الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالدوالي (1) نصف العُشر" (2).
الأكل من الزرع قبل إِخراج الزكاة
قال ابن حزم رحمه الله في "المُحلّى"(5/ 385): "مسألة: ولا يجوز أن يُعَدّ على صاحب الزرع في الزكاة ما أَكل هو وأهله فريكاً أو سويقاً -قلّ أو كثُر- ولا السنبل الذي يسقط فيأكله الطير أو الماشية، أو يأخذه الضعفاء، ولا ما تصدَّق به حين الحصاد؛ لكن ما صُفّي فزكاته عليه.
برهان ذلك:
…
أن الزكاة لا تجب إِلا حين إِمكان الكيل، فما خرَج عن يده قبل ذلك؛ فقد خرج قبل وجوب الصدقة فيه.
وقال الشافعي والليث كذلك.
وقال مالك وأبو حنيفة: يُعَدّ عليه كل ذلك.
قال أبو محمّد: هذا تكليف ما لا يطاق، وقد يسقط من السنبل ما لو بقي لأتمّ خمسة أوسق، وهذا لا يُمكن ضبطه، ولا المنع منه أصلاً.
والله تعالى يقول: {لا يكلِّف الله نفساً إِلا وُسعَها} (3) ".
(1) الدوالي: جمع دالية وهي الساقية أو الناعورة وهي دولاب ذو دلاء أو نحوها يدور بدفع الماء أو جرّ الماشية؛ فيخرج الماء من البئر أو النهر إِلى الحقل، وانظر "الوسيط".
(2)
أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1472) وانظر "الإرواء" تحت الحديث (799).
(3)
البقرة: 286.
خَرْص (1) النخيل والأعناب
إِذا بدا صلاح النخيل والأعناب وظهر بعينها الحلاوة، فإِنّ تقدير النصاب فيها بالخرص لا الكيل.
فعن أبي حُميد الساعدي رضي الله عنه قال: غَزونا مع النّبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فلمّا جاء وادي القُرى؛ إِذا امرأة في حديقةٍ لها، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: اخرُصوا، وخَرَص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرةَ أَوْسُق، فقال لها: أحْصِي (2) ما يخرج منها
…
فلما أتى وادي القُرى قال للمرأة: كم جاء حديقتُك؟
قالت: عشرةَ أوسُق خَرْصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم" (3).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما "أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر اشترط عليهم أنّ له الأرض، وكلّ صفراء وبيضاء، يعني -الذهب والفضة-
(1) الخَرص: حَزْر ما على النخيل من الرطب تمراً، قال الحافظ بعد التعريف السابق:"حكى الترمذي عن بعض أهل العلم؛ أنّ تفسيره أنّ الثمار إِذا أدركت من الرطب والعنب؛ ممّا تجب فيه الزكاة؛ بعَث السلطان خارصاً ينظر فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا زبيباً، وكذا وكذا تمراً فيُحصيه، وينظر مبلغ العُشر فيُثبته عليهم ويخلي بينهم وبين الثمار، فإِذا جاء وقت الجذاذ؛ أخَذ منهم العشر انتهى، وفائدة الخرص التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها والبيع من زهوها وإيثار الأهل والجيران والفقراء؛ لأن في منعهم منها تَضْييقاً لا يخفى".
(2)
أي: احفظي عدد كيلها، وأصل الإِحصاء: العدد بالحصى؛ لأنهم كانوا لا يُحسنون الكتابة؛ فكانوا يضبطون العدد بالحصى.
(3)
أخرجه البخاري: 1481، ومسلم:1392.
وقال له أهل خيبر: نحن أعلم بالأرض، فأعطِناها على أن نعملها، ويكون لنا نصف الثمرة، ولكم نصفها، فزعم أنّه أعطاهم على ذلك.
فلمّا كان حين يصرم النخيل؛ بعَث إِليهم ابن رواحة، فحزر النخيل -وهو الذي يدعونه أهل المدينة، الخرص- فقال: في ذا: كذا وكذا.
فقالوا: هذا الحقّ، وبه تقوم السماء والأرض فقالوا: قد رضينا أن نأخذ بالذي قُلت" (1).
قال الخطابي: "
…
والخرص عُمِل به في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم أبو بكر وعمر فمَن بعدهم، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم ولا من التابعين ترْكه؛ إلَاّ عن الشعبي" (2).
وسألت شيخنا رحمه الله أيضاً: "ما رأيكم فيمن يرى أنّ الزيتون يُزكّى بالخرص؛ فتؤخذ زكاته زيتاً"؟
فأجاب رحمه الله: "لا، ليس عليه زكاة، ونحن حينما نقول: ليس عليه زكاة؛ نعني الزكاة التي تجب على الأصناف المنصوص عليها في الأحاديث، بمعنى لا نصاب، وتزكّى في كلّ عام، فهذا حينما نُثبته نعنيه، وكذلك حينما ننفيه نعنيه.
وأقصد بهذا لفْت النظر إِلى أنّ هناك زكاةً مطلقة؛ ليس لها هذه القيود، إِعمالاً لقوله تعالى:{وآتوا حقّه يوم حصاده} ".
(1) أخرجه ابن ماجه وإسناده جيد كما في "الإِرواء"(3/ 282).
(2)
انظر "الفتح"(3/ 344).