الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في تفسير العلاّمة السعدي رحمه الله: {ليلة القدر خير من ألف شهر} أي: تعادل في فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر، خالية منها.
وهذا ممّا تتحيَّر فيه الألباب، وتندهش له العقول، حيث مَنَّ -تعالى- على هذه الأمّة الضعيفة القوّة والقوى؛ بليلة يكون فيها العمل يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمّر عمراً طويلاً، نيفاً وثمانين سنة.
وجاء في "تفسير ابن كثير" رحمه الله في قوله تعالى: {تنزَّلُ الملائكة والرّوح فيها} أي: يكثُر تنزُّل الملائكة في هذه الليلة؛ لكثرة بركتها، والملائكة يتنزّلون مع تنزُّل البركة والرحمة، كما يتنزَّلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بِحِلَق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق؛ تعظيماً له".
متى تُتحرّى وتُلتمس
؟
جاء في "الروضة النديّة"(1/ 576): "وفي المسوّى: "اختلفوا في أي ليلة هي أرجى، والأقوى إِنّها ليلة في أوتار العشرة الأخيرة، تتقدّم وتتأخّر"، "وقول أبي سعيد: أنّها ليلة إِحدى وعشرين".
وقال المزني، وابن خزيمة (1): إِنِّها تنتقل كلّ سنة ليلة؛ جَمْعاً بين الأخبار.
قال في "الروضة": وهو قوي، ومذهب الشافعي أنَّها لا تلزم ليلة بعينها، وفي "المنهاج" ميل الشافعي إِلى أنَّها ليلة الحادي والثالث والعشرين، وعن
(1) انظر "صحيح ابن خزيمة"(3/ 329).
أبي حنيفة أنّها في رمضان، لا يدري أية ليلة هي
…
". انتهى.
قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله: "وروي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر: أنّها ليلة إِحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وآخر ليلة من رمضان"(1). انتهى.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور (2) في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: تحرَّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" (3).
وعنها رضي الله عنها أيضاً أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحرَّوا ليلة القدْر في الوتر من العشْر الأواخر من رمضان"(4).
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "تحرَّوا ليلة القدر في السَّبْع الأواخر"(5).
وفي لفظ له قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التمسوها في العشر الأواخر (يعني ليلة القدر)، فإِن ضَعُف أحدكم أو عجز؛ فلا يُغلَبنَّ على السَّبْع البواقي"(6).
(1) انظر "صحيح سنن الترمذي"(1/ 238).
(2)
أي: يعتكف. "النهاية".
(3)
أخرجه البخاري: 2020، ومسلم: 1167، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخاري: 2017، ومسلم:1169.
(5)
أخرجه مسلم: 1165.
(6)
أخرجه مسلم: 1165.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان يلتمس ليلة القدر؛ قبل أنْ تُبان له (1)، فلما انقضين أمَر بالبناء فقوِّض (2)، ثم أبينتْ له أنّها في العشر الأواخر.
فأمر بالبناء فأُعيد، ثمّ خرج على النّاس، فقال: يا أيها الناس! إِنّها كانت أُبينت لي ليلة القدر، وإِنِّي خرجتُ لأُخبركم بها، فجاء رجلان يحْتَقَّانِ (3) معهما الشيطان، فَنُسِّيتُها، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة.
قال قلت: يا أبا سعيد! إِنّكم أعلم بالعدد منّا قال: أجل، نحن أحقُّ بذلك منكم، قال قلت: ما التاسعة والسابعة والخامسة؟
قال: إِذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها ثنتين وعشرين وهي التاسعة، فإِذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة، فإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة" (4).
عن عبد الله بن أُنَيس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُريت ليلة القدر ثمّ أُنسِيتُها، وأراني صُبْحَها أسجد في ماء وطين.
قال: فمُطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرف، وإنَّ
(1) أي: توضّح وتُكشف.
(2)
أي: قُلِع وأُزِيل. "النهاية".
(3)
أي: يختصمان كما فسّرها ابن خلاد أحد رواة الحديث.
(4)
أخرجه مسلم: 1167.
أثر الماء والطّين على جبهته وأنفه.
قال: وكان عبد الله بن أنيس يقول: ثلاث وعشرين" (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى (2)، في سابعة تبقى (3)، في خامسةٍ (4) تبقى"(5).
وعن معاذ بن جبل أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: سُئل عن ليلة القدر؟ فقال: "هي في العشر الأواخر، أو في الخامسة، أو في الثالثة"(6).
وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي في العشر الأواخر، في تسع (7) يمضين أو في سبع (8) يبقين"(9).
(1) أخرجه مسلم: 1168.
(2)
أي: ليلة الحادي والعشرين. قاله الكرماني.
(3)
أي: ليلة ثلاث وعشرين.
(4)
ليلة خمس وعشرين. "عمدة القاري".
(5)
أخرجه البخاري: 2021.
(6)
أخرجه أحمد، وقال شيخنا رحمه الله: وإسناده جيّد، فإنّ رجاله كلهم ثقات، وبقيّة قد صرّح بالتحديث، وانظر "الصحيحة" تحت الحديث (1471).
(7)
أي: ليلة التاسع والعشرين. قاله الكرماني.
(8)
أي: ليلة السابع والعشرين.
(9)
أخرجه البخاري: 2022.
وعن معاوية رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان"(1).
وجاء في "مجموع الفتاوى"(25/ 284) -بحذف-: "وسُئل عن ليلة القدر وهو معتقل بالقلعة قلعة الجبل -سنة ست وسبعمائة-.
فأجاب: الحمد لله، ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:"هي في العشر الأواخر من رمضان"(2)، وتكون في الوتر منها.
لكنّ الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إِحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.
ويكون باعتبار ما بقي كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لتاسعةٍ تبقى، لسابعةٍ تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى"(3).
فعلى هذا إِذا كان الشهر ثلاثين؛ يكون ذلك ليال الأشفاع، وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى، وهكذا فسّره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح، وهكذا أقام النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الشَّهر.
(1) أخرجه ابن نصر في "قيام الليل" وابن خزيمة في "صحيحه"، وانظر "الصحيحة" تحت الحديث (1471).
(2)
يشير إِلى حديث البخاري: 2022، المتقدم:"هي في العشر الأواخر".
(3)
أخرجه البخاري: 2021 دون "لثالثة تبقى"، وهي ثابتة كما في "الصحيحة"(3/ 456) تحت الحديث (1471).