَلَّ له، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن مالك بن عمير بن أبي عامر الإِمام الأصبحي، يعني منسوب إلى ملك ذي أصبح، من ملوك اليمن، وهو في الطبقة السابعة من كبار أتباع التابعين من أهل المدينة، وهي كانت في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة في الأرض (1) وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا وكل واحدة منهما رمزًا إلى أخبرنا، حدثنا وفي نسخة قال: بنا، عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم: الأنصاري المدني القاضي، ثقة من طبَقات التابعين كان من الطبقة الخامسة مات سنة خمسة وثلاثين ومائة وهو ابن سبعين سنة كذا قاله في (التقريب)(2). أنَّ عَمْرَةَ بنت عبد الرحمن
(398) أخرجه: البخاري (1613)، ومسلم (1321)، وأبو داود (1758)، والنسائي في المجتبى (2774)، وابن ماجه (3094)، ومالك (7490)، والنسائي في الكبرى (3756)، وابن حبان (4009)، والطبراني في الأوسط (379)، وأبو يعلى (4942)، والبيهقي في الكبرى (10321)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 264)، وإسحاق بن راهويه (1011).
(1)
تقدم مرارًا.
(2)
انظر: التقريب (1/ 281).
ابن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ثقة من الطبقة الثالثة ماتت قبل المائة وقيل بعدها كذا قاله ابن حجر (1) أخْبَرَتْهُ: أي: عبد الله بن أبي بكر أن زياد بن أبي سفيان وهو صخر بن حرب بن أمية بن عبد الشمس بن عبد مناف صحابي شهير، أسلم عام الفتح، ومات سنة اثنين وثلاثين وقيل بعدها كذا قاله ابن حجر في (التقريب)(2) لكن زياد بن أبي سفيان لا ابنه حقيقية وأمه سمية جارية الحارث بن كلدة، واختلف في وقت مولده فقيل: ولد عام الفتح وقيل: عام الهجرة، وقيل: قبل يوم بدر، يكنى أبا المغيرة ليست له صحبة ولا رواية كان رجلًا عاقلًا في دنياه ولكن تابعي قطعًا كذا قاله ابن عبد البر في (الاستيعاب) كتب إلى عائشة: زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن ابن عباس بفتح الهمزة وكسرها والفرق بينهما لا يخفى قال: مَنْ أَهْدَى أي: من بعث إلى مكة هديًا أي: بهدي كما في نسخة حَرُمَ عليه ما يَحْرُم على الحاجّ، من محظورات الإِحرام حتى ينحر الهدي وقد بَعَثْتُ بِهَدْيٍ أي: إلى الحرم وأنا مقيم غير محرم فاكتُبي إليَّ بأمْرِك، أي: حتى أعلم كيف أعمل أو مُرِي صاحِبَ الهَدْي، أي: الذي معه الهدي بما يصنع وكاأه كتب إليها لما بلغ إنكارها عليه روى سعيد بن منصور (3) عن عائشة وقيل لها: إن زيادًا إذا بعث بالهدي أمسك عما يمسك المحرم حتى ينحر هديه فـ "أو" للتنويع بين الكتابة وبين الرواية، ولا يبعد أن تكون للشك قالت عَمْرَة: أي: بالسند المذكور لما جاء بسؤال زياد قالت عائشة: أي: في الجواب كتابة أو رواية ليس أي: الأمر كما قال ابن عباس، أي: بطريق العباس فإنه مخالف للنص الصريح المانع من التعليل ولو بالدليل الصحيح أنا فَتَلْتُ أي: دورت قلائد هَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، (ق 432) بفتح الدال المهملة وتشديد التحتية، وفي رواية بالإِفراد على إرادة الجنس وفيه رفع مجاز أن تكون أرادت أنها فتلت من الصوف قلائد هداياه بأمره ثم قَلَّدَها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلق القلائد على أعناق الهدايا وعليه سلم بيده، أي: الشريفة وفي التقييد هذا وفيما قبلها دفعًا للتجوز أنه لم يكن بأمر إحديهما وبعث بها أي: بالهدايا الدالة عليها القلائد مع أبي، أي: أبي بكر الصديق حين حج في السنة العاشرة أمير الحجاج قال ابن السني: أرادت عائشة بذلك علمها بجميع القصة ويحتمل أن تريد أنه أخر فعل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حج
(1) انظر: التقريب (2/ 869).
(2)
انظر: التقريب (1/ 253).
(3)
أخرجه أحمد (24435)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 265).