الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصلحة راجحة؛ ممنوع منه، ولهذا قدّر النّبيّ صلى الله عليه وسلم الجبران بشاتين، أو عشرين درهماً، ولم يعدل إِلى القيمة، ولأنه متى جوّز إِخراج القيمة مطلقاً، فقد يعدل المالك إِلى أنواع رديئة.
وقد يقع في التقويم ضرر، ولأن الزكاة مبناها على المواساة، وهذا معتَبر في قدْر المال وجنسه.
وأمّا إِخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل؛ فلا بأس به، مِثل أن يبيع ثمر بستانه، أو زرْعه بدراهم؛ فهنا إِخراج عشر الدراهم يجزيه، ولا يكلَّف أن يشتري ثمراً، أو حِنْطة، إِذ كان قد سوى الفقراء بنفسه، وقد نصّ أحمد على جواز ذلك.
ومِثل أن يجب عليه شاة في خمس من الإِبل، وليس عنده من يبيعه شاة؛ فإِخراج القيمة هنا كاف، ولا يُكلَّف السفر إِلى مدينة أخرى ليشتري شاة، ومِثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إِعطاء القيمة؛ لكونها أنفع؛ فيعطيهم إِياها، أو يرى الساعي أنّ أخْذها أنفع للفقراء" (1).
إِذا وجبت الزكاة في المال وهلك قبل الأداء
اختلف العلماء فيما إِذا وجبت الزكاة في المال وهلك قبل الأداء، والراجح فيه سقوط الزكاة عمّن تلف لديه النصاب قبل التمكّن؛ إِذا لم يُفرِّط في الأداء، وإِلا كانت في ذمّته.
قال الإِمام الشافعي رحمه الله في "الأم"(4/ 188): "ولو كان له
(1) وانظر ما جاء عن شيخ الإِسلام في "الاختيارات"(ص 103) ومنه أفاد شيخنا -رحمهما الله تعالى- في "تمام المِنّة"(ص 379).
مال يُمكنه أن يؤدي زكاته فلم يفعل؛ فوجبت عليه الزكاة سنين ثم هلك؛ أدى زكاته لِما فرّط فيه.
وإِنْ كانت له مائة شاة، فأقامت في يده ثلاث سنين، وأمكَنه في مُضيّ السَّنة الثالثة أداء زكاتها، فلم يؤدِّها، أدّى زكاتها لثلاث سنين، وإن لم يمكنه في السنة الثالثة أداء زكاتها حتى هلكت؛ فلا زكاة عليه في السنة الثالثة، وعليه الزكاة في السنتين اللتين فرّط في أداء الزكاة فيهما".
وبه يقول عدد من العلماء.
قال في "المغني"(2/ 465) -بعد أنْ نقل بعض الأقوال في المسألة-: "والصحيح -إِن شاء الله- أنّ الزكاة تسقط بتلف المال؛ إِذا لم يفرط في الأداء، لأنها تجب على سبيل المواساة، فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه، ولأنه حقٌّ يتعلق بالعين، فيسقط بتلفها من غير تفريط كالوديعة.
والتفريط أن يمكنه إِخراجها فلا يخرجها، فإِن لم يتمكّن من إِخراجها فليس بمفرِّط، سواء لعدم المستحق، أو لبعد المال، أو لكون الفرض لا يوجد في المال ولا يجد ما يشتري، أو كان في طلب الشراء ونحو ذلك
…
".
وجاء في "الاختيارات الفقهيّة"(ص 98): ولو تلِف النصاب بغير تفريط من المالك؛ لم يضمن الزكاة على كلٍّ من الروايتين، واختاره طائفة من أصحاب أحمد.
وهو اختيار شيخنا رحمه الله كما في "تمام المِنّة"(ص379).