الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلوبكم} (1). والله -تعالى- أعلم.
المالك الذي لا يجد ما يفي بكفايته
(2)
من ملَك نصاباً، من أيّ نوع من أنواع المال -وهو لا يقوم بكفايته، لكثرة عياله، أو لغلاء السعر- فهو غنيّ؛ من حيث أنّه يملك نصاباً؛ فتجب الزكاة في ماله، وفقير من حيث أنّ ما يملكه لا يقوم بكفايته، فيُعطى من الزكاة كالفقير.
قال النووي: ومن كان له عقار، ينقص دخله عن كفايته؛ فهو فقير يُعطى من الزكاة تمام كفاية، ولا يُكلف بيعه.
وفي "المغني": قال الميمون: ذاكَرت أبا عبد الله -أحمد بن حنبل- فقلت: قد يكون للرجل الإِبل والغنم؛ تجب فيها الزكاة وهو فقير، وتكون له أربعون شاة، وتكون له الضّيعة لا تكفيه، فيعطى الصدقة؟ قال: نعم، وذلك لأنه لا يملك ما يُغنيه، ولا يقدر على كسْب ما يكفيه، فجاز له الأخذ من الزكاة. كما لو كان ما يملك، لا تجب فيه الزكاة.
3 -
العاملون عليها: وهم: الجباة والسعاة؛ يستحقّون منها قِسطاً على ذلك، ولا يجوز أن يكونوا من أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الصدقة.
فعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث؛ أنه انطلق هو والفضل بن العباس يسألان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعملهما على الصدقة، فقال: "إِنَّ الصدقة لا تنبغي
(1) الحجرات: 14.
(2)
عن "فقه السنة"(1/ 386).
لآل محمّد. إِنّما هي أوساخ الناس" (1).
وفي رواية: "إِنّ هذه الصدقات إِنَّما هي أوساخ الناس؛ وإنها لا تحلّ لمحمّد ولا لآل محمّد"(2).
ويجوز أن يكونوا من الأغنياء؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحلّ الصدقة لغنيّ إِلا لخمسة: للعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غازٍ في سبيل الله، أو مسكين تُصدِّق عليه؛ فأَهْدَى منها لِغَنيّ"(3).
ولحديث عبد الله بن السعدي: "أنه قدِم على عمر في خلافته فقال له عمر: ألم أُحدَّث أنك تلي من أعمال الناس أعمالاً، فإِذا أُعطيتَ العُمالة (4) كرهتها؟ فقلت: بلى، فقال عمر: ما تريد إِلى ذلك؟ قلت: إِنَّ لي أفراساً وأعبداً (5) وأنا بخير، وأريد أن تكون عُمالتي صدقة على المسلمين.
(1) أخرجه مسلم: 1072، قال النووى (7/ 179):"معنى أوساخ الناس؛ أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم، كما قال تعالى: {خُذْ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} فهي كغسالة الأوساخ".
(2)
أخرجه مسلم: 1072.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1440)، وغيره وصححه شيخنا في "الإِرواء"(870).
(4)
العُمالة: بضم الميم أجرة العمل، وأما العَمالة بفتح العين: فهي نفس العمل.
(5)
أعبُداً: جمع عبد وهو الرقيق، وفي رواية: أعتُداً: جمع عتيد، وهو المال المدَّخر.
قال عمر: لا تفعل، فإِنّي كنت أردتُ الذي أردتَ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر إِليه منّي، حتى أعطاني مرّة مالاً فقلت: أعطه أفقر إِليه مني، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم خُذهُ فتموّله وتصدَّق به، فما جاءك من هذا المال -وأنت غير مشرف (1) ولا سائل- فخذه، وإِلا فلا تُتبِعه نفسك" (2).
وينبغي أن تكون الأجرة بقدر الكفاية (3).
فعن المستورد بن شداد، قال: سمعتُ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإِن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً، فإِن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً".
قال: قال أبو بكر: أُخبِرت أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارق (4) "(5).
(1) أي: غير متطلّع إِليه.
(2)
أخرجه البخاري: 7163، ومسلم:1045.
(3)
انظر "فقه السنة"(1/ 387).
(4)
قال المظهر: أي: يحلّ له أن يأخذ مما في تصرفه في مال بيت المال؛ قدر مهر زوجة ونفقتها وكسوتها، وكذلك ما لا بد منه من غير إِسراف وتنعّم، فإِنْ اْخَذ أكثر ما يحتاج إِليه ضرورة؛ فهو حرام عليه.
فال الطيبي: وإنما وضع الاكتساب موضع العُمالة والأجرة؛ حسماً لطمعِه. "المرقاة"(7/ 320).
(5)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2552)، وقال شيخنا رحمه الله في "المشكاة" (3751): وإسناده صحيح.