الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وترجم له ابن خزيمة في "صحيحه"(4/ 39) بقوله: "باب الزجر عن إِخراج الحبوب والتمور الرديئة في الصدقة؛ قال الله عز وجل: {ولا تيمّموا الخبيث منه تُنفِقون ولستم بآخذيه إِلا أن تُغمِضوا فيه} .
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: "دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وبيده عصاً، وقد علّق رجُلٌ منّا حَشَفاً، فطعَن بالعصا في ذلك القِنو وقال: لو شاء ربّ هذه الصدقة؛ تصدَّق بأطيبَ منها". وقال: "إِنَّ رَبّ هذه الصدقة يأكل الحَشَفَ يوم القيامة"(1).
زكاة العسل
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ في زمانه من قرب العسَل؛ من كل عشر قِرب قِرْبة؛ من أوسطها"(2).
وعن أبي سيارة المتّقي رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسول الله! إِنَّ لي نحلاً، قال: أدِّ العُشر، قلت: يا رسول الله! احمِها (3) لي فحماها له" (4).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في العسل
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(1419).
(2)
أخرجه أبو عبيد في "الأموال" وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1477) وغيرهما، وصححه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(810).
(3)
احمها: أي: احفظها حتى لا يطمع فيه أحد. حاشية "السندي على سنن ابن ماجه"(1/ 559).
(4)
أخرجه ابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(1476).
في كلّ عشرة أزُقّ زِقّ" (1).
وجاء في "تمام المِنّة"(ص 374) لشيخنا في الردّ على السيد سابق -رحمهما الله- في ذِكْره قول البخاري "ليس في زكاة العسل شيء يصحّ": "أقول [أي: شيخنا -رحمه الله تعالى-]: ليس هذا على إِطلاقه، فقد روي فيه أحاديث؛ أحسنها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأصحّ طُرقه إِليه طريق عمرو بن الحارث المصري عن عمرو بن شعيب
…
بلفظ: "جاء هلال أحد بني مُتعان إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له، وكان سأله أن يحمي له وادياً يقال له:(سَلَبَة)، فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادي.
فلمّا وَلِيَ عمر بن الخطاب، كتب سفيان بن وَهْب إِلى عمر يسأله عن ذلك، فكتب عمر: إِنْ أدّى إِليك ما كان يؤدّي إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور (2) نحله، فاحْمِ له (سَلَبته)، وإِلا فإِنما هو ذباب غيث (3) يأكله من يشاء".
قلت: وهذا إِسناد جيد، وهو مخرج في "الإِرواء"(810)، وقواه الحافظ في "الفتح"، فإِنّه قال عقبه (3/ 348): "وإسناده صحيح إِلى عمرو،
(1) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي"(514).
(2)
جمع عشر والمراد من كل عشر قِرَب قربة.
(3)
أي: وإنْ لم يؤدّوا عشور النحل، فالعسل مأخوذ من ذباب النحل [فلا يلزم عليك حِفْظه، لأن الذباب غير مملوك، فيحلّ لِمن يأخذه]، وأضاف الذباب إِلى الغيث؛ لأنَّ النحل يقصد مواضع القطر؛ لما فيها من العشب والخصب. "عون"(4/ 342) وما بين معقوفين قاله السندي رحمه الله.
وترجمة عمرو قوية على المختار، لكن حيث لا تعارض
…
إلَاّ أنّه محمول على أنه في مقابلة الحمى كما يدل عليه كتاب عمر بن الخطاب".
وسبقه إِلى هذا الحمل ابن زنجويه في "الأموال"(1095 - 1096)، ثمّ الخطابي في "معالم السنن"(1/ 208)، وهو الظاهر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ولدقة المسألة حديثياً وفقهياً، اضطرب فيه رأي الشوكاني، فذهب في "نيل الأوطار"(4/ 125) إِلى عدم وجوب الزكاة على العسل، وأعلّ أحاديثه كلها، وأما في "الدرر البهية " فصرَّح بالوجوب، وتبعه شارحه صديق خان في "الروضة الندية"(1/ 200)، وأيَّد ذلك الشوكاني في "السيل الجرار"(2/ 46 - 48)، وقال:"وأحاديث الباب يُقوّي بعضها بعضاً".
فلم ينتبه إِلى الفَرق، واختلاف دلالة بعضها عن بعض، فهذه الطريق الصحيحة دلالتها مقيّدة بالحَمي -كما رأيت- والأخرى مطلقة، ولكنها ضعيفة لا تنهض للاحتجاج بها، كما قال هو نفسه في "النيل"، ثم تبنى العمل بها في المصدرين المشار إِليهما، ونسي قاعدة "حمل المطلق على المقيد" التي يُكرّرها في كثير من المسائل التي تتعارض فيها الأدلة، فيجمع بينها بها.
إِذا تبين هذا؛ فنستطيع أن نستنبط مما سبق؛ أنّ المناحل التي تتخذ اليوم في بعض المزارع والبساتين لا زكاة عليها، اللهمّ إلَاّ الزكاة المطلقة؛ بما تجود به نفسه، على النحو الذي سبَق ذِكره في عروض التجارة. والله أعلم". انتهى.
قال السندي: " .. وعُلِم أنَّ الزكاة فيه غير واجبة على وجه يجبر صاحبه