الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المال المغصوب والضائع
قال شيخ الإِسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى"(25/ 18): "قال مالك: ليس فيه زكاة حتى يقبضه، فيزكّيه لعام واحد، وكذلك الدَّيْن عنده لا يزكّيه حتى يقبضه زكاة واحدة، وقول مالك: يُروى عن الحسن وعطاء وعمر ابن عبد العزيز.
وقيل: يزكى كلّ عام إِذا قبضه زكاة عمّا مضى، وللشافعي قولان" (1).
جواز دفْع القيمة بدل العين
قال ابن حزم رحمه الله: "والزكاة واجبة في ذمّة صاحب المال لا في عين المال؛ وقد اضطربت أقوال المخالفين في هذا.
وبرهان صحّة قولنا، هو أن لا خلاف بين أحد من الأمّة، من زمننا إِلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم -في أنّ من وجبت عليه زكاة بُرّ أو شعير أو تمر أو فضة أو ذهب أو إِبل أو بقر أو غنم؛ فأعطى زكاته الواجبة عليه؛ من غير ذلك الزرع؛ ومن غير ذلك التمر، ومن غير ذلك الذهب، ومن غير تلك الفضة، ومن غير تلك الإِبل، ومن غير تلك البقر، ومن غير تلك الغنم- فإِنه لا يمنع من ذلك، ولا يكره ذلك له، بل سواء أعطى من تلك العين، أو ممّا عنده من غيرها، أو ممّا يشتري، أو ممّا يوهب، أو ممّا يستقرض.
فصحّ يقيناً أن الزكاة في الذمّة لا في العين؛ إِذ لو كانت في العين؛ لم يحلّ
(1) قلت: والراجح أنه يُزكّي كل عام إِذا قبَضه؛ لأنه من حقوق العباد، وهذا يتفق مع النصوص العامّة في إِيجاب الزكاة للنصاب؛ إِذا مضى عليه الحول، والله -تعالى- أعلم.
له ألبتة أن يُعطيَ من غيرها، ولوجَب منْعه من ذلك، كما يُمنع من له شريك في شيء من كل ذلك؛ أن يُعطيَ شريكه من غير العين التي هم فيها شركاء إِلا بتراضيهما، وعلى حكم البيع.
وأيضاً -فلو كانت الزكاة في عين المال؛ لكانت لا تخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما-: إِمّا أن تكون في كل جزء من أجزاء ذلك المال، أو تكون في شيء منه بغير عينه.
فلو كانت في كل جزء منه؛ لحرُم عليه أن يبيع منه رأساً أو حبّة فما فوقها؛ لأنّ لأهل الصدقات في ذلك الجزء شريكاً، ولحرُم عليه أن يأكل منها شيئاً لِما ذكَرنا، وهذا باطل بلا خلاف
…
وإنْ كانت الزكاة في شيء منه بغير عينه؛ فهذا باطل، وكان يلزم أيضاً: مثل ذلك سواء سواء؛ لأنّه كان لا يدري لعله يبيع أو يأكل الذي هو حق أهل الصدقة، فصحّ ما قُلنا يقيناً -وبالله تعالى التوفيق-" (1).
قال شيخ الإِسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى"(25/ 46): "ومعلوم أنّ مصلحة وجوب العين؛ قد يعارضها أحياناً في القيمة من المصلحة الراجحة، وفي العين من المشقة المنفية شرعاً".
وقد رجّح شيخ الإِسلام جواز ذلك في بعض الصور للحاجة أو المصلحة الراجحة كما في "مجموع الفتاوى"(25/ 79).
وقال (ص82): "والأظهر في هذا: أنّ إِخراج القيمة لغير حاجة، ولا
(1) انظر "المُحلّى"(5/ 390) وذكَره الشيخ السيد سابق رحمه الله في "فقه السنة"(1/ 378).