الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس بالصدقة، فقال الناس: يا أمير المؤمنين! خيلٌ لنا ورقيق، افرِض علينا عشرة عشرة! فقال عمر: أمّا أنا فلا أفرض ذلك عليكم" (1).
2 -
وعن حارثة بن معزب قال: "حجَجْت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأتاه أشراف أهل الشام فقالوا؛ يا أمير المؤمنين، إِنّا أصبنا رقيقاً ودوابَّ؛ فخُذ من أموالنا صدقةً؛ تطهرنا وتكون لنا زكاة! فقال: هذا شيء لم يفعله اللذان كانا قبلي".
ثمّ قال -رحمه الله تعالى-: هذه أسانيد في غاية الصحة والإِسناد فيه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذ من الخيل صدقة؛ ولا أبو بكر بعده؛ وأنّ عمر لم يفرض ذلك، وأنّ علياً بعده لم يأخذها" (2).
في الجمع والتفريق:
عن أنس رضي الله عنه أنَّ أبا بكر رضي الله عنه كتَب له التي فرَض رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا يجمع بين مُتفرِّق، ولا يُفرَّق بين مُجتَمعٍ خشية الصدقة"(3).
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 314): "قال مالك في "الموطَّأ": معنى هذا الحديث أن يكون النفر الثلاثة؛ لكلّ واحد منهم أربعون شاة؛ وجَبت فيها الزكاة، فيجمعونها حتى لا تجب عليهم كلّهم فيها إِلا شاة واحدة، أو
(1) تقدّم.
(2)
تقدّم، والحديث في "المسند" وفي آخره:"ولكن انتظروا حتى أسأل المسلمين"، وانظر تعليق الشيخ العلاّمة أحمد شاكر رحمه الله عليه.
(3)
أخرجه البخاري: 1450.
يكون للخليطين مائتا شاة وشاتان؛ فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فيُفرِّقونها حتى لا يكون على كلّ واحد إِلا شاة واحدة.
وقال الشافعي: هو خطاب لرب المال من جهة وللساعي من جهة، فأمّر كلّ واحد منهم؛ أن لا يُحدِث شيئاً من الجمع والتفريق خشية الصدقة، فرَبُّ المال يخشى أن تكثُر الصدقة؛ فيجمَع أو يُفرِّق لتقلّ، والساعي يخشى أن تقلّ الصدقة؛ فيجمع أو يفرّق لتكثُر.
فمعنى قوله خشية الصدقة: أي: خشية أن تكثُر الصدقة، أو خشية أنْ تقلّ الصدقة
…
" (1).
وفي رواية: "وما كان من خليطين (2)؛ فإِنهما يتراجعان (3) بينهما في
(1) وجاء في "النهاية": "أمّا الجمع بين المتفرِّق فهو الخلاط
…
ثم ذكَر الأمثلة السابقة".
(2)
جاء في "النهاية": الخليط: المخالط، ويريد به الشريك الذي يخلط ماله بمال شريكه، والتراجع بينهما هو أن يكون لأحدهما مثلا أربعون بقرة، وللآخر ثلاثون بقرة، وما لها مختلط فيأخذ الساعي عن الأربعين مُسنَّة، وعن الثلاثين تبيعاً؛ فيرجع باذِلُ المسنَّة بثلاثة أسباعها على شريكه، وباذِلُ التبيع بأربعة أسباعه على شريكه؛ لأنّ كل واحد من السِّنَّين واجب على الشيوع، كأنّ المال مُلْك واحد.
وفي قوله: "بالسَّويَّة" دليل على أنّ الساعي إِذا ظلَم أحدَهما؛ فأخَذ منه زيادةً على فرضه؛ فإِنه لا يرجع بها على شريكه، وإنما يغرم له قيمة ما يخصّه من الواجب دون الزيادة.
(3)
وقال الخطابي: معناه أن يكون بينهما أربعون شاة مثلاً؛ لكل واحدٍ منهما عشرون؛ قد عرف كل منهما عين ماله، فيأخذ المصدِّق من أحدهما شاة، فيُرجع المأخوذ من ماله على خليطه؛ بقيمة نصف شاة، وهذه تسمّى خلطة الجوار". "فتح" (3/ 315).