الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستجاب لذلك؟ " (1).
وتقدّم حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تصدق بعَدل تمرة من كسب طيِّب -ولا يقبل الله إلَاّ الطيب- فإِنّ الله يتقبلّها بيمينه، ثمّ يربِّيها لصاحبه كما يربِّي أحدكم فَلُوَّه (2)، حتى تكون مثلَ الجبل".
هل تتصدّق المرأة من مال زوجها
؟
للمرأة أن تتصدّق من بيت زوجها؛ إِن كان يرضى عن ذلك.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مُفسدةٍ؛ كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازِن (3) مثلُ ذلكَ، لا ينقُصُ بعضهم أجرَ بعض شيئاً"(4).
بيّن الحافظ رحمه الله في "الفتح"(3/ 303): بأنّ هذا عن رضى الزوج بذلك في الغالب.
ثمّ قال: ويدلّ على ذلك ما رواه المصنف [أي: الإِمام البخاري رحمه الله] من حديث همام عن أبي هريرة بلفظ: "إِذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير
(1) أخرجه مسلم: 1015
(2)
تقدّم أن الفَلُوّ هو المُهر الصغير، وقيل: هو العظيم من أولاد ذات الحافر، وسمّي كذلك لأنه يُفلَى -أي: يُفطَم-.
(3)
الخازن: خادم المالك في الخزن وإن لم يكن خادمه حقيقة.
(4)
أخرجه البخاري: 1425، ومسلم:1024.
أمره، فلها نصف أجره" (1).
وقال أيضاً رحمه الله في "الفتح"(4/ 301): "والأوْلى: أن يُحمل على ما إِذا أنفقت مِن الذي يخصّها به إِذا تصدقت بغير استئذانه، فإِنه يصدق كونه من كسبه، فيؤجَر عليه، وكونه بغير أمره يحتمل أن يكون أَذِن لها بطريق الإِجمال، لكن المنفي ما كان بطريق التفصيل.
ولا بدّ من الحمل على أحد هذين المعنيين، وإِلا فحيث كان من ماله بغير إِذنه لا إِجمالاً ولا تفصيلاً، فهي مأزورة بذلك لا مأجورة".
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: "سمعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام حَجّة الوِداع: "لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إِلا بإِذن زوجها.
قيل: يا رسول الله! ولا الطعام؟ قال: ذلك أفضل أموالنا" (2).
قال الصنعاني رحمه الله في "سُبل السلام"(4/ 78): -بعد أن ذكر حديث عائشة رضي الله عنها: "فيه دليل على جواز تصدُّق المرأة من بيت زوجها.
والمراد إِنفاقها من الطعام الذي لها فيه تصرّف بصنعته للزوج ومن يتعلق به؛ بشرط أن يكون ذلك بغير إِضرار وأن لا يخلَّ بنفقتهم.
قال ابن العربي رحمه الله: قد اختلف السلف في ذلك؛ فمنهم من أجازه في الشيء اليسير الذي لا يؤبه له ولا يظهر به النقصان، ومنهم مَن
(1) أخرجه البخاري: 2066.
(2)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(3044)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(1721)، وانظر "صحيح الترغيب والترهيب"(931).
حمَله على ما إِذا أذن الزوج ولو بطريق الإِجمال- وهو اختيار البخاري.
ويدلّ له ما أخرجه الترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلَاّ بإِذن زوجها"
…
[وذكر الحديث المتقدّم].
إلَاّ أنه قد عارضه ما أخرجه البخاري (1) من حديث أبي هريرة بلفظ: "إِذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره؛ فلها نصف أجره".
ولعلّه يقال في الجمع بينهما؛ إِنّ إِنفاقها مع إِذنه تستحقّ به الأجر كاملاً، ومع عدم الإذن نصف الأجر، وإِنّ النهي عن إِنفاقها من غير إِذنه؛ إِذا عرَفت منه الفقر أو البخل فلا يحلّ لها الإِنفاق إلَاّ بإِذنه؛ بخلاف ما إِذا عرَفت منه خلاف ذلك؛ جاز لها الإنفاق عن غير إِذنه ولها نصف الأجر
…
". وانظر "الفتح" (3/ 303).
وعن أسماء بنت أبي بكر أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبيّ الله ليس لي شيء؛ إلَاّ ما أدخَل عليّ الزبير (2) فهل عليّ جناح أنْ أرضَخَ ممّا يدخل عليَّ فقال: ارضخي (3) ما استطعتِ، ولا تُوْعِي فيُوعيَ الله عليك (4) " (5).
(1) برقم: (2066).
(2)
هو ابن العوّام وكان زوجها.
(3)
معناه ممّا يرضى به الزبير؛ وتقديره: إِنّ لك في الرضخ مراتب مباحة، بعضها فوق بعض، وكلها يرضاها الزبير، فافعلي أعلاها. أو يكون معناه: ما استطعتِ ممّا هو ملَك لك.
(4)
أي: "لا تجمعي وتشحّي بالنفقة، فيشحَّ عليك، وتُجازي بتضييِق رزقك". "النهاية". وانظر شرحه في كتابي "شرح صحيح الأدب المفرد".
(5)
أخرجه البخاري: 2590، ومسلم: 1029، واللفظ له.