الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وردّاً على قول الشيخ السيد سابق رحمه الله في "فقه السنة"(1/ 448): "فإِن أفطَر يومي العيد وأيّام التشريق وصام بقيّة الأيّام؛ انتفت الكراهة".
قال شيخنا رحمه الله في "تمام المِنّة"(ص 408): "هذا التأويل خلاف ظاهر الحديث: "لا صام من صام الأبد"، وقوله: "لا صام ولا أفطَر".
وقد بيَّن ذلك العلاّمة ابن القيّم في "زاد المعاد" بما يزيل كلّ شبهة، فقال رحمه الله: "وليس مراده بهذا من صام الأيّام المحرَّمة
…
".
وذكَر نحوه الحافظ رحمه الله في "الفتح"(4/ 180) ".
وجاء في "تمام المِنّة" كذلك (ص 409): "ثمّ قوله (1) أيضاً: "والأفضل أن يصوم يوماً ويفطر يوماً؛ فإِنّ ذلك أحبّ الصيام إِلى الله".
قلت: فهذا من الأدلة على كراهة صوم الدهر مع استثناء الأيّام المحرّمة، إِذ لو كان صوم الدهر هذا مشروعاً أو مستحبّاً؛ لكان أكثر عملاً، فيكون أفضل، إِذ العبادة لا تكون إِلا راجحة، فلو كان عبادة لم يكن مرجوحاً؛ كما تقدّم (2) عن ابن القيّم".
7 - صيام المرأة وزوجها حاضر إِلَاّ بإِذنه
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوم المرأة
(1) أي: الشيخ السيد سابق رحمه الله في "فقه السُّنّة"(1/ 448).
(2)
(ص 408) من الكتاب.
وبعلها شاهد (1) إِلا بإذنه" (2).
وفي رواية: "لا تصوم المرأة يوماً تطوُّعاً في غير رمضان وزوجها شاهد إِلا بإِذنه"(3).
قال شيخنا رحمه الله في "الصحيحة"(1/ 752): "وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أتمّ منه، وفيه بيان سبب وروده، مع فوائد أخرى ينبغي الاطلاع عليها، وهذا نصّه:
قال [أبو هريرة]رضي الله عنه: جاءت امرأة إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ونحن
عنده، فقالت: يا رسول الله! إِنّ زوجي صفوان بن المعطل يضربني إِذا صلّيت، ويُفطّرني إِذا صُمتُ، ولا يصلِّي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس - قال: وصفوان عنده-.
قال: فسأله عمّا قالت، فقال: يا رسول الله! أمّا قولها: "يضربني إِذا صلّيت"؛ فإِنها تقرأ بسورتين [فتعطّلني]، وقد نهيتها [عنهما]. قال: فقال: "لو كانت سورة واحدة؛ لكفت الناس".
وأمّا قولها: "يُفطّرني"؛ فإِنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شابٌّ؛ فلا أصبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تصوم المرأة إِلا بإِذن زوجها".
(1) أي: حاضر.
(2)
أخرجه البخاري: 5192، ومسلم:1026.
(3)
أخرجه الدارمي في "سننه" وإسناده صحيح على شرط مسلم وأبو داود "صحيح سنن أبي داود"(2146)، وانظر "الصحيحة"(395) و"صحيح الترغيب والترهيب"(1039).
وأمّا قولها: "إِني لا أُصلّي حتى تطلع الشمس"؛ فإِنّا أهل بيت؛ قد عُرف لنا ذاك، لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس. قال:"فإِذا استيقظتَ فصلِّ".
أخرجه أبو داود والسياق له، وابن حِبّان، والحاكم، وأحمد بإِسناد صحيح على شرط الشيخين
…
".
جاء في "الفتح"(9/ 296) -بعد حمْل هذا على التحريم-: "قال النووي في "شرح مسلم": وسبب هذا التحريم؛ أنّ للزوج حقَّ الاستمتاع بها في كل وقت، وحقّه واجب على الفور فلا يفوته بالتطوع، ولا بواجب على التراخي، وإِنّما لم يجُز لها الصوم بغير إِذنه.
وإذا أراد الاستمتاع بها جاز ويفسد صومها لأن العادة أنّ المسلم يهاب انتهاك الصوم بالإِفساد، ولا شكّ أنّ الأَولى له خلاف ذلك؛ إِن لم يثبت دليل كراهته.
نعم لو كان مسافراً فمفهوم الحديث في تقييده بالشاهد؛ يقتضي جواز التطوع لها إِذا كان زوجها مسافراً، فلو صامت وقَدِم في أثناء الصيام؛ فله إِفساد صومها ذلك من غير كراهة.
وفي معنى الغَيْبَة أن يكون مريضاً بحيث لا يستطيع الجماع (1).
وحمل المهلَّب النهي المذكور على التنزيه فقال: هو من حسن المعاشرة، ولها أن تفعل من غير الفرائض بغير إِذنه ما لا يضرّه ولا يمنعه من واجباته، وليس له أن يُبطل شيئاً من طاعة الله إِذا دخلت فيه بغير إِذنه اهـ. وهو
(1) ولكن إِذا رأى قصوراً منها في خدمة الأبناء فله منْعها؛ لأنّ له القوامة في ذلك كما لا يخفى. والله أعلم.