الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبوّب له البخاري بقوله: "إِذا تصدّق على غني وهو لا يعلم".
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 290): "أي: فصدقته مقبولة".
وعن معن بن يزيد رضي الله عنه قال: "بايعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدّي، وخطب عليّ (1) فأنكَحني وخاصمتُ إِليه، وكان أبي يزيد، أخرج دنانير يتصدّق بها، فوضَعها عند رجل في المسجد.
فجئت فأخذتُها فأتيتُه بها فقال: والله ما إِياك أردت، فخاصمتُه إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لك ما نويتَ يا يزيد، ولك ما أخذتَ يا معن" (2).
وبوّب له البخاري بقوله: "إِذا تصدّق على ابنه وهو لا يشعر".
وسألت شيخنا رحمه الله: إِذا أخطأ المزكّي فأعطاها لغير أهلها، هل يجزئه ذلك وتسقط منه، وهل حديث: "لك ما نويت يا يزيد
…
"، وكذلك "تُصدّق الليلة على سارق
…
"، يفيد ذلك؟
فأجاب رحمه الله: هكذا الظاهر، وفي مرّة أخرى قال: إِذا كان لا يعلم يسقط عنه.
ما هو الأفضل: إِظهار الصدقة أم إِخفاؤها
(3)؟
يجوز للمتصدّق أن يُظهر صدقته؛ سواء أكانت صدقة فرض أو نافلة؛ دون
(1) قال الحافظ في "الفتح"(3/ 292): "أي: طلب لي النكاح فأجيب، يُقال: خطب المرأة إِلى وليّها: إذا أرادها الخاطب لنفسه، وعلى فلان: إِذا أرادها لغيره".
(2)
أخرجه البخاري: 1422.
(3)
عن "فقه السنة"(1/ 411) بزيادة.
أن يرائي بصدقته، وإخفاؤها أفضل.
قال الله تعالى: {إِنْ تبدوا الصدقات فنعمّا (1) هي وإِن تُخفوها وتُؤتوها الفقراء فهو خير لكم} (2).
قال ابن كثير رحمه الله: "فيه دلالة على أنّ إِسرار الصدقة أفضل من إِظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء؛ إِلا أنه يترتب على الإِظهار مصلحة راجحةٌ من اقتداء الناس، فيكون أفضل من هذه الحيثية.
وقال الله تعالى: {الذين يُنفِقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية} (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يُظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلَّ إِلا ظلُّه: إِمام عَدْل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه مُعلَّق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذاتَ منصب وجمال، فقال: إِني أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكَر الله خالياً ففاضت عيناه"(4).
وعن أنس: "أُنزلت هذه الآية: {لن تنالوا البِرّ حتى تُنفقوا ممّا
(1) نِعْم: فعل مُتَصرّف لإِنشاء المدح وأُلحقت به هنا "ما"، كما هو معروف عند أهل اللغة. قال ابن كثير رحمه الله: إِن أظهرتموها فنِعْم شيء هي.
(2)
البقرة: 271.
(3)
البقرة: 274.
(4)
أخرجه البخاري: 1423، ومسلم: 1031، وتقدّم.