الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العشر-".
هل يشترط الحَوْل والنصاب في الركاز
؟
لا اعتبار للنصاب والحول في الركاز؛ بل تجب فيه الزكاة على الفور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وفي الركاز الخُمس"(1).
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 365): "واتفقوا [أي: الجمهور] على أنّه لا يشترط فيه الحول، بل يجب إِخراج الخمس في الحال".
قال شيخنا رحمه الله في "تمام المِنّة"(ص 377): "والظاهر من إِطلاق الحديث: "وفي الركاز الخمس"، عدم اشتراط النصاب، وهو مذهب الجمهور، واختاره ابن المنذر والصنعاني والشوكاني وغيرهم".
مصرفه:
قال شيخنا رحمه الله في "تمام المِنّة"(ص 378): "
…
مصرفه يرجع إِلى رأي إِمام المسلمين؛ يضعه فيما تقتضيه مصلحة الدولة، وهو الذي اختاره أبو عبيد في "الأموال".
وكأنّ هذا هو مذهب الحنابلة، حيث قالوا في مصرف الركاز. يُصرف مصرف الفيء المطلق للمصالح كلّها".
هل في المعادن زكاة
؟
لم يَرِدْ نصٌّ في إِيجاب الزكاة في المعادن، إِلا ما سبق القول في الصدقة
(1) أخرجه البخاري: 1499، ومسلم: 1710، وتقدّم.
المطلقة غير المقنّنة.
هذا وقد ذكر عبد الرحمن بن قدامة المقدسي -رحمه الله تعالى- جمعاً من العلماء يَرْون الزكاة على المعادن قال: "قال الشافعي ومالك: لا تتعلّق الزكاة إلَاّ بالذهب والفضة
…
ولأنّه مال مُقوَّم مستفاد من الأرض؛ أشبه الطين الأحمر" (1).
وروى مالك (1/ 248/8) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية -وهي من ناحية الفرع- فتلك المعادن لا يُؤخَذ منها إِلى اليوم إلَاّ الزكاة".
ورواه عن مالك أبو داود (3061) وأبو عبيد (338/ 863) والبيهقي (4/ 152) وقال: "قال الشافعي (2): ليس هذا مما يُثبِته أهل الحديث روايةً، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم إِلا إِقطاعه، فأمّا الزكاة في المعادن دون الخمس؛ فليست مرويّة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيه".
قال البيهقي: "هو كما قال الشافعي في رواية مالك، وقد روي عن عبد العزيز الدراوردي عن ربيعة موصولاً".
وضعّفه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء" تحت رقم (830).
وجاء في كتاب "الأمّ"(4/ 153) للإِمام الشافعي رحمه الله: "وإذا عمل في المعادن؛ فلا زكاة في شيء مما يخرج منها؛ إِلا ذهب أو وَرِق، فأمّا الكحل والرَّصاص والنّحاس والحديد والكبريت وغيره؛ فلا زكاة فيه.
(1) انظر "الشرح الكبير"(2/ 580).
(2)
انظر كتاب "الأمّ"(4/ 154).
وإذا خرج منها ذهب أو وَرِق ويميز؛ فكان غير متميز؛ حتى يُعالج بالنار أو الطّحْن أو التحصيل؛ فلا زكاة فيه حتى يصير ذهباً أو وَرِقاً، ما اختلط به من غيره.
فإِن سأل رب المعدن المصدِّق؛ أن يأخذ زكاته مُكايلَةً أو موازنة أو مُجَازَفَة؛ لم يكن له ذلك، وإِنْ فعل فذلك مردود، وعلى صاحب المعدن إِصلاحه حتى يصير ذهباً أو ورقاً، ثمّ تؤخذ منه الزكاة.
ولا يجوز بيع تُراب المعادن بحال؛ لأنه فضَّة أو ذهب مُختلط بغيره غير متميز منه.
وقد ذهب بعض أصحابنا، إِلى أن المعادن ليس بركاز، وأنَّ فيها الزكاة".
ثمّ ذكر الحديث السابق وضعّفه.
وقال ابن حزم رحمه الله في "المُحلّى"(5/ 333): "وأمّا المعادن: فإِنّ الأمّة مجمِعةٌ بلا خلاف من أحد منها؛ على أنّ الصُّفر والحديد والرصاص والقزدير؛ لا زكاة في أعيانها، وإنْ كثُرت!
ثم اختلفوا إِذا مُزج شيء منها في الدنانير والدراهم والحُليّ.
فقالت طائفة: تُزكّى تلك الدنانير والدراهم بوزنها.
قال أبو محمّد: وهذا خطأ فاحش، لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقط الزكاة نصّاً فيما دون خمس أواقي من الوَرِق، وفيما دون مقدارها من الذهب، ولم يوجب -بلا خلاف- زكاةً في شيء من أعيان المعادن المذكورة.
فمن أوجب الزكاة في الدنانير، والدراهم الممزوجة بالنحاس أو الحديد
أو الرصاص أو القزدير؛ فقد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين-:
إِحداهما: في إِيجابه الزكاة؛ في أقلّ من خمس أواقي من الرِّقة.
والثانية: في إِيجابه الزكاة في أعيان المعادن المذكورة؟
وأيضاً: فإِنّهم تناقضوا إِذ أوجبوا الزكاة في الصفر والرصاص والقزدير والحديد؛ إِذا مزج شيء منها بفضة أو ذهب، وأسقطوا الزكاة عنها إِذا كانت صرفاً؛ وهذا تحكُّم لا يحلّ!
وأيضاً؛ فنسألهم عن شيء من هذه المعادن، مُزج بفضّة أو ذهب؛ فكان الممزوج منها أكثر من الذهب ومن الفضة؟
ثم لا نزال نزيدهم، إِلى أن نسألهم عن مائتي درهم، في كل درهم فلس فضة فقط، وسائرها نحاس.
فإِن جعلوا فيها الزكاة أفحشوا جداً، وإن أسقطوها؛ سألناهم عن الحد الذي يوجبون فيه الزكاة والذي يُسقِطونها فيه".
وجاء في "الروضة الندية"(1/ 475): "ولا زكاة في غيرها من الجواهر؛ كالدر والياقوت والزمرد والماس واللؤلؤ والمرجان ونحوها؛ لعدم وجود دليل يدل على ذلك، والبراءة الأصلية مستصحبة.
أقول -الكلام لصاحب الروضة-: ليس من الورع ولا من الفقه، أن يوجب الإِنسان على العباد؛ ما لم يوجِبه الله عليهم؛ بل ذلك من الغلو المحض، والاستدلالُ بمِثل {خُذ من أموالهم صدقة} (1) يستلزم وجوب
(1) التوبة: 103.
الزكاة في كل جنس من أجناس ما يصدُق عليه اسم المال، ومنه الحديد والنحاس والرصاص، والثياب والفراش والحجر والمدر (1)، وكل ما يقال له مال -على فرض أنه ليس من أموال التجارة-.
ولم يقُل بذلك أحد من المسلمين، وليس ذلك لورود أدلة؛ تخصّص الأموال المذكورة من عموم {خُذ من أموالهم} حتى يقول قائل: إِنّها تجب زكاة ما لم يخصه دليل؛ لبقائه تحت العموم.
بل الذي شرع الله فيه الزكاة من أموال عباده، هو أموال مخصوصة، وأجناس معلومة، ولم يوجب عليهم الزكاة في غيرها.
فالواجب حمل الإِضافة في الآية الكريمة على العهد، لِما تقرَّر في عِلم الأصول، والنحو والبيان، أنّ الإِضافة تنقسم إِلى الأقسام التي تنقسم إِليها اللام، ومن جملة أقسام اللام العهد، بل قال المحقق الرضي: إِنه الأصل في اللام.
إِذا تقرر هذا فالجواهر واللآلئ والدر والياقوت والزمرد والعقيق واليسر، وسائر ما له نفاسة وارتفاع قيمة؛ لا وجه لإيجاب الزكاة فيه، والتعليل للوجوب بمجرد النفاسة؛ ليس عليه أثارة من عِلم.
ولو كان ذلك صحيحاً، لكان في المصنوعات من الحديد، كالسيوف والبنادق ونحوها، ما هو أنفس وأعلى ثمناً، ويلحق بذلك الصين، والبلور واليشم (2)، وما يتعسر الإِحاطة به؛ من الأشياء التي فيها نفاسة، وللناس إِليها
(1) هو الطين اللزِج المتماسك.
(2)
مجموعة من المعادن الصّلْدَة التي تتدرّج ألوانها من الأبيض تقريباً إِلى الأخضر الأدْكن. "الوسيط".