الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَعِبْ المفطر على الصّائم ولا الصّائم على المُفطر".
وقال شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(1/ 377): "
…
يمكن الاستدلال لتفضيل الإِفطار على الصيام بالأحاديث التي تقول: "إِنّ الله يحبّ أن تؤتى رُخَصه كما يَكره أن تؤتى معصيته (وفي رواية: كما يحبّ أن تؤتى عزائمه) "(1).
وهذا لا مناص من القول به، لكن يمكن أن يقيَّد ذلك بمن لا يتحرج بالقضاء، وليس عليه في الأداء، وإلا عادت الرخصة عليه بخلاف المقصود، فتأمّل". انتهى.
وجاء في "مجموع الفتاوى"(25/ 213): "وسُئل رحمه الله عمّن يكون مسافراً في رمضان، ولم يُصبه جوع، ولا عطش، ولا تعب، فما الأفضل له، الصيام؟ أم الافطار؟
فأجاب: أمّا المسافر فيفطر باتفاق المسلمين، وإن لم يكن عليه مشقّة، والفطر له أفضل، وإن صام جاز عند أكثر العلماء، ومنهم من يقول لا يجزئه".
قلت: والراجح القول الأوّل لِما تقدّم، والله -تعالى- أعلم.
هل يجوز له الفطر إِذا نوى الصيام وهو مقيم ثمّ سافر نهاراً
؟
إِذا نوى المرء الصيام أو شرع فيه ثمّ سافر أثناء النهار، جاز له الفطر.
فعن محمّد بن كعب أنه قال: "أتيتُ أنس بن مالك في رمضان، وهو يريد سفراً، وقد رُحِّلَت له راحلته، ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل، فقلت
(1) أخرجه أحمد في "مسنده" وغيره، وصححه شيخنا في "الإِرواء"(564).
له: سُنّة؟ فقال: سُنّة، ثمّ ركب" (1).
وعن عبيد بن جبير قال: ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في رمضان فدفع، ثمّ قرّب غداءه، ثمّ قال: اقترب، فقلت: ألست في البيوت؟ فقال أبو بصرة: أرغبت عن سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " (2).
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله عَقِب حديث محمّد بن كعب: "وقد ذهب بعض أهل العلم، إِلى هذا الحديث، وقال: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة، حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول: إِسحاق بن إِبراهيم".
قال الشوكاني رحمه الله (3): "والحديثان يدلاّن على أنّ للمسافر أن يفطر قبل خروجه؛ من الموضع الذي أراد السفر منه".
قال شيخنا رحمه الله في كتابه النافع " تصحيح حديث إِفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر"(ص 28) -بعد الحديث الأوّل-: "وله شاهد من القرآن الكريم والسُّنّة:
أمّا القرآن: فهو قول الله تبارك وتعالى: {فمن كان مريضاً أو على سفر
(1) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(641)، وانظر "تصحيح حديث إِفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر والردّ على مَن ضعَّفه " لشيخنا رحمه الله.
(2)
أخرجه أحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2109)، وانظر "تمام المِنّة"(ص 400)، و"الإِرواء"(928).
(3)
"نيل الأوطار"(4/ 311)، وذكَره السيد سابق رحمه الله في "فقه السنة"(1/ 444).
فعدّةٌ من أيّام أُخَر}، فإِن قوله:{على سفر} يشمل من تأهَّب للسَّفر ولمَّا يخرج، وقد صرّح الإِمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن"
…
أنّ ذلك مقتضى الآية".
ثمّ ذكَر رحمه الله للحديث شواهد من السُّنّة منها:
1 -
عن اللجلاج قالوا (كذا الأصل: ولعله: اللجلاج وغيره قالوا): كنّا نسافر مع عمر رضي الله عنه ثلاثة أميال فيتجوّز في الصلاة ويفطر.
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2/ 151/2) بإِسناد حسن أو قريب منه.
2 -
عن أنس بن مالك قال: قال لي أبو موسى: ألم أُنبَّأ أنك إِذا خرجْتَ خرجت صائماً، وإذا دخلتَ دخلتَ صائماً؟ فإِذا خرجتَ فاخرج مُفطراً، وإِذا دخلتَ فادخل مُفطراً.
رواه الدارقطني (ص 241) والبيهقي (4/ 247) بإِسناد صحيح على شرط الستة.
3 -
عن نافع عن ابن عمر أنه خرَج في رمضان فأفطرَ.
رواه ابن أبي شيبة (2/ 151/1) بإِسناد رجاله ثقات.
4 -
عن ابن عبّاس قال: إِنْ شاء صام وإنْ شاء أفطر.
رواه ابن أبي شيبة في "باب ما قالوا في الرجل يُدركه رمضان، فيصوم ثمّ يسافر"، (2/ 151/1) وإسناده صحيح.
5 -
عن مغيرة قال: خرج أبو ميسرة في رمضان مسافراً فمرّ بالفرات وهو صائم، فأخذ منه حسوة فشربه وأفطر.