الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعنها قالت: "ليس فيه زكاة حتى يقبضه"(1).
وعن علي رضي الله عنه في الدين الظَّنون (2)"إِنْ كان صادقاً فليزكّه إِذا قَبضه، لِما مضى"(3).
زكاة الحُليّ
اختلف العلماء في هذه المسألة وهناك آثار تفيد إِخراج الزكاة عنها، وأخرى تفيد عدم الإِخراج؛ ذكَرها ابن حزم رحمه الله في "المحلّى"(4).
زكاة الحُلي واجبة لعموم الآيات والأحاديث الآمرة بالزكاة، ولا دليل على الاستثناء.
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلّى"(6/ 100): "
…
صحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم إِيجاب الزكاة في الذهب عموماً؛ ولم يخصّ الحُلي من سقوط الزكاة فيه؛ لا بنصّ ولا بإِجماع، فوجبت الزكاة بالنّصّ في كلّ ذهب وفضّة.
وخصّ الإِجماع المتيقّن بعض الأعداد منهما وبعض الأزمان، فلم تجب الزكاة فيهما؛ إلَاّ في عدد أوجبه نصٌّ أو إِجماع، وفي زمان أوجبه نصٌّ أو إِجماع، ولم يُجز تخصيص شيء منها؛ إِذ قد عمَّهما النصّ؛ فوجَب أنْ لا يُفرَّق بين أحوال الذهب بغير نصّ ولا إِجماع.
(1) أخرجه ابن أبي شيبة وحسنه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(784).
(2)
هو الذي لا يدري صاحبه أيصِل إِليه أم لا. "النهاية".
(3)
رواه أبو عبيد وعنه البيهقي، وصحّحه شيخنا في "الإِرواء"(785).
(4)
انظر (6/ 93) منه وما بعدها، وانظر أيضاً "الإِرواء" تحت (817).
وصحّ يقيناً -بلا خلاف- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوجب الزكاة في الذهب والفضة كلّ عام، والحُليّ فضّة أو ذهب، فلا يجوز أنْ يقال:"إلَاّ الحُلي" بغير نصّ في ذلك ولا إِجماع- وبالله تعالى التوفيق".
عن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: "كنت ألبس أَوْضَاحاً (1) من ذهب، فقلتُ: يا رسول الله! أكنزٌ هو؟ فقال: ما بلغَ أن تؤدّى زكاته فليس بكنز"(2).
وعن عبد الله بن شداد بن الهاد؛ أنه قال: دخَلْنا على عائشة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: دخَل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فَتَخَات (3) من وَرِق فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهنّ أتزيّن لك يا رسول الله، قال: أتؤدّين زكاتهن؟ قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: هو حسبُك من النار" (4).
(1) الأوْضَاح: نوع من الحُليّ يُعمل من الفضة؛ سُمّيت بها لبياضها، والوَضح: البياض من كلّ شيء. "النهاية". ملتقطاً.
(2)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1383). وقال: حسن -المرفوع منه فقط- فيُفهم عدم ثبوت المناسبة من حيث السّنَد وقد بيّن ذلك شيخنا -رحمه الله تعالى- في "الصحيحة"(559)، وفيه: وقد روى مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعْتُ عبد الله بن عمر يُسأل عن الكنز ما هو؟ فقال: "هو المال الذي لا تُؤدَّى منه الزكاة" وإسناده صحيح غاية".
(3)
فَتَخَات: جمع فَتْخة وهي خواتيم كبار؛ تُلبس في الأيدي، وقيل: هي خواتيم لا فصوص لها. "النهاية" بحذف، والفُص ما يركَّب في الخاتم من الحجارة الكريمة وغيرها. "الوسيط".
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1384) وغيره، وانظر "الإِرواء"(3/ 296).
وتقدّم الحديث "في الرّقة العُشر" والحُليّ وَرِق يجب فيه حقّ الزكاة كما قال ابن حزم رحمه الله في "المحلّى"(6/ 100).
وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "
…
ليس فيما دون خمس أواق صدقة" (1).
وتقدّم حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي منها حقّها؛ إلَاّ إِذا كان يومُ القيامة؛ صُفّحت له صفائح من نار فأحمي بها جَنْبُه وجبينُه وظهره، كلما بردت؛ أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة
…
" ومعنى الكنز متحقِّق في حُلي الذهب والفضّة كما لا يخفى.
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلّى"(6/ 100) -بعد أن ذكر هذا الحديث-: "فوجبَت الزكاة في كلّ ذهب بهذا النص، وإنما تسقط الزكاة من الذهب؛ عمّن لا بيان في هذا النصّ بإِيجابها فيه؛ وهو العدد والوقت، لإِجماع الأمّة كلّها -بلا خلاف منها أصلاً- على أنّه عليه الصلاة والسلام لم يوجب الزكاة في كُلّ عددٍ من الذهب، ولا في كُلّ وقتٍ من الزمان، فلمّا صحّ ذلك، ولم يأت نصٌّ في العدد والوقت؛ وجَب أنْ لا يُضاف إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلا ما صحّ عنه؛ بنقل آحاد أو بنقل إِجماع، ولم يأت إِجماعٌ قطّ بأنه عليه الصلاة والسلام لم يُرْد إِلا بعض أحوال الذهب وصفاته، فلم يجُز تخصيص شيء من ذلك بغير نصٍّ ولا إِجماع".
وقال الخطابي -رحمه الله تعالى-: "الظاهر من الكتاب يشهد لقول من
(1) أخرجه البخاري: 1447، ومسلم:979.
أوجبَها، والأثر يؤيّده، ومن أسقطها ذهَب إِلى النظر، ومعه طرَف من الأثر، والاحتياط أداؤها" (1).
"وعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت: أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم بطوق فيه سبعون مثقالاً من ذهب، فقلت: يا رسول الله! خُذ منه الفريضة التي جعل الله فيه.
قالت: فأخذ رسول الله مثقالاً وثلاثة أرباع مثقال، فوجَّهه. قالت: فقلت: يا رسول الله! خذ منه الذي جعل الله فيه.
قالت: فقسَم رسول الله على هذه الأصناف الستة، وعلى غيرهم، فقال: فذكَره.
[قالت:] قلت: يا رسول الله! رضيت لنفسي ما رضي الله عز وجل به ورسوله" (2).
قال شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(6/ 1185): "وفي الحديث دلالة صريحة؛ على أنّه كان معروفاً في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم وجوب الزكاة على حُليّ النساء، وذلك بعد أنْ أمَر صلى الله عليه وسلم بها في غير ما حديث صحيح؛ كنت ذكرتُ بعضها في "آداب الزفاف" [ص 264].
ولذلك جاءت فاطمة بنت قيس رضي الله عنها بطوقها إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليأخذ زكاتها منه؛ فليُضَمّ هذا الحديث إِلى تلك، لعلّ في ذلك ما يُقنِع الذين لا يزالون يُفتون بعدم وجوب الزكاة على الحُليّ، فيَحرِمون بذلك
(1)"عون المعبود"(4/ 301).
(2)
انظر "الصحيحة"(2978).