الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب زكاة المال
323 -
أخبرنا مالك، أخبرنا الزُّهريّ، عن السائب بن يزيد، أنَّ عثمان بن عفان كان يقول: هذا شهر زكاتكم، فَمَنْ كان عليه دَيْنٌ فليُؤَدِّ دَيْنَهُ، حتى تَحْصُلَ أموالُكم فتُؤدُّوا منها الزكاة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، مَنْ كان عليه دَيْنٌ، وله مالٌ فليدفع دَيْنَهُ من ماله، فإن بقي بعد ذلك ما تجب فيه الزكاة ففيه زكاة، وتِلْكَ مائتا درهم، أو عشرونَ مِثْقالًا ذهبًا فصاعدًا، وإن كان الذي بقي أقَلَّ من ذلك، بعد ما يدفع من ماله الدَّيْن، فليست فيه الزكاة، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر، الإِمام الأصبحي، أي: يُنسب إلى ملك ذي أصبح من ملوك اليمن، وكان من أتباع التابعين، ومن الطبقة السابعة من أهل المدينة، وفي نسخة: محمد قال: حدثنا مالك بن أنس، أخبرنا الزُّهريّ، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة، من التابعين، ومن الطبقة الرابعة من أهل المدينة، وفي نسخة: قال: بنا، رمزًا إلى أخبرنا، عن السائب بن يزيد، أي: ابن سعد بن ثمامة الكندي، وقيل غير ذلك في نسبه، ويُعرف بابن النمر، صحابي صغير له أحاديث قليلة، وحج به صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، مات سنة إحدى وتسعين بعد الهجرة، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، كذا قاله ابن حجر في (التقريب من أسماء الرجال)(1)، أنَّ عثمان بن عفان (ت 341) كان يقول: وفي رواية البيهقي من وجه آخر عن الزهري، قال: أخبرني السائب بن يزيد أنه سمع عثمان بن عفان خطيبًا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا إشارة إلى أحد الأشهر الحُرم المعروفة عندهم، أو إلى شهر فرض فيه الزكاة عليهم، كذا قاله علي القاري، وقال الزرقاني: قيل: الإِشارة لرجب،
(323) صحيح، أخرجه: مالك (591)، والشافعي في المسند (450)، والبيهقي في الكبرى (7699)، (7700).
(1)
انظر: التقريب (1/ 197).
وأنه محمول على أنه كان تمام حول المال، كمن يحتاج إلى نقل نفي رواية البيهقي المذكورة على الزهري، ولم يسم السائب الشهر ولم أسأله عنه، شهر زكاتكم، لعلمه كان آخر حولهم أن لا تجب قبل حولانه، لما روى أبو داود عن الحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا كانت لك مائتا درهم، وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك"، قال: فلا أدري أعلي يقول بحساب ذلك أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليس في مال زكاة حتى حال الحول عليه. قال النووي: حديث صحيح حسن، وقال الفقهاء: الزكاة هي: تمليك مال مخصوص لشخص مخصوص فرضت على حر مسلم مكلف مالك بنصاب من نقد، ولو تبرًا أو صليًا، أو آنية، أو ما يساوي قيمته من عروض تجارة، فارع عن الدين وعن حاجته الأصلية، كذا قاله التمرتاشي وغيره، ولذلك قال المصنف: فَمَنْ كان عليه دَيْنٌ أي: من حقوق العباد، فليُؤَدِّ دَيْنَهُ، أي: أولًا حتى تَحْصُلَ أموالُكم أي: محضة لكم، فتُؤدُّوا منها أي: من بقايا أموالكم بعد أداء دينكم الزكاة، أي: من جميع أموالكم؛ لأن ما قابل الدين لا زكاة فيه.
قال محمد: وبهذا أي: بقول السائب بن يزيد نأخذ، أي: نعمل ونُفتي، مَنْ كان عليه دَيْنٌ، أي: حال أو مؤجل بأصالة أو كفالة، ولد مالٌ أي: زائد على الدين، فليدفع دَيْنَهُ من ماله، أي: فليحسب حساب أدائه، فإن بقي بعد ذلك أي: بعد أداء دينه ما يجب فيه الزكاة أي: بأن يكون قدره نصابًا أو أكثر، ففيه زكاة، وتِلْكَ أي: الفضلة التي تجب فيها الزكاة، مائتا درهم أي: من الفضة، أو عشرونَ مِثْقالًا ذهبًا أي: سواء يكون مضروبين أم لا، لما في الصحيحين في حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليس مما دون خمس أواق صدقة"، والأواق: بضم الهمزة وفتح الواو والألف والقاف بعدها، جمع أوقية بضم الهمزة وسكون الواو وكسر القاف وتشديد الياء التحتية المفتوحة والتاء الفوقية أربعون درهمًا، فصاعدًا أي: فزائد على النصابين، وإن كان الذي بقي أي: بعد دفع الدين أقَلَّ من ذلك أي: مما ذكر من أحد النصابين، بعد ما يدفع من ماله الدَّين، أي: بقدر مقدور فليست فيه أي: فيما بقي منه، الزكاة، وهو أي: المذكور قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.
* * *
324 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يزيد بن خُصيْفَة، أنه سأل سليمان بن يَسارٍ، عن رجل له مال وعليه مثله من الدَّيْنِ، أَعَلَيْهِ زكاة؟ قال: لا.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: حدثنا مالك بن أنس بن عمير بن أبي عامر، الإِمام الأصبحي، نسبة إلى ملك ذي أصبح، من ملوك اليمن، كان من أتباع التابعين من الطبقة السابعة من أهل المدينة، أخبرنا يزيد أي: بتحتية فزاي ابن خُصيْفَة، بخاء معجمة مضمومة، (ق 342) ثم صاد مفتوحة مهملة وياء تحتية ساكنة، والفاء مصغر نسبة لجده، فهو يزيد عبد الله بن خصيفة بن عبد الله يزيد الكندي، المدني، ثقة، من أجلاء التابعين، وأكابر المجتهدين، أنه أي: يزيد بن خصيفة سأل سليمان بن يَسارٍ، أي: الهلالي المدني مولى ميمونة، وقيل: أم سلمة، ثقة، فاضل، أحد الفقهاء السبعة، من كبار التابعين، من الطبقة الثالثة من أهل المدينة، مات بعد المائة، وقيل: قبلها، كذا قاله ابن حجر في (التقريب)(1)، عن رجل له مال وعليه مثله من الدَّيْنِ، أَعَلَيْهِ زكاة؟ قال: لا، أي: لا زكاة عليه.
قال محمد: وبهذا أي: بقول سليمان بن يسار نأخذ أي: نعمل، وهو أي: قول سليمان بن يسار، قولُ أبي حنيفة، وقول مالك والشافعي إن لم يكن له عرض ولا مال غيره، وللشافعي قول آخر أن الدين لا يمنع الزكاة؛ لأنها في عين المال والدين في الذمة، كذا قاله الزرقاني.
لما فرغ من بيان بعض ما يجب في الزكاة، شرع في بيان بعض ما يجب فيه الزكاة، فقال: هذا
* * *
(324) إسناده صحيح، أخرجه: مالك (580)، والبيهقي في الكبرى (7707).
(1)
انظر: التقريب (2/ 671).