الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبوَّب ابن خزيمة رحمه الله في "صحيحه"(4/ 70): (باب إِذْن الإِمام للعامل بالتزويج، واتخاذ الخادم والمسكن من الصدقة)، ثمّ ذكر حديث المستورد بن شدّاد رضي الله عنه.
قال في "المغني"(2/ 518): "ويُعطى منها أجر الحاسب والكاتب والحاشد والخازن والراعي ونحوهم، فكلّهم معدودون من العاملين عليها؛ ويُدفع إِليهم من حصة العاملين عليها".
4 - المؤلفة قلوبهم:
والمؤلفة قلوبهم أقسام:
منهم من يُعطى لِيُسْلم؛ كما أعطى النّبيّ صلى الله عليه وسلم صفوان بن أميّة من غنائم حُنين؛ وقد كان مُشركاً.
فعن ابن شهاب قال: "غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح -فتح مكة- ثمّ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين، فاقتتلوا بحُنين، فنصَر الله دينه والمسلمين، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صفوان بن أميّة مائة من النعم، ثمّ مائة، ثمّ مائة.
قال ابن شهاب: حدثني سعيد بن المسيب أنَّ صفوان قال: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إِليَّ، فما برِح يعطيني؛ حتى إِنه لأحبّ الناس إليَّ" (1).
وعن أنس رضي الله عنه قال: "ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإِسلام
(1) أخرجه مسلم: 2313.
شيئاً إِلا أعطاه، قال: فجاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجَع إلى قومه، فقال: يا قوم! أسلِموا، فإِنّ محمّداً يعطي عطاءً؛ لا يخشى الفاقة".
وفي رواية: "أنّ رجلاً سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم غنماً بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أي قوم! أسلموا، فوالله! إِنّ محمّداً ليعطي عطاءً؛ ما يخاف الفقر فقال أنس: إِنْ كان الرجل ليُسْلِم ما يريد إِلا الدنيا، فما يُسْلِم حتى يكون الإِسلام أحب إِليه من الدنيا وما عليها"(1).
ومنهم من يُعطى ليحسن إسلامُه، ويثبّت قلبه كما أعطى يوم حنين أيضاً جماعة من صناديد (2) الطلقاء وأشرافهم مائة من الإِبل وقال:"إِني لأُعطي الرجل وغيره أحبّ إِليّ منه، خشية أن يكبّه الله في النار"(3).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن، بذهبة (4) في تربتها (5)، إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسَمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلي، وعُيينة بن بدر (6) الفزاري، وعلقمة بن عُلاثة العامري، ثم أحد بني كلاب، وزيد الخير (7) الطائي، ثم
(1) أخرجه مسلم: 2312.
(2)
أي. سادة.
(3)
أخرجه البخاري: 27، ومسلم:150.
(4)
هكذا لفظ مسلم ولفظ البخاري: "بذُهَيبة".
(5)
أي: غير مسبوكة.
(6)
وهو عُيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري.
(7)
وزيد الخير: كذا هو في جميع النسخ (الخير) بالراء وفي الرواية التي بعدها =
أحد بني نبهان.
قال: فغضبت قريش فقالوا: أيُعطي [أتُعطي] صناديد نجد ويدعنا؟ [وتدعنا] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنّي إِنّما فعلْتُ ذلك لأتألَّفهم" (1).
ومنهم من يُعطى لما يُرجى من إِسلام نظرائه.
ومنهم من يُعطى ليجبي الصدقات ممّن يليه، أو ليدفع عن المسلمين الضرر.
قال شيخ الإِسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى"(25/ 40): "قال: -أي: أبو جعفر الطبري رحمه الله:
…
والصواب أن الله جعل الصدقة في معنيين:
أحدهما: سد خلّة المسلمين. والثاني: معونة الإِسلام، وتقويته. فما كان معونة للإِسلام، يُعطى منه الغني والفقير، كالمجاهد ونحوه، ومن هذا الباب يُعطى المؤلفة، وما كان في سد خلّة المسلمين".
وسألت شيخنا رحمه الله: يقول بعض العلماء: إِعطاء المؤلفة قلوبهم من مصارف الزكاة قد سقط بانتشار الإِسلام وغلبته، وقال آخرون: الظاهر جواز التأليف عند الحاجة إِليه، فهل ترون الأخير؟
فأجاب رحمه الله: "بلا شكّ".
= زيد الخيل باللام. وكلاهما صحيح، يقال بالوجهين، كان يقال له في الجاهلية زيد الخيل، فسمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإِسلام زيد الخير. "شرح النووي"(7/ 161).
(1)
أخرجه البخاري: 4351، ومسلم: 1064 وهذا لفظه.