الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورسوله في الصيام، ويفسد الصوم بها، لكان هذا ممّا يجب على الرسول بيانه، ولو ذَكَر ذلك لعلِمه الصحابة وبلّغوه الأمّة؛ كما بلغوا سائر شرْعه، فلمّا لم يَنقُل أحد من أهل العلم عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك لا حديثاً صحيحاً ولا ضعيفاً ولا مسنداً ولا مرسلاً؛ عُلِم أنّه لم يذكر شيئاً من ذلك.
والحديث المرويّ في الكحل ضعيف. رواه أبو داود في "السنن" ولم يروه غيره، ولا هو في مسند أحمد، ولا سائر الكتب المعتمدة".
ثمّ أشار رحمه الله إِلى ما رُوي عنه: "أنّه أمر بالإِثمد المروَّح (1) عند النّوم وقال: ليتقه الصائم وبيَّن أقوال بعض العلماء في عدم ثبوته.
وقال رحمه الله (ص 245): "
…
فالصائم نُهِي عن الأكل والشرب؛ لأنّ ذلك سبب التقوّي، فترك الأكل والشرب الذي يُولِّد الدم الكثير الذي يجري فيه الشيطان؛ إِنّما يتولد من الغذاء لا عن حقنة ولا كحل، ولا ما يقطر في الذكَر ولا ما يداوى به المأمومة (2) والجائفة (3)
…
".
وسألت شيخنا رحمه الله عن الحقنة؛ فبيّن أنّه يرى جوازها لغير التغذية، وأنها تفطّر إِذا كانت للتغذية من أيّ طريق.
7 - الحجامة
عن ثابت البُنَاني قال: "سُئل أنس بن مالك رضي الله عنه أكنتم
(1) أي: المطيّب بالمسك؛ كأنّه جُعل له رائحة تفوح بعد أن لم تكن له رائحة. "النهاية".
(2)
المأمومة: أي: الشجّة في الرأس تصِل إِلى أمّ الدماغ، وتقدّم.
(3)
الجائفة: الطعنة التي تبلغ الجوف، وتقدّم.
تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إِلا من أجل الضعف" (1).
عن ابن عبّاس رضي الله عنهما "أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم"(2).
وعن ابن عبّاس وعكرمة رضي الله عنهم قالا: "الصوم ممّا دخَل وليس ممّا خرَج"(3).
ولا يعكّر على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "أفطر الحاجم والمحجوم"(4).
قال شيخنا رحمه الله في "مختصر البخاري"(1/ 455) -بحذف-:
"
…
لكنّ الحديث منسوخ، وناسخه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:"أَرْخَص النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم" وهو صحيح كما بينته هناك (5).
وجاء في "الإِرواء"(4/ 74): "وفي "الفتح" (4/ 155): وقال ابن حزم: صحّ حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: "أرخص النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم". وإسناده صحيح، فوجب الأخذ به، لأنّ الرخصة إِنّما تكون بعد العزيمة، فدل على
(1) أخرجه البخاري: 1940.
(2)
أخرجه البخاري: 1939.
(3)
قال الحافظ رحمه الله في "الفتح": "وصَله ابن أبي شيبة وقال شيخنا رحمه الله: " .. بإِسنادين صحيحين عنهما" "مختصر البخاري" (1/ 455).
(4)
وهو حديث صحيح خرّجه شيخنا رحمه الله في "الإِرواء"(931).
(5)
أي: "الإِرواء"(4/ 74).