الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِفطار" (1).
وفي رواية: "ونصنع لهم اللعبة من العِهن، فنذهب به معنا، فإِذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تُلهيهم حتى يتمُّوا صومهم"(2).
قال الحافظ رحمه الله في "الفتح"(4/ 200): "والجمهور على أنه لا يجب على من دون البلوغ، واستحبّ جماعة من السلف منهم ابن سيرين والزهري.
وقال به الشافعي أنهم يؤمرون به للتمرين عليه إِذا أطاقوه، وحدّه أصحابه بالسبع والعشر كالصلاة، وحَدّه إِسحاق باثنتي عشرة سنة، وأحمد في رواية بعشر سنين
…
".
وقال رحمه الله (ص 201): "وفي الحديث حُجة على مشروعية تمرين الصبيان على الصيام كما تقدّم لأنّ من كان في مثل السن الذي ذُكر في هذا الحديث؛ فهو غير مكلّف، وإنما صنَع لهم ذلك للتمرين".
من يُرخّص لهم في الفطر وتجب عليهم الفدية
* يرخص الفطر للشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى برؤه، وأصحاب الأعمال الشاقة، الذين لا يجدون متسعاً من الرزق، غير ما يزاولونه من أعمال.
(1) أخرجه البخاري: 1960، ومسلم:1136.
(2)
أخرجه مسلم: 1136.
هؤلاء جميعاً يُرخّص لهم في الفطر، إِذا كان الصيام يُجْهدهم، ويشقّ عليهم مشقّة شديدة في جميع فصول السنة.* (1)
وجاء في "الروضة النديّة"(1/ 552)(2): وفي لفظ آخر عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال: "كنّا في رمضان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من شاء صام ومن شاء أفطر فَافْتَدَى بطعام مسكين، حتى أُنزلت هذه الآية: {فمن شهِد منكم الشهر فليصُمه} "(3).
والكبير العاجز عن الأداء والقضاء؛ يُكفِّر عن كل يوم بإِطعام مسكين؛ لحديث سلمة بن الأكوع الثابت في "الصحيحين" وغيرهما قال: "لمّا نزلت هذه الآية: {وعلى الذين يطيقونه فِديةٌ طعامُ مسكين} (4) كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسَخَتها (5) "(6).
وأخرج هذا الحديث أحمد وأبو داود عن معاذ بنحو ما تقدّم وزاد: "ثمّ
(1) العنوان وما بين نجمتين من "فقة السنة"(1/ 439).
(2)
بزيادة اللفظ الثاني لسلمة بن الأكوع رضي الله عنه.
(3)
أخرجه مسلم: 1145.
(4)
البقرة: 184.
(5)
فنسختها: يعني أنهم كانوا مُخيّرين في صدر الإسلام بين الصوم والفدية، ثمّ نُسخ التخيير بتعيين الصوم بقوله تعالى:{فمن شَهد منكم الشهر فليصُمه} قاله المعلِّق على "صحيح مسلم" رحمه الله.
(6)
أخرجه البخاري: 4507، ومسلم:1145.
أنزَل الله: {فمن شهِد منكم الشهر فليصمه} " (1).
فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخّص فيه للمريض والمسافر، وأثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام".
وعن عطاء أنه سمع ابن عبّاس يقرأ: " {وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين} قال ابن عبّاس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة؛ لا يستطيعان أن يصوما، فيُطعمان مكان كلّ يوم مسكيناً"(2).
قال شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(4/ 17): "ورواه النسائي (1/ 318 - 319) من طريق ورقاء عن عمرو بن دينار به نحوه، ولفظه: "{يطيقونه} يكلَّفونه، {فديةٌ طعام مسكين فمن تطوّع خيراً} طعام مسكين آخر، ليست بمنسوخة {فهو خير له وأن تصوموا خير لكم} لا يرخّص في هذا؛ إِلا للذي لا يطيق الصيام، أو مريض لا يشفى.
قلت: وإسناده صحيح
…
".
وجاء في "مجموع الفتاوى"(25/ 217): "وسُئل عن رجل كلَّما أراد أن يصوم أُغمِي عليه، ويزبد ويخبط، فيبقى أيّاماً لا يفيق، حتى يُتّهم أنّه جنون، ولم يتحقّق ذلك منه.
فأجاب: الحمد لله، إِنْ كان الصوم يوجب له مِثل هذا المرض؛ فإِنه يُفطِر ويقضي، فإِنْ كان هذا يصيبه في أي وقتٍ صام؛ كان عاجزاً عن الصيام؛ فيُطعم عن كل يوم مسكيناً، والله أعلم".
(1)"صحيح سنن أبي داود"(479).
(2)
أخرجه البخاري: 4505.
والحُبلى والمرضع إِذا لم تطيقا الصوم أو خافتا على أنفسهما أو أولادهما أفطرتا وعليهما الفدية، ولا قضاء عليهما.
عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: "إِذا خافت الحامل على نفسها، والمرضع على ولدها في رمضان قال: يُفطران، ويُطعمان مكان كل يوم مسكيناً، ولا يقضيان صوماً"(1).
قال شيخنا في "الإِرواء"(4/ 19): "وفي رواية له (2) بالسند المذكور عن ابن عبّاس رضي الله عنهما: "أنّه رأى أمّ ولد له حاملاً أو مرضعاً فقال: أنتِ بمنزلة الذي لا يطيق، عليكِ أن تطعمي مكان كلّ يوم مسكيناً، ولا قضاء عليك".
زاد في رواية (2761) عن سعيد به: "أنَّ هذا إِذا خافت على نفسها".
ورواه الدارقطني (250) من طريق روح عن سعيد به بلفظ: "أنتِ من الذين لا يطيقون الصيام، عليك الجزاء، وليس عليك القضاء".
وقال الدارقطني: "إِسناده صحيح".
ثمّ روى من طريق أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس وابن عمر قال: "الحامل والمرضع تفطر ولا تقضي". وقال: "وهذا صحيح".
قلت -أي شيخنا رحمه الله: ورواه ابن جرير من طريق علي بن ثابت
(1) أخرجه الطبري، وقال شيخنا رحمه الله في "الإِرواء" (4/ 19): وإِسناده صحيح على شرط مسلم.
(2)
أي: للطبري رحمه الله.
عن نافع عن ابن عمر مِثل قول ابن عبّاس في الحامل والمرضع، وسنده صحيح ولم يسُق لفظه.
وقد رواه الدارقطني من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر: "أن امرأته سألته وهي حُبْلى، فقال: أفطري، وأطعمي عن كل يوم مسكيناً، ولا تقضي"، وإسناده جيد.
ومن طريق عبيد الله عن نافع قال: "كانت بنت لابن عمر تحت رجل من قريش، وكانت حاملاً، فأصابها عطش في رمضان، فأمَرها ابن عمر أن تُفطر وتُطعم عن كلّ يوم مسكيناً"، وإِسناده صحيح.
ومنها ما عند الدارقطني وصححه من طريق منصور عن مجاهد عن ابن عبّاس قرأ: {وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين} يقول:
"هو الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام فيُفطر ويُطعم عن كلّ يوم مسكيناً؛ نصف صاع من حنطة".
وأخرجه (249) من طريق عكرمة عن ابن عبّاس قال: "إِذا عجَز الشيخ الكبير عن الصيام؛ أطعم عن كلّ يوم مُدّاً مُدّاً". وقال: "إِسناده صحيح".
وعن أنس بن مالك الكعبي (1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنّ الله وضع عن
(1) جاء في "عون المعبود"(7/ 33): "قال في "المرقاة" هو من بني عبد الله بن كعب على ما جَزم به البخاري في ترجمته، وجرى عليه أبو داود فقال: رجل من بني عبد الله بن كعب، أخوه قشير فهو كعبي لا قشيري؛ خلافاً لما وقع لابن عبد البر؛ لأنّ كعباً له ابنان عبد الله جد أنس هذا، وقشير وهو أخو عبد الله
…
وأما أنس بن مالك خادم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فهو أنصاري خزرجي. انتهى".