الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما فرغ من بيان أحكام زكاة الرقيق والخيل والبراذين، شرع في بيان أحكام الركاز، فقال: هذا
* * *
باب الركاز
في بيان أحكام الركاز، وهو بكسر الراء من الركز، وهو الإِثبات في الأرض، والمراد منه عند أهل الحجاز: كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق، أي: البصرة والكوفة: المعادن، واللغة تحتملها؛ لأن كلًا منها مركوز في الأرض، أي: ثابت يقال: ركزه، أي: دفنه، والحديث الآتي على رأي أهل العراق والفقهاء الحنفية، قالوا: الركاز ما تحت الأرض مطلقًا، سواء كان خلقة أو بدفن للعباد، والمعدن خلقي، والكنز مدفون.
339 -
أخبرنا مالك، حدثنا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وغيرُه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزنيّ معادن من القَبَلِيَّة، وهي من ناحية الفُرُع، فتلك المعادن إلى اليوم لا يُؤخَذ منها إلا الزكاة.
قال محمد: الحديث المعروف، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في الرِّكاز الخُمس"، قيل: يا رسول الله، وما الرِّكاز؟ قال:"المال الذي خلقه الله في الأرض يوم خلق السموات والأرض"، فهذه المعادن فيها الخمس، وهو قولُ أبي حنيفة والعامَّة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، رمزًا إلى أخبرنا، حدثنا وفي نسخة: قال: بنا ربيعة بن أبي عبد الرحمن، اسمه فروخ، ثقة، فقيه، تابعي، مشهور، وكان من الطبقة الخامسة من أهل المدينة، مات سنة ست وثلاثين، كذا في (التقريب) لابن حجر (1)،
(339) مرسل، أخرجه: أبو داود (3061)، مالك (569)، والبيهقي في الكبرى (7729)، مرسلًا، وأخرجه: أبو داود (3063)، وأحمد (2781)، والبيهقي في الكبرى (12017) مسندًا من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده.
(1)
تقدم.
وغيرُه أي: حدثنا غير ربيعة كثير من مشايخي، هذا تحويل المسند من مالك لتقوية الحديث، وقال الزرقاني: هذا الحديث مرسلًا عن جميع الرواة، ووصله البزار من طريق عبد العزيز الدراوردي عن ربيعة عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه، وأبو داود من طريق ثور بن [زيد](1) عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع أي: أعطى لبلال بن الحارث المزنيّ بضم الميم وفتح الزاي، نسبة إلى قبيلة بني مزينة، وهو مدني، سكن وراء المدينة، ثم تحول إلى البصرة، أحاديثه في السنن وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان، قال المدايني وغيره: مات سنة ستين وله ثمانون سنة، معادن جمع معدن نصب مفعول أقطع، من معادن القَبَلِيَّة، بفتح الباء والقاف الموحدة على وزن القمرية منسوبة إلى قبل، اسم موضع، يعني: أعطاه ليعمل فيها، ويخرج الذهب والفضة لنفسه، وفيه إقطاع المعادن، ولعلها كانت باطنة، فإن الظاهر لا يجوز إقطاعها إليهم إلا أن يكون من الخصوصيات، وهي أي: معادن القبلية، وفي كتاب (الأمكنة القلبية) بكسر القاف وبعدها لام مفتوحة فباء، كذا ذكره السيوطي، وفي نسخة: وهو أي: مكان (ق 356) تلك المعادن من ناحية الفُرْع، بضم الفاء وسكون الراء والعين بعده، موضع بين مكة والمدينة، فتلك المعادن إلى اليوم لا يُؤخَذ منها إلا الزكاة، والمعادن بالزكاة ربع العشر كزكاة الذهب والفضة الغير المعدنين، وهذا يدل على وجوب الزكاة في المعادن، وهو مذهب مالك وأحد أقوال الشافعي، وأما أبو حنيفة فيوجب الخمس فيه، وفي (شرح الهداية) لابن الهمام: قال أبو عبيدة في كتاب (الأموال): حديث منقطع ومن انقطاعه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك؛ وأما قوله: لا يؤخذ. . . إلى آخره فيجوز كون ذلك من أهل الولايات اجتهادًا منهم.
قال محمد: الحديث المعروف، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"في الرِّكاز الخُمس"، رواه ابن مسعود، وأما ما رواه أبو بكر بن أبي داود في جزء من حديثه عن ابن عمر بلفظ:"في الركاز العشر" فغير معروف، قيل: يا رسول الله، وما الرِّكاز؟ قال:"المال الذي خلقه الله فى الأرض يوم خلق السموات والأرض"، فهذه المعادن فيها الخمس، وهو قولُ أبي حنيفة والعامَّة أي: الأكثرين من فقهائنا، أي: من الكوفيين، أو من أصحاب الإِمام والله أعلم بحقيقة المرام. وقال الشافعي وأحمد: لا شيء في المعادن لما في الكتب الستة عن أبي
(1) في الأصل: يزيد، والمثبت هو الصواب.