الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
صنف يفيد استواء الطرفين، لا له ولا عليه؛ كما في حديث: عبيد الأعرج قال: "حدَّثتني جدتي أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدّى، وذلك يوم السبت، فقال: تعالي فكلي، فقالت: إِني صائمة، فقال لها: صمتِ أمس؟ فقالت: لا، فقال: فكلي؛ فإِنّ صيام يوم السبت لا لك ولا عليك"(1).
3 -
صنف ثالث يفيد تحريم صيام يوم السبت إِلا لفريضة وقد مضى في أوّل الكلام في موضوعنا؛ من حديث الصمَّاء رضي الله عنها.
فكيف يكون التعامل مع هذه النصوص
؟
إِنَّ من لم يصم السبت لغير فريضة؛ لم يُعارض هذه النصوص أبداً، وهذا يتمشّى مع القاعدة المعروفة "الحاظر مقدّم على المبيح"(2).
جاء في كتاب "الاعتبار" للعلاّمة الحازمي رحمه الله (ص 39) إِشارة إِلى أنه في غير السبت: "
…
ولأنّ الإِثم حاصل في فِعل المحظور، ولا إِثم في ترْك المباح، فكان الترك أولى".
وقال رحمه الله (ص 35): في وجوه الترجيح: "
…
أن يكون أحد الحديثين قولاً والآخر فِعلاً، فالقول أبلغ في البيان؛ ولأنّ النّاس لم يختلفوا في كون قوله حُجّة، واختلفوا في اتباع فِعله، ولأنّ الفِعل لا يدلّ لنفسه على شيء؛ بخلاف القول فيكون أقوى".
(1) أخرجه أحمد وغيره، وانظر "الصحيحة"(225).
(2)
قاعدة "الحاظر مقدّم على المبيح"، و"القول مقدّم على الفعل" عند التعارض ممّا يذكره شيخنا رحمه الله في موضوع صيام السبت لغير الفريضة، وتحريم الشرب قائماً لغير ضرورة.
ويكون قد نجا من عمل بلا ثواب ولا عقاب "لا لك ولا عليك".
وقال شيخنا رحمه الله بعد حديث: "لا تصوموا يوم السبت
…
".
والحديث ظاهره النّهي عن صوم السبت مطلقاً إِلا في الفرض، وقد ذهب إِليه قومٌ من أهل العلم كما حكاه الطحاوي، وهو صريحٌ في النهي عن صومه مفرداً، ولا أرى فرقاً بين صومه -ولو صادف يوم عرفة أو غيره من الأيّام المفضَّلة- وبين صوم يوم من أيّام العيد إِذا صادف يوم الاثنين أو الخميس؛ لعموم النهي، وهذا قول الجمهور فيما يتعلّق بالعيد؛ كما في "المحلّى"(7/ 27).
وقال الشيخ محمود مهدي إِستنبولي رحمه الله في كتابه "صوم رمضان"(ص 49): "قلت: والحديث صريح في النهي القطعيِّ عن صومه، ولم يُشِر إِلى كونه منفرداً أو مخصوصاً، فالحمل للحديث على ظاهره هو الأصل. والله أعلم".
ويذكّرنا شيخنا رحمه الله بقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنّك لن تدَع شيئاً لله عز وجل إلَاّ بدّلك الله به ما هو خيرٌ لك منه"(1) فلا يحزنك أنّك لم تصم عرفة أو عاشوراء إِذا وافق السبت؛ لهذا الحديث.
ويحضرني في هذا المقام ما قاله البخاري رحمه الله في "صحيحه" "ما يُذكَر في الفخِذ
…
وقال أنس: حسر النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن فَخِذه (2)، وحديث
(1) أخرجه وكيع في "الزهد" وعنه أحمد وغيره، وسنده صحيح على شرط مسلم، وانظر "الضعيفة" تحت رقم (5).
(2)
أخرجه البخاري معلقاً وموصولاً: 371، وانظر "الفتح"(1/ 478) -إِن شئت - للمزيد من الفائدة، وانظر أيضاً "صحيح مسلم"(2401).